أهـــداف الرئيس ...وأطماع الشعب / باب ولد سيد أحمد لعلي

حشد الرئيس الحشود وعبأ الأرض بتحركه بين الولايات في هذا الصيف وأثقل على حاشيته وأتعبهم بالسفر واستقباله في المدن والولايات بدلا من سكّانها ... ، المراد والهدف كما يقول وكما أُعلن رسميا الاطلاع على أحوال المواطنين عن قرب والاستماع لهم ، ومع ما في شكل الإعلان

 وما في كلماته من ترانيم تبعث الأمل وتثير الشهوة والطموح لواقع أحسن ،إلا أن ذلك لم يتجاوز الكلام المنمق والعبارات الشفافة التي تعودنا عليها منذ أن وُلدنا ومنذ أن وُلدت الدولة الحديثة ، ومع أن الظرفية غدت مختلفة عن سابقها نتيجة لما تراكم من نضال وعمل واعي بالدولة ومشروع الوحدة والبناء لدى الغالبية العظمى من أبناء هذا الشعب إلا أن الأمور لازالت تدور في فلك التلاعب والإهمال ، مما يوحي بملامح هوة ومفارقة كبيرة يعيشها المجتمع الموريتاني في هذه الظرفية ، فبدل أن ترعى الدولة الرغبات التي تسمو إليها الغالبية تسعى لوأدها بأسلوب قديم متجدد ،وبدلا من أن تحكم بالقانون تضع القوانين البراقة وتأتي من خلفها ،وأشياء تجعل الإنسان يعيش ضمن دوامة من التساؤلات والإشكالات لا حصر لها ، كما تجعلنا نشك في أنفسنا كشعب ، فهل قول علي عزت  بأنه "لا يوجد شعب يستحق أكثر من زعماءه " صائب وينطبق على كل شعب ...؟ أم أنه الذي يحدث فينا فوق الشعب وإرادته ومستواه ...؟
لنقف قبل كل الشيء على الزيارات وما تحقق فيهما ، فالاطلاع على أحوال المواطنين أمر في غاية الأهمية ومن أساسيات بناء دولة العدل والمساواة وقد ذهب الرئيس إلى أدغال الشرق والشمال والجنوب وقطع والوعر هو ووفده ووقف على القرى والمناطق النائية ، لكن هل قدم شيئا لهذه المناطق ...على ما أذكر لا وفي أرقى كبريات المدن كانت اسطوانات الماء الخاوية من ضمن مستقبلي الرئيس ، وكان كلام الرئيس في المؤتمر الذي عقده بعد ذلك عن قلة الماء في الشرق يوحي بنوع من اللامبالاة هذه واحدة .
وقد دشن الرئيس عدة مشاريع وصفت بأنها تنموية وتلك خطوة جيدة على كل حال ، لكن لُوحظ من خلال عدم تباليه بالمشاكل الأساسية التي يعاني منها السكان هناك أن هذا الهدف مجرد لعبة سياسية توحي بأن هناك أهداف مبيته تتمثل في إمكانية نجاح الحوار وإجراء انتخابات توافقية بدل الأولى ـ أي أن الزيارة قد تكون ذات بعد انتخابي بحت ـ وهو ما يلغي مصداقية شعارها البراق ـ التطلع على وضع السكان والمواطنين عن قرب ـ فالتطلع على وضعهم دون تقديم مشاريع حقيقة نابعة من خصوصيتهم الثقافية والاقتصادية أمر لا جدوى منه ولا نفع فيه
وعندما يتبين أن الرئيس لم يقدم ما يجب أن يُذكر ويتباهى به ، وما كان يجب أن يحقق من الزيارة ، يكون الشعب المطحون هناك هو من عانى ومن أنفق في سبيل استقباله وتحمل الحر وما لا يطيق في سبيل ذلك ، وكأن العهد والنظام الذي انقلب عليه 03/08/2005 لم يتغير ولا زالت أساليبه حية رغم بعد صاحبه ، فمع قول الرجل وتأكيده على الاختلاف بينه وبين ولد الطايع إلا أن زيارته هذه كانت "طائعية" بامتياز وإن خلت من الفنانين والشعراء لم تخلوا من حشود القبائل والتحالفات الصغيرة وأصحاب المبادرات ومن حمل نفسه من العاصمة للعراء من أجل إبداء الطاعة والولاء له كما لم تخلوا من الاجتماعات الضيقة التي تصب في إطار تلك التحالفات بعيدا عن مصلحة الوطن المنضوية تحت العدالة والكفاءة ..!!
فنحن نحن لم نتغير برغم مرور سنوات بل عقد بكامله على ولد الطايع إلا أن المياه لا زالت تصب في نفس المجاري ولا زال  الغدير كما هو آجنٌ … فالذي لعن ولد الطايع وحقبته وسياسته هو من يعتمد على الرجال الذين شاركوه اللعبة والفساد ، والحاشية التي فقدت زعيمها هي من استقبلت بحفاوة أحر من سابقتها النظام الذي قضى على الأول ، وبهذا تسير الأمور وتجري في بلدنا ، فبدل من أن يكون الولاء فينا أمر في غاية السمو يسمو إليه كل كبير وصغير يكون حكرا على من ليست لديه مكانة اجتماعية والأطر خارج إطار ذلك ، في نفس الوقت الذي يسجن فيه كل ضعيف سرق ويكبر كل كبير سرق ويعتبر بطلا من ذلك
فليس على ولد عبد العزيز ربما عيب إذا لعب من حاله كهذا ، ولا يلام إن زار وحشد وأنفق مال الدولة على زيارته ، برغم من أنه قال وبصوت صريح على أن تكلفة الإنفاق على البترول يجب تتقلص عن طريق عدم خفض أسعار النفض لأن الدولة تبذل 80أوقية في كل لتر بترول أنفقه مواطن في تجوله في المدينة ، ينفق هو الأطنان في زيارة كهذه دون جدوى ، ويسمح للوفود المستقبلة من كل حدب وصوب أن تحرق وتحشد وتجمع الحيوان والإبل لاستقباله متجاهلة ظروف الصيف ، حتى إذا ذهب وعاد لقصره الرمادي نسمع الشكاوى ومطالب تحسين الظروف والالتفات على ظروف تناسوها أولائك الوفود أيام تواجده معهم .  

3. يونيو 2015 - 8:27

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا