الملاحدة الجدد بين الجهل والضياع (7) / المرابط ولد محمد لخديم

فأجاب اينشتين مرة أخرى بقوله إننا «نرى كونا بديع الترتيب خاضعا لنواميس معينة، ونحن نفهم هذه النواميس فهما يشوبه الإبهام فنؤمن بالله، ولكن عقولنا المحدودة لا تدرك القوة الخفية التي تهيمن على مجاميع النجوم»(24).
        نلاحظ من هذا الحوار مدى تباين الخطابين خطاب بغوص في المادة

 وبغرق فيها فينسى ذاته وينسى سؤال الكينونة وخطاب يتأمل هذا الكون وخالقه رافضا الشبهات التي تختلق ضده، وكأن لسان حاله يقول: إن بعض الخلافات الظاهرة مردها اختلاف العبارات وليس المعتقدات. وهكذا حيثما اتجهنا وجدنا من الشواهد ما يكفي للدلالة على أن عدم تبديل المقاربة الأدائية المادية لنمط رؤيتها لماهية الإنسان إنما هو ناتج عن عدم انتباهها لمنطلقها الخاطئ المحكوم بالرؤية الكمية. لكن الأوساط العلمية في العالم الغربيّ، تتّجه بخطى متسارعة الى القضاء على الالحاد والاعتراف بالله سبحانه فهل هو نوعا من اضطرار المقاربة الأدائية المادية إلى توسيع رؤيتها خارج السياج المادي حسب اعتقاد النيوليبرالي المعاصر روبير نوزيك السالف الذكر..؟؟!!.
     كتب الباحث الأمريكي "إريك ميتاكساس" مقالا نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية بتاريخ 24/ 12/ 2014م، شكل ضربة قاسية لأساطين الالحاد أكّد فيه أنّ الأبحاث العلمية الجديدة، تتّجه بشكل متسارع إلى الاعتراف بوجود خالق للكون، وأنّ الملحدين وجدوا أنفسهم أمام حقائق علمية تدحض بكلّ قوة الدّعوى التي طرحها بعض العلماء في ستينيات القرن الماضي بأنّ العلم سيُغني البشرية عن الاعتقاد بوجود الخالق،)  أي الطائفة المادية المحكومة بالرؤية الكمية..
   ونقل "ميتاكساس" تصريحات عدد من علماء الغرب الذين اعترفوا بأنّ معتقداتهم الإلحادية بحاجة إلى مراجعة، منهم عالم الفضاء والرياضيات البريطانيّ "فريد هويل"، الذي قال إنّ إلحاده تعرّض لهزّة عنيفة بسبب هذه التّطوّرات، ثم كتب بعد ذلك يقول: "إنّ التفسير المعقول لهذه الحقائق يقترح أنّ قوة ذكية خارقة قد تلاعبت بالفيزياء وكذلك بالكيمياء والأحياء..
       إنّ الأرقام النّاجمة عن هذه الحقائق تبدو لي دامغة جداً إلى درجة تضع هذا الاستنتاج فوق الشّبهات". ومن جانبه، قال عالم الفيزياء النظرية، البريطاني "بول دافيس" إنّ الدّلائل على حدوث الخلق دامغة. وقال الأستاذ في جامعة أكسفورد، الدكتور "جون لينوكس": "كلّما ازدادت معرفتنا بالكون، تعزّزت النظرية القائلة بوجود الخالق، واكتسبت المزيد من المصداقية كأفضل تفسير لوجودنا هنا".
    وتأتي هذه التّصريحات لتُضاف إلى سلسلة اعترافات سابقة لأساطين الإلحاد في هذا العالم، الذين عادوا أدراجهم وأعلنوا إذعانهم للحقيقة التي خضع لها الوجود، حقيقة وجود خالق لهذا الكون، ويأتي على رأس هؤلاء الفيلسوف البريطاني المشهور "أنطوني فلو" (ت: 2010م) الذي كان من أشرس المدافعين عن الإلحاد، وقضى 50 سنة من عمره ينافح عنه، وألّف 30 كتابا ينظّر له، ليعود قبل وفاته بثلاث سنوات ويعتذر لتلامذته ويؤلّف كتابه "هناك إله".
   يقول "أنطوني فلو" في كتابة "رحلة عقل"، "عندما قرأت أوّل مرّة، كفيلسوف ملحد، عن نظرية الانفجار الأعظم، التي تصدّت لتفسير وجود الكون، أدركت أنّي أواجه نظرية مختلفة، نظرية تتماشى مع ما يطرحه الدين، في بداية خلق السّماوات والأرض، وإذا كان الأمر كذلك، فلم يعد هناك مفرّ من البحث عمّن أحدث هذه النّهاية".
     وهي القراءة التي اضطرّ إلى الميل إليها العالم الفيزيائي البريطاني "ستيفن هوكينج" صاحب النّزعة المادية الإلحادية، حيث طعن في الإلحاد في كتابه "تاريخ موجز للزمن"، قائلا: "طالما أنّ للكون بداية فحتما لا بدّ من خالق".
    أمّا العالم الفيزيائي الكنديّ "هيوغ روس"، فقد نفى أن تكون للإلحاد أيّ علاقة بالعلم، وأكّد أنّ الإلحاد لم يعد سوى مكابرات فلسفية، وكتب يقول: "عندما أبحث عن إلحادي لأناقشه أذهب إلى قسم الفلسفة في الجامعة؛ لأنّه لم يبق في علم الفيزياء شيء يدلّ عليه"..
     الحقيقة ذاتها قرّرها...يتواصل...

11. يونيو 2015 - 23:14

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا