أوقفوا الاغتصاب .. نظرة في الأسباب والحلول / المعلوم أوبك

من أين  أكتب  هل  من الأرقام  التي  تؤكد أن  أكثر " 65% من المغتصبات غير بالغات٫و 90 %غير متزوجات و 23 % منهن أميات و 84 % منهن منحدرات من أسر فقيرة" أم من  الإحصائيات التي  أكدت أن  90% بالمائة من حالات الاغتصاب لا يتم التبليغ  عنها  خوفا من الفضيحة والعادات 

الاجتماعية  ، أم أبدأ من الإحصاء الذي  سجل  أكثر من "1200 حالة اغتصاب " خلال عام  الاغتصاب  2014   ، أم أبدأ  من  الأحداث ، وقائع  جرائم الاغتصاب  التي حدثت مؤخرا والتي قتل أصحابها أحيانا ومعظم ضحاياها قاصرات  كزينب بنت الخضر (10 سنوات), وباته 8 سنوات, ورقية 8 سنوات, ، خدي توريه (7 سنوات) ، التي اغتُصبت ورُميت في البحر ، والقائمة تطول ، واليوم تتفجر  قضية اغتصاب  وهتك  كرامة  طفلة بريئة  يتيمة  لم تتجاوز  عامها العاشر  لازالت في طور النمو من طرف أحد أفراد أمن الطرق ،  في تطور ملفت  في  جرائم اغتصاب القصّر ، مع اختلاف  المستويات الاجتماعية والاقتصادية للمرتكبين   بدءاً بالمسؤولين مروراً بسائقي سيارات الأجرة فأبناء الجيران، وانتهاءً بالمدرّسين والأغراب والمجرمين ثم رجال الأمن والشيوخ والمسنين وأصدقاء العريس ..... الخ ، لقد  امتد  الاغتصاب إلى   البيوت  والمدارس  والأحياء ... وأصحاب الأمن  ....  وإلى  الأجساد التي لم تبرح  الطفولة بعد   ، وكأن المرأة  مجرد  وعاء  جنسي  مستقبل  فقط وجسد للجماع في أي  وقت  ، ووعاء  مثقوب لتفريغ كبت  الرجل  الجنسي اللاهث  على الدوام،  هكذا  يتجلى أن جريمة الاغتصاب  أصبحت  تطل  بوجهها القبيح بشكل  يجعل  من  المستحيل  السكوت فيكفي أن  تعلم أن مورتيانيا  تشهد في  المتوسط 2 حالة اغتصاب  شهريا معلنة  مما يؤشر على مدى استفحال  هذه جريمة الاغتصاب  التي أبشع  أنوع الجرائم  الأخلاقية  التي  ترتكب  في  حق  المرأة  والمجتمع ، جريمة  نفسية واجتماعية  واقتصادية  تعبر عن فشل  مؤسسات  المجتمع  في  تهذيب  النفس البشرية  لصالح  علاقات  طبيعية  فلا نزال  نرسخ  من خلال  مؤسسات  تعليمنا أن  دور  الرجل  الجهد  والعمل  وأن دور  المرأة  المتعة  والإنجاب  ودائما هي  المفعول  بها  فلا ينظر  المجتمع لحد الآن للمغتصب أنه  دنس  شرف عائلته  ،  فيما تغتصب الضحية مرات ومرات  مرارا ،  مما يؤكد أن الاغتصاب  اعتداء  على  الضحية  وجريمة بشعة وقتل  لروح وكرامة  وإنسانية المغتصبة .
نظرة في  الأسباب  المرسخة  للظاهرة
تنذر  إحصائيات  الاغتصاب  في  مجتمعنا   بنذر  كارثة  محدقة إذا لم  نواجهها  ، ونعترف  أن  هنالك  مشكلة  في المجتمع  وقضية لا بد  من  مواجهتها  ومعرفة  الأسباب  الحقيقية  لها ،  والوعي  أن ظاهرة الاغتصاب  مظهرا  من مظاهر  العنف  ضد  النساء  المرتبط  بالجذور المرسخة لهذا  العنف  والتي في مقدمتها  ضعف  دور  المؤسسة  التشريعية  ومؤسسة القضاء  في  حماية  النساء  ضد  العنف  الجنسي  الاغتصاب  ، الثقافة  المجتمعية  التي  تنقل الضحية  للشعور بالعار مما يدفع لإحجامها  عن تقديم  شكاية وبلاغ  للشرطة ، وانعدام  الرغبة المجتمعية في  تناول مثل  هكذا  قضايا  فقليلة  تلك الأقلام  التي  تعرج  للظاهرة وتتناولها  ، كما أن التشريعات الموريتانية تتناولها بحذر واستحياء ، فضلا عن أن أسر الضحايا تفضل دائما معالجة وكتم حالات الاغتصاب بدل عرضها على الهيئات القضائية صونا للأعراض ، وعدم مواكبة تزايد جرائم الاغتصاب تزايد الحماية القانونية والاجتماعية للنساء المعرضات أن يكن ضحية لهذه الجرائم ، والتراخي  الملحوظ من طرف  الجهات المعنية ،  وإحاطة  الاغتصاب بالكثير من الكتمان والسرية حيث لا تستحسن العادات الدينية والتقاليد الاجتماعية الحديث عنها، كما تمثل  معاناة   ضحايا الاغتصاب وخاصة القاصرات سببا من أسباب تفشي الظاهرة ، حيث تحبس بعض الفتيات المغتصبات بتهمة الزنا، وتتحول القاصر من ضحية إلى شريكة في الجريمة، بسبب أن القانون الجنائي الموريتاني لا يتضمن تعريفاً واضحاً للاغتصاب، وأحيانا يتم الخلط بين الاغتصاب والزنا ،   فلا يزال  مجتمعنا ميالا  لتحميل  الضعيف  المسؤولية  و لا يتورع  عن  القسوة في  حق  الضعيف ، معتادا  مجتمعنا حيال ظاهرة الاغتصاب  أي  يدفن رأسه في  الرمال  ويعلق  الأخطاء  على الضحية .
رؤية في حلول  لظاهرة الاغتصاب
كلما  ظننا  أن  ظاهرة  الاغتصاب  متجاوزة في  المجتمع  الموريتاني  المحافظ  يتضح  لنا أن  حجمها يتزايد  بصورة  غير  مألوفة ، ولمواجهة تفشي الظاهرة  يقضي  منا استحضار حلول   في غاية الأهمية  في  مقدمتها   تضييق  الخناق  على المغتصب بتقييد حريته  مدى الحياة  فألم الاغتصاب لا تزيله الأيام ، ولا يمحوه الزمن ، ولا ينسيه المواسون  ، كما يجب مواجهة جريمة  الاغتصاب التي  تنتشر في  مجتمعنا بصورة  مخيفة  بأحكام رادعة فلا يعقل  أن نعاقب  مرتكب  جريمة الاغتصاب  بذات العقاب  الذي  نعاقب  به  السارق ، ضرورة  ائتلاف  المدافعين  عن المرأة  وكسر  حاجز  الصمت  عن  هذا الانتهاك  الذي  تتعرض  له  النساء من خلال  العمل  على تجاوز  الظاهرة  والمساهمة في التوعية  بضرورة وضع  حد  لها  ، كما يجب  توفير  مراكز  تأهيل  نفسي للضحايا  واستصدار قانون خاص بجرائم  العنف  ضد  المرأة ، وضرورة الوعي  أن جريمة الاغتصاب  لا  توجه فحسب  لانتهاك جسد  المرأة وكرامتها  وحريتها  الشخصية  وصحتها النفسية  والعصبية وإنما توجه  للمجتمع  بأسره  ،  مما يتطلب  منا مساعدة الضحية  تخفيفا لكابوس الألم  بدون ذنب  اقترفته  ، ضرورة إقامة وحدات متخصصة للتعامل  مع  قضايا الاغتصاب  تكون تابعة  لوزارة شؤون المرأة  ، دمج  الثقافة الجنسية  في  منظومة منهاجنا التربوي  حماية للمجتمع من الانحراف   السلوكي  ، وإنصاف  ضحايا الاغتصاب  والكفاح  من  أجل  حياة  للمرأة  ،    فمن  حق  أمهاتنا وأخواتنا أن  ينعموا  بحياة  ملؤه الطمأنينة .... تحيتي لأولئك الأفراد  القلة القلائل  الذين يقدمون جهودهم التطوعية  مناصرة لضحايا الاغتصاب  ...........أوقفوا  طوفان  الاغتصاب  ... 


 

3. يوليو 2015 - 11:20

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا