في سنوات الطفولة كنت احار اثناء استماعي لقصص التاريخ من الذين يختارون جانب الظلاّم سواء في قصص صدر الاسلام و حكايا المجاهدين او سير العظماء.
وجه الحيرة منبعه قناعتي بحتمية الموت و ايماني بأن الأرزاق بيد الله.
مازالت الحيرة تلازمني ، رأيت بأم العين من يتلوون من الجوع و هم يبذلون ماء وجوههم بحجة الحاجة و اصحاب مليارات يلعقون الأحذية بدعوى الخوف على الثروة و الكثير ممن اغناهم الله عن الدولة من اصحاب اعمال حرة كالأطباء و المهندسين يمارسون النفاق لسبب غير مفهوم.
حقيقة لا اعرف تفسيرا للمشكلة و اطرح على نفسي دائما العديد من الأسئلة:
هل اكثرية الناس مقتنعة فعلا بأن الرزق بيد الله ؟ وان النفع و الضر مقدر و مكتوب ؟ ام انها في داخلها تعاني من اشراك مزمن و ربما كفر لا شعوري؟
هل نحن شعب رديء ؟
ام انها آلة القهر و اواليات الدكتاتورية القادرة على طحن بذرة الكرامة في النفوس ؟
واذا كان الامر كذلك ، فلماذا يتزلف من ليس بحاجة و لا احتكاك فعلي بينه مع الدولة و اجهزتها ؟ ام انها العدوى الاجتماعية ؟
هل المشكلة في التربية ؟ و هل معظمنا لقن قيما رديئة من سنواته الاولى؟
و لماذا يعجز الدين عن تحريك روح العزة و الكرامة و السعي الى التحرر من ربقة المذلة؟
ام هل دين فقهاء السلطان هو الدين الحق ؟ و من واجبنا احتمال المظالم وممارسة التزلف لكل من جلس على عرش السلطة ؟
و هل المساواة التي نشاهد في الغرب و قيم الديمقراطية و محاسبة المسؤول مرتبطة بالتملص من ربقة الدين ؟
ام ان في عروقهم دماء نقية و في عروقنا مياه مجاري؟
أم انه مكتوب علينا البؤس و المذلة في الحياة الدنيا مقابل الجنة و النعيم بعد موتنا.
و لكن كيف يمكن ان تثمر حياة المذلة جنة الخلد ؟ و كيف يزاحم اراذل المتملقين و شويخات النفاق و فقهاء التزلف الشهداء و الصالحين و الانبياء في الفردوس الأبدي؟
ام أن النسخة المنتشرة من الدين بين صفوفنا مزورة و خالية من المواد الفعالة ؟
لست واثقا من الاجابة على أي سؤال، و لكن قلبي مازال يتملكه نفس الاحساس الذي عرفته طفلا من الاندهاش ممن ينحازون للباطل.
هل هي السذاجة؟