البيئة والعدالة (تلوث شواطئ نواكشوط مثلا) / عبد الفتاح ولد اعبيدن

قال لي أحد المواطنين قبل أيام قليلة، ولعله يتكلم باسم الجميع تقريبا، هل يعقل أننا بلا طعام ولا شراب، ولا مأوى تقريبا، إلا النزر  القليل وعزيز وبعض أهله وحاشيته متخمون؟!.
وعلى أرض الواقع تتحرك دوريات متعددة من الدرك

 "القطاع الأمني الوحيد الذي مازالت به بقية مصداقية رمزية"، تتحرك على الشاطئ قبالة نواكشوط، لمنع المواطنين من مجرد الاقتراب من الشاطئ الملوث، تلوثا غامضا حتى الآن!.
الصورة الأولى، اعتراض سياسي، ذي طابع إنساني مؤلم وواقعي، بالنسبة لمن يريد الاعتراف ببعض الحقيقة المعيشية المرة، للكثير من ساكنة العاصمة وغيرها من أرجاء الوطن المغدور، والصورة الثانية بيئية بحرية -ظاهريا- بامتياز.
فهل بين الصورتين من رابط مباشر أـو غير مباشر؟!.
أجل، إنه غياب العدل، ولذلك ربط القرآن بين تنزل البركات وشيوع التقوى ورسوخها، وبين الدمار والهلاك - ولو على تفاوت أحيانا- وبين الترف والبعد عن قيم الحق والعدل، ولو جزئيا.
قال الله عز وجل: "ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض".
وقال جل شأنه: " وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا".
عزيز في مؤتمر صحفي سابق، وهو جالس على أريكته، يهدد الزميل وديعه ويدافع عن شريكه في الغبن واستغلال الشأن العام والمال العمومي بوجه خاص، الشيخ ولد باي، ويخفف مما قال المعني، إبان الحملة، المنصرمة "البرلمانية 2013" في شأن إمتلاكه لمليارات، نعني طبعا الشيخ ولد باي العمدة الحالي لبلدية ازويرات.
يقول عزيز الحاكم الإنقلابي المتغلب الحالي، تعليقا على كلام الشيخ المثير، ضمن إحدى خرجاته المثيرة حول ثروته المثيرة أيضا، يقول صاحبه مدافعا عنه محمد ولد عبد العزيز، ما معناه، إنه كلام حملات فحسب!.
يدافع عن المسيئ بوضوح وجلاء، ويتحامل على صحفي أعزل إلا من الكرامة والشجاعة الأدبية، ويتجاهل معاناة، الرعية لصالح الحاشية المتزلفة، الموالية دون تمييز بسبب الطمع والخوف؟!.
وبعد ذلك تطمعون أن تسلم المياه من التلوث، بعد ما تلوثت قلوب الجميع تقريبا، بمباركة الواقع الفاسد، إما تحت ضغط الطمع أو الخوف أو اليأس غالبا وطول التعايش مع الجاهلية العزيزية، المقززة المقرفة!.
يا سبحان الله، وصل الخطر إلى الشواطئ وأمننا الغذائي، وهم يلعبون!.
قد تكون فعلا، كما قال لي أحد أفراد الدرك، المتجولين على الشاطئ يوم الإثنين، الموافق: 18-5-2015 على رأي البحرية الوطنية، غير المعلن وغير الرسمي طبعا، قد يكون هذا التلوث، بسبب سفينة عابرة عبر مياهنا أو المياه الدولية، أفرغت بعض حمولتها من النفط أو الغاز الخام إضطرارا، لكن جانب الحدث الدلالي، لا يخفي على ذي لب أو حتى غيره من العامية البسطاء.
"وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً".
لقد أصبح الخطر يا عزيز على الأبواب، ويا افيل الذي صرح لي في نفس اليوم المذكور، أنه عاشق القمار لكنه لا يأكل درهما لأحد، ونسي أنه أكل موريتانيا كلها تقريبا باسم، "محمد خوي تكبر إختي"، هكذا يقول، محمد فال ولد سيد أحمد ولد اللهاه الملقب "افيل" إبن خالة محمد ولد عبد العزيز، لعبا على الضعفاء، قلت له لا تهمني القرابة في مقام الشأن العام، هذا لا يبرر  نفوذك المشبوه، ولا إصرارك على القمار.
وكرر بحضور الحافظ ولد الطاهر  أمس، مدير إذاعة كوبني، أنه يحب القمار، ويمارسه باستمرار، ولا يأكل درهما لأحد!.
هاه...هاه...هاه...، إنهم ضعفاء العقول فعلا، وصغار الضمائر وما أوتوا من عقل، فهو مركز في دائرة الجمع والمنع والقمار، بشتى صنوفه والعياذ بالله، وبقية أهل موريتانيا، صحافة وساسة وكبارا ومتوسطين وضعافا، إلا المافيا العسكرية والمدنية التي تعرف نفسها فردا فردا، وفضيحة فضيحة وكيدا وتآمرا على الجميع دون حياء "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى : إذا لم تستحي فأصنع ما شئت".
فكل  أهل موريتانيا تقريبا سوى هذه المافيا المحدودة المشار إليها، يدفعون الثمن يوميا، من كرامتهم ومختلف مصالحهم المعنوية والمادية والتاريخية!.
لا يمكن السلامة من التلوث، بمجرد صقل المياه، ولو على رأي بعض رواد فيسبوك عبر الاستعانة بدول خليجية عربية، ذات تجربة معروفة في  مضمار التلوث البيئي البحري!.
"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" صدق الله العظيم
إنني أتوقع بحس مرهف، إحتنك صاحبه الشأن العمومي نسبيا، في مجال محدود من التحليل والتأمل الجاد، نعم أتوقع كارثة كبرى، إن لم تتراجع يا عزيز وتعترف بما إقترفت في حق نفسك ووطنك، فقد غضبت السماء. وأرسلت الإشارة هذه المرة، عبر البحر، والبحر زاخر بالدرر والعبر، وعند ملتقى البحرين التقى من سمته العامية "الخضر" وكليم الله موسى. وقال الله فيه: "فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا"
وبالبحر ضرب المثل، بأنه لو نفدت مياهه مدادا، لما نفدت أو أحصى هذا المداد المحدود، كلمات الله غير المعدودة، وغير المحدودة طبعا.
قال الله تعالى: "وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا".
وقال في نهاية سورة الكهف: "قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً" صدق الله العظيم.

أخاف عليكم مما هو أكبر وأخطر من التلوث النسبي المحدود، القابل للتجاوز السريع ربما، فبادروا إلى التوبة النصوح والإقبال على الله وتكريس قيم الحق والعدل، لصالح جميع ساكنة هذا الوطن، بغض النظر عن المشرب أو اللون أو العرق أو الهوية الدينية أو الثقافية أو غيرها.
اللهم أصلح ولاة أمورنا، وأصلح ذات بيننا، وخلصنا من هؤلاء الولاة، -غير فاتنين ولا مفتونين- إن علمت فيهم الإصرار على الاستبداد والغبن، اللهم آمين.
اللهم قد رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا.
اللهم ثبتنا جميعا على الحق،  وسلمنا من سائر الفتن،  ما ظهر منها وما بطن.
يا أهل موريتانيا، حكاما ومحكومين، لقد بلغ السيل الزبى، إن المحسوبية والأنانية والخصوصية في إسداء بعض خدمات الدولة، يمثل قمة الإنهيار الأخلاقي والمعنوي والسياسي للأسف البالغ.
وهذا يكفي لتهييج البحر والبر والجو، فلا تغضبوا الله، يا أصحاب النفوذ القليل والمتوسط والكثيف، وحاولوا أن تراجعوا هذا الخلل الكبير والخرق الواسع البين الجلي، في كل ميدان تقريبا.
وباختصار العلاقة بين السماء والأرض واضحة، فإذا انتشرت العدالة في الأرض، تكاثرت الرحمات والنعم المعنوية والمادية من السماء ومن خلق الله بالتعايش بينهم باحترام وأمان، رغم جميع صور الإختلاف "والإختلاف خلاف الخلاف"، وهو لا يفسد للود قضية.
وإذا انتشر البغاء والخنا والربا وقطع الرحم والتطفيف في الموازين المختلفة، سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو إجتماعية، أو خصوصية أو جماعية، فستحل مختلف صنوف العقاب الرباني العادل، جزاءا وفاقا "ولا يظلم ربك أحدا"."قل هو من عند أنفسكم".
إذن الأمر واضح وسهل الفهم، بالنسبة لمن رزقه الله به، فأعلموا علم اليقين أن العافية والبركات مرتبطة بالتقوى العامة والخاصة، وقد تستقيم الدولة أحيانا على الكفر، ولا تستقيم على الظلم إطلاقا.

20. مايو 2015 - 0:20

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا