زيارة الرئيس والمهام الشخصية / محمد ولد أحمد محمود

أن يزور الرئيس إحدى ولايات الوطن، فيطلع على أحوال مواطنيه، وأهم المشاكل التي يعانونأ منها شيء طبيعي جدا، بل أمر مطلوب له ما يبرره، فيعقد مهرجانا يعلن فيه عن مشاريع مهمة لتنمية تلك الرقعة من الوطن، ويترأس اجتماعا للأطر يطّلع من خلاله على أهم المشاكل المطروحة للسكان والمساكن:

كنقص المياه والطاقة، وغلاء الأسعار، وتدني مستويات التعليم، ومشاكل الخريطة المدرسية، وضعف التغطية الصحية بالنسبة للإنسان والحيوان........الخ
ولأن الرئيس لا يمكن أن يجتمع بالجميع شرعت هذه الاجتماعات، التي يجب أن يتحدث فيها المدرس عن مشاكل التعليم في الولاية أو المقاطعة، ويتحدث الطبيب عن العوائق التي تحول دون أدائه لمهامه، والمنمي عن مشاكل الثروة الحيوانية في بلدته، وأصحاب التعاونيات عن ظروفهم، واحتياجاتهم، والتاجر عما يحول دون توفير فئته للبضائع بأسعار في متناول الجميع، في حين يتحدث المواطن العادي عن غلاء الأسعار وصعوبات النقل، ونقص الماء والكهرباء والتخطيط العمراني وغيرها. وبهذا يطلع الرئيس على أهم المشاكل ويتخذ لحلها ما يراه مناسبا من قرارات.
إلا أننا ـ وللأسف ـ لاحظنا في الآونة الأخيرة انحراف تلك الاجتماعات عن مسارها بفعل دخول أشخاص لا نعرف من أين اكتسبوا صفة "الإطارية"، يمتهنون التسول على حساب من يفترض أنهم جاؤوا ليطرحوا مشاكله: فهذا يطلب تذكرة للحج، وتلك تريد قطعة أرضية، وذاك يسعى لتعيين قريب، وأولئك يشهرون بخصم سياسي في تصفية فاضحة للحسابات الشخصية....... ...............والقائمة تطول بما لا علاقة له بالهم العام.
إن السماح لهؤلاء الأشخاص بالحضور، وقبول هذا النوع من المداخلات ستكون له عواقب لا ترضي أحدا، بل سيطرح مشاكل كثيرة لعل من أهمها:
1. اشتداد الضغط مستقبلا على منظمي تلك الاجتماعات، لأن الجميع سيدرك أن مشاكله لن تحل إلا إذا طرحها بنفسه على السيد الرئيس، الذي يصعب عليه وجوده إلا في هذه الاجتماعات.
2. انتشار الفوضى: حيث سيدخل تلك الاجتماعات ناس لا يحملون هما، لا يعرفون معروفا، ولا ينكرون منكرا همهم الوحيد الظهور أمام الرئيس، وتحقيق بعض المكاسب الشخصية.
3. نزول مستوى الاجتماعات عما ينبغي أن تكون عليه، حيث تتحول إلى مناسبات للوشاية بالخصوم، وإثارة النعرات، وتصفية الحسابات الضيقة.
4. شلل تام في وسائل الدولة، وتشتيت لقدراتها، وعجزها في النهاية عن تحقيق تلك المآرب الشخصية، مما يضعف الثقة فيها.
5. ضياع حق الجميع في تنمية منطقتهم، والاستفادة من خيرات بلدهم، وهنا مربط الفرس.
إن حرصنا على نجاح تلك الاجتماعات، واستفادة سكان المناطق المزورة منها يدعونا للوقوف أمام هذه الظاهرة بحزم، ومحاربتها بكل قوة قبل أن تستفحل، وحتى لا نستيقظ يوما فنجد أننا قد تحولنا إلى أمراء مصالح لا يشعر الواحد منا بالانتماء حتى لقبيلته.                                                                                                                            وإلى أن تتم تنقية اجتماعات الأطر من الدخلاء يبقى من حق كل واحد منا أن يتساءل: من سيطرح مشكلتي ومشكلتك ومشاكل من لم يحالفهم الحظ في حضور الاجتماع؟

31. مايو 2015 - 18:10

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا