ملاحظات جوهرية على هامش حفل "إنصاف" تضامنا مع سجناءغوانتنامو واحتفاء بمذكرات محمدو ولد صلاحــي (2/ 3)
ثالثا: إن ما تضمنته يوميات ولد صلاحي من أهوال، وما تركه فيها مقص الرقيب من تشويه مخجل، يفرض علينا - نحن المتكلمين- أن نقول كما قال أبونا إبراهيم حين
أفل ما كان يظنه ربه: {قال لا أحب الآفلين}. نحن نريد الحرية ونتعلق بأذيال الديمقراطية، وتتلمذنا قرونا على الغرب وانبهرنا كثيرا بما وصل إليه من رقي، وبحضارته. ولكن الذين أخرجوا غوانتنامو وبوغريب ودمروا العراق وأفغانستان وصنعوا الإرهاب التكفيري وسلحوه ومولوه ودمروا شعوب وحضارات سوريا ولبنان وليبيا ويستهدفون مصر ويحمون إسرائيل الهمجية لا يمكن أن يكونوا أساتذة وقدوة للإنسانية؛ بل هم مضلون وهمج.
لقد أصبح النظام الغربي -على أيدي هؤلاء الشياطين- شرا مستطيرا وعدوا للبشرية جمعاء. علينا أن نبحث عن طريق آخر. و"أن لا نضيع الوقت في ثرثرة عقيمة، أو في لغو يبعث على الاشمئزاز". فلنترك هذا الغرب الذي "لا يفرغ من الكلام عن الإنسان وهو يقتله جماعات حيثما يجده؛ في جميع نواصي شوارعه، وفي جميع أركان العالم. لقد انقضت قرون... وهو يخنق الإنسانية كلها تقريبا باسم مغامرة روحية مزعومة" كما قال الدكتور فرانز فانون.
أيها "الحقوقيون" الذين تسيرون خلف الغرب وتتخذونه نموذجا وتعتمدون على مساعداته الملوثة بدماء وعرق الإنسانية، وتزدهون بتكريم هيلاري ومركر وبانكيمون.. فتشوا عن طريق آخر للحق غير طريق بوش وأولبرايت وأوباما وهيلاري ومركر وبان... إذا كان الحق والإنسان رائديْكم.
إن على شعوب عالمنا الكبير الغني، مهبط الرسالات ومهد الحضارات.. أن تبتكر طريقا لنهضته غير طريق الخنوع للغرب والصهيونية، وغير طريق التطرف والإرهاب التكفيري.
رابعا: الإرهاب "صنع في أمريكا وإسرائيل" ولا يمكن الركون إليه، كما لا يمكن الركون إلى أوروبا وأمريكا. وضل من يتبناه، ويحسب أنه يقود إلى تحرير الشعوب. أو أن له علاقة بدين.
لقد عرفت البشرية الإرهاب منذ الأزل؛ وهو استخدام فرد أو جماعة العنف طريقا لإنجاح وفرض "مشروع" ذلك الفرد أو تلك الجماعة على المجتمع المغيب. وفي التاريخ المعاصر كان الإرهاب - حسب بعض علماء الاجتماع- "هو العنف الذي يقوم به المثقفون الذين يخوضون النضال السياسي بقواهم الخاصة نيابة عن الشعوب وبمعزل عنها".
إنه الانجرار العفوي إلى أهون السبل، ولكن التي لن تؤدي أبدا إلى النصر، لأن النصر تصنعه الشعوب. والإرهاب لا يخيف الحكومات ولا يهيج الشعوب، خلافا لما يظن دعاته؛ وهو أبعد ما يكون عن تربية نشاط الجماهير. بل هو تقديس لعفويتها. تقديس لعفوية شديد سخط المثقفين الذين لا يعرفون - أو لا يستطيعون- أن يربطوا العمل الثوري بحركة الجماهير في كل واحد.
وفي الحقيقة يصعب على من فقد الايمان بهذه الإمكانية، أو الذي لم يومن بها قط، أن يجد مخرجا لسخطه وهمته الثورية غير الإرهاب. وهذا ما يفسر الإرهاب الفكري والسب والشتم الذي يلجأ إليه بعض الساخطين العاجزين عندنا عبر وسائل الإعلام التي يدنسون قدسيتها، ويحسبون أنهم على شيء.