أصبح الإعلام العربي أشد فتكا بالشعوب من كتائب العسكر المتمردين وعصابة الملوك والأمراء المتشددين ومسلحي الغرب المتطرفين وحتى من تنظيم إسرائيل الإرهابي فكل يتهم و يتبرأ من الدولة الإسلامية في العراق والشام ويدَّعي أنه يقاتلها وتقاتله إرضاءا للمتناوبين على كراسي الغرب
وحفاظا على الملازمين لكراسي الشرق وحول ذلك يدندن الإعلام خاصة وعامه !! تراه يحرض على من عاداه ولو كان أعدل العادلين ويغني على ليلاه ولو كان أخطر المجرمين بداية من عناوين الأخبار وانتهاءا بأعمق التحليلات سياسية كانت أو عسكريه ! حيث صار الكذب صدقا والتلفيق سبقا والتضليل تحليلا والشرق غربا والغرب شرقا !! يكفي لعبادي مثلا حرجا وجرحا أنه يبالغ في ولائه المزدوج للروم والفرس ولا يأهله هؤولاء لقيادة حرب عدو لهم وعدو له ؛ ولا يوكله أولئك في قسمة ما يستحقه عدو لهم وعدو له !! فيما يعتبره إعلامنا الخبيث قائدا عربيا أصيلا !! يتحالف بشار مع المجوس ويحتمي بالمغول لقتل المسلمين أطفالا ونساءا ورجالا ليراه إعلامنا الحاقد مقاوما ممانعا بطلا !! ويعبث السيسي بأقوى جيش عربي بقتل المصريين أصالة عن نفسه والليبيين وكالة عن الغرب واليمنيين عن الخليج والفلسطينيين عن اليهود ليمثل لإعلامنا المرتزق قوميا عربيا مقداما!! ولقد تحولت عاصفة الحزم إلى كاشفة الوهم وإعادة الأمل إلى إبادة الألم والشرعية إلى انفصالية والحوار إلى دمار والأمن إلى ثمن !! وترى صاحبة الرأي والرأي الآخر المبهمين ومنافستها القديمة الجديدة !! التي ومنذ قيام الربيع العربي(بنقطة على حرف العين أو بباء تسبق الراء) علمنا من خلاله أن الرأي هو رأي آل خليفه وقد كتبتُ مقالا آنذاك تحت عنوان "لن تستعيدوا ثقتنا ولو هرمنا"! إذ أصبحت تطيح بمن لا يوافقهم سياسيا ورغم أن الاحتجاجات عمت كل البلدان العربية دون استثناء لم تذكر أيا من (الآل) لكن دورهم قادم لا محالة !! أما الرأي الآخر فعلمناه من خلال (عاصفة الحزم) وما أحوجنا إلى عواصف إعلامية؛ وبعد خمسة وأربعين يوما من القصف بمعدل مئة طلعة يوميا لم تذكر مدنيا واحدا قتل إلا على يد الحوثيين والموالين لصالح ولم تتحدث إلا عن الموالين للحرب العاصفة الحازمة حتى ولو كان من هؤولاء!! وتجد صعوبة في ضحكها على نفسها ومن يصدقها في إثبات متناقضين : أنك لم تعد ترى للحوثيين من باقية وفي الوقت ذاته أن تلك الباقية التي لم تعد تراها تقتل العشرات وتجرح المئات يوميا من المدنيين !! وكان جديرا بشعارها أن يكون رأي آل خليفة ورأي آل سعود(الآخر)أو(الأخير)! أما كان حريا بمقرن أن يطالب عبد الملك الحوثي بعاصفة حزم في السعودية من أجل شرعيته والمد الغربي على غرار هادي وشرعيته ؟! ولا أرى الأخير أقرب إلى إيجاد موطئ قدم آمن هنا من الأول في العودة إلى ولاية أو ولاية ولاية العهد هناك !! تُقام حرب مدمرة باستعمال أسلحة (محرمة) دوليا على شعب مسلم عربي فقير بحجة (شرعية) هادي وأمن الخليج الذي يتهافت اليوم أمراؤه على كامب ديفد لتطمئنهم بلاد العم سام من تهديد إيران (مستجيرين من الرمضاء بالنار)! ويقرها مجلس أمن مسلحي الغرب المتطرفين الذي اكتفى في أفغانستان بإسقاط طالبان التي أعلنت الحكم بشرع الله وفي العراق بتصفية صدام الذي قصف يوما تل آبيب واكتفى بقتل القذافي لحمله أسرارا تفضح بعض المسؤولين الغربيين وبتدمير أسلحة بشار الكيميائية التي قد تهدد أمن اليهود !! ثم ترك هذه الشعوب تواجه مصيرها بفتن طائفية لا تبقي ولا تذر لتصبح الأمة دويلات متناحرة ويصبح السلاح ثمة التجارة الأكثر رواجا !! لو سمعنا تسريبا لأي أمير في زمن التسريبات لدعونا بالرحمة للحجاج وتفكرنا من عدله!! ولو قُدِّرت لنا ثروة أفقر الأمراء لأشفقنا على بن علي ومبارك وصالح واعتبرناهم من المستحِقين للصدقات بين حكام العرب!! يُحوِّل إعلامنا البائس المسكين المجاهدين إلى مجرمين والمستبدين إلى عادلين والمنبطحين إلى معتدلين وتُدفع أموال لتسويق ذلك في الرأي العام العربي والإسلامي وتُرصد ثروات شعبنا الأبي باسم التصدي لذلك!! فاللهم إسترنا بسترك الجميل !! ولئن كان مسلحوا الغرب المتطرفين وتنظيم إسرائيل الإرهابي يكيلون الأحداث بمكيالين فإن إعلامنا التافه المخادع يكيل بمكاييل حسب الولاء والأكثر تمويلا ودفعا !! ولئن كان لدى الخليج فائض في الأسلحة أو بالأحرى كساد غربي فيها : ففلسطين ليست أقل عروبة والأقصى ليس أقل قدسية من عدن والمد اليهودي أظهر وأشنع والتعتيم الإعلامي هناك أجدر بالفضح فليرينا براعته في القتال والسيطرة والتصدي والسبق والتحقيق !! رغم أن إيران نفسها كسرت الحصار جوا فقُصف مدرج مطار صنعاء وعادت الطائرة الخارقة سالمة وتحدت الحصار البحري أيضا فأحال (حُماتنا) الخرق إلى الحكومة (الشرعية) ثم إلى وعد روزفلت و آيزنهور بحماية الخليج وقد لا تُفكر إيران والحمد لله في خرق الحصار بريا لأنها ليس بينها واليمن طريقا بريا أولا ثم إنها لا تريد مجرد إحراج دول الخليج ثانيا ؛ خاصة قبل توقيع الإتفاق النووي مع الغرب ؛ ولأن التحالف الخليجي لن يجد ما يقصفه أو من يحيل الأمر إليه !! في ظل هدنة سبقها تبادل التشكيك في النوايا ولحقها تبادل اتهام الخرق بالقصف من إعلام الطرفين ونحن لا ندري من نصدق ومن نكذب ؛ من نبرئ ومن نتهم !! ولأنَّ ما يجري في جميع بلاد المسلمين يهمنا : لم نجد بدا من الرجوع إلى الإعلام الغربي عله يكون أقل كذبا أو أقرب إلى الحياد وما زادنا إلا تشكيكا في الطرفين المتصارعين من العراق مرورا بسوريا إلى اليمن والمستفيد الوحيد هم صناع السلاح في الغرب وأمتنا الإسلامية تتمزق وإعلامنا يفرق والخليج بالعروبة يتشدق !!قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ)!! وقد آن الأوان أن يقال للتحالف الخليجي أن عاصفته فشلت فشلا فظيعا عسكريا ذريعا سياسيا وشنيعا إعلاميا ولا مجال ولا منطق لإصرارهم على أن يكون الحوار في الرياض أكثر من أن يكون حوارا ناجحا جالبا للسلم والأمن لليمنيين !! وإننا إذ لم نر ما يتفق عليه إعلامنا إلا أن سبب كل الإجرام في المنطقة هو الدولة الإسلامية في العراق والشام وهذه أكبر كذبة إعلامية فيما اتفقوا فيه فما بالك بما يختلفون فيه؟ !! يُروِّج من يوالي الغرب أنه يقاتلها لأن الغرب يدعمها!! ومن يوالي إسرائيل يدَّعي أنه يقاتلها لأن الأخيرة تدعمها !! قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ.)!! فالإعلام العربي هو رأس كل خطيئة وقد آن الأوان لربيع عربي إعلامي وعاصفة حزم إعلامية والسبق الوحيد الذي لن يُلحق هو أن الإعلام لن يكون حياديا ولو مرة ليقول أن الشعوب المسلمة والعربية تريد إسقاط الإعلام !!