طالعت في أحد المواقع مقالا بعنوان " حكومة ولد حدمين بين ضعف الخبرة وتراكم الأزمات " ولأني لا أحبذ المبالغة كما لا أحبذ رمي الكلام جزافا ؛أفردت الملاحظات التالية تعليقا على هذا المقال .
لقد بدأت كاتبة المقال بالقول أن الوزير يحى ولد حدمين وحكومته في وضع لا يحسدون عليه ؛
وعللت ذلك بأن شبح الأزمات يطاردهم أين ما يمموا وجوههم نحو أي شيء يتعلق بالمواطن -كما ورد في المقال-
أي أزمات ؟ ولم تجد -الكاتبة -ما تلتحف به لتوضيح ذلك غير الجملة الضعيفة الآتية : "فالجفاء والعطش أنهكا سكان الداخل .. كيف ومشاريع التدشين والتشييد تحدث كل يوم في زيارات الرئيس ، ومنها على الأقل 41 مشروع مائي في ولاية كيدي ماغة لوحدها ؛باشر أغلبها الاستخدام المباشر ولامس استهلاك المواطن ،ولم تسلم مقاطعة في أي من الولايات المزورة من حدث مشابه يتعلق بالماء لأنه هو هم المواطن وكان إلى حد قريب يعاني العطش حقيقة وهذا ما بدأت الحكومة في تداركه والقضاء عليه فعلا .
واتبعت صاحبة المقال ذلك بالقول أن الكثير من قطعان الماشية أباده العطش وخاصة في الشرق الموريتاني الذي يحوي مخزون البلد من الثروة الحيوانية.
كيف يتم تقديم هذا الكلام بهذا السياق وكأن البلاد في عزلة إعلامية وما يحدث فيها يمكن التغطية عليه والتستر، ألا تعي الكاتبة المعنى الدلالي للفظة "إبادة" التي تعني الموت الجماعي المتعمد وبالشكل العددي الكبير ؛الذي لا يبقي ولا يذر..! ، وهل حدث هذا وفات على المواطنين قوله أمام رئيس الجمهورية ؛واعتراضهم به عليه؟ ، أو تقديمهم له بالصورة في القنوات أو المواقع ،ولقد رأينا من يعرضون أمام الرئيس قضايا غير هامة بالمرة ؛ورأينا من يستغلون الفرص لحكاية مايريدون وإن كان تافها و مبالغا فيه ؛وفي قنواتنا الحرة لم تسلم الحالات الشاذة والنادرة من التصوير والتعاليق،ولم تتجاوز هذه القنوات تصوير الكوخ المعزول المتهالك والعريش الممزق والمعزاة المقتاتة على قمامة القمامة وعراك الحمير..!
وخلصت الكاتبة لهذا المقال إلى تسمية الوضع بالكارثة التي يترتب عنها مزيد من المجاعة ..!
عجبا وهل نعاني مجاعة حتى تزداد وهل في مناطق البلاد ما يستحق حقيقة وحكما أن يوصف وضعه بالكارثي كما تقتضي الدلالة اللفظية والمعنوية للكلمة وإن مجازا.
ومن المعروف أن هذا العام شهد حفر وترميم كثير من الآبار في أماكن الرعي ؛كي يتسنى للمنمين سقاية مواشيهم في آخر النقاط احتفاظا بالعشب ،وأنا اللحظة أكتب هذه السطور إذ أكتبها وأنا في المنطقة الرعوية الأولى في البلاد وأكثرها احتفاظا بالكلإ ؛ إذ تعتبر رئة التنمية الحيوانية لولايات لعصابة وكيدي ماغة وكوركل ؛بالإضافة إلى بعض الوافدين المتفرقين من بعض الولايات الأخرى.
أما عن كون البطالة في بلادنا تشكل أزمة ؛فهذا محض كلام جزافي ،يفنده تقرير صندوق النقد الدولي الذي تحدث عن الأوضاع في بلادنا قبل أكثر من أسبوع وقال أن نسبة البطالة بلغت نسبة 10% فقط؛وطبعا تقرير هذا الصندوق معد من طرف خبراء يبنون دراستهم على معطيات تنموية عملية ، ولقد أرجعوا هذه النسبة مع أنها منخفضة إلى أمور من بينها عدم بحث المواطن الموريتاني عن العمل بشكل جاد في فترة شبابه وتكامل قواه ،وهذا كلام منطقي جدا وبعيد عن التقديرات الافتراضية والتقييمات الاعتباطية.
ثم كيف لك أن تقولين ياهذه أن الحكومة تعاني ضعف الخبرة في عنوان مقالك وبعد ذلك في صلب المقال تؤكدين عدم صدقية ذلك ؛بقولك أن رئيس الجمهورية أسند رئاسة الحكومة إلى ولد حدمين الذي احتفظ بمعظم وزرائه ؛إذا نقص الخبرة غير وارد؛لأن أغلب هؤلاء الوزراء يشارك في الحكومة الحالية وسبق وأن شارك في السابقة هذا يعني خبرة سنوات وسنوات .
وتتباكى صاحبة المقال بعد ذلك على حقبة الوزير السابق ولد محمد الاغظف ؛بتقديم المثل "بكينا منه والآن نبكي عليه" .
لم يكن الوزير الأول الأسبق بالوزير الذي بكي منه ؛فقد كان رجل مرحلة رست به سفينة موريتانبا؛وشهدت انتعاشا اقتصاديا تضافعت فيه ميزانيتها وشهدت البلاد كذلك طفرة في مجال التشييد خاصة في مجال الطرق التي تعد شاهدا حقيقيا على ذلك ؛وانتهى دوره وأخذ زمام الأمور من بعده الوزير الأول الحالي ، وقاد الحكومة إلى حد الساعة بنجاح ؛وتفوق على المشاكل والعقبات وتجاوز الأزمات بشكل مرن ؛وبمواصلة المشاريع التنموية على مختلف الصعد ؛فلا يخلو اليوم قطاع من قطاعات الحكومة من التشييد والتعمير وبمجهودات الدولة ،هذه حقائق قائمة نعتز بها ؛لكن لا نعتبرها ذروة النجاح فلا زلنا ننتظر المزيد والمزيد ؛فبلادنا قادمة من بعيد وكانت إلى عهد قريب تعاني الخراب بفعل سواعد أبنائها الذين كانت تنتظر منهم التشييد والإعمار..! .
وطبعا لم يتأخر المتاجرون بركوب تلك الأزمات التي اعترضت الحكومة وتجاوزتها بنجاح؛ محاولة منهم لجعلها قشة تقصم ظهر البعير،لكن هيهات فالمواطن الموريتاني ازداد وعيا بفعل الطفرة الإعلامية المعاشة حاليا وبفعل انكشاف الأشياء أمامه ؛وزوال ضباب التضليل الذي عادة ما يلعب عليه رواد التطبيل والمبالغة في التهويل .
وما القول بانهيار قطاع الصيد المنتعش نسبيا وما تأزيم اسنيم المتجاوزة توا لأكبر المشاكل والأزمات في ظل أسوإ انهيار تجاري لأسعار الحديد إلا كلام مبالغ فيه ومغالط ،مما يوحي بإفلاس خطاب عارضي ومروجي هذا الطرح والمتاجرين به .
أخيرا على المعارضين للحكومة أن يمتلكوا القوة والحجج الدامغة التي تمكنهم من تقديم نقاط واضحة المعالم وملموسة الأهداف سبيلا إلا تحقيق نتائج تخدمهم ولا تسيء إليهم ،وعليهم تعزيز ذلك بالأرقام والشواهد التي تمكن المواطن البسيط مثلي من تصديقها وإبعادها عن دائرة المعارضة فقط من أجل المعارضة والمتاجرة من أجل تحقيق أهداف المتاجرة.