يُعتبر التعيين في الوظائف السامية من صلاحيات رئيس الجمهورية، حسب الدستور الموريتاني، ورغم ذلك إلا أن الفضول الإعلامي- وربما غيره - يدفع بالبعض لإثارة ضجيج كلما عين الرئيس مسؤولين، أو أقالهم، بل ذهب البعض لتقديم جرد كامل للموظفين من قبيلة رئيس الجمهورية،
في خطوة تعتبر " عنصرية" برأي البعض، صحيح أن الزبونية، والمحسوبية، والانتقائية في التعيين أمر مرفوض، لكن ما هو صحيح أيضا أن القرابة من رئيس الجمهورية ليست " لعنة" تطارد أصحابها، وتجعلهم محرومين من ولوج الوظائف السامية.
كما تطلق تلك المنابر الإعلامية نفس الأصوات المُشككة، والمُنتقدة كلما أجرى الوزير الأول تعيينات في ديوانه، وتعتبر ذلك تصفية لخصوم مزعومين، إن رئيس الجمهورية، والوزير الأول هما الأدرى بطاقمهما، وطبيعة الوظائف، والأشخاص المناسبين لشغلها، والسؤال الذي ينبغي أن نثيره - كصحفيين- هو: هل يمتلك هؤلاء الأشخاص المُعينين الكفاءة، والأهلية القانونية لتقلد هذه المناصب أم لا؟؟ بغض النظر عن قرابتهم اجتماعيا من الرئيس، أو الوزير الأول، أو هذا الوزير، أو ذاك.
كما أن علينا أن نفرق بين الوظائف التي يتم الولوج إليها عن طريق مسابقات، ويجب أن تكون مفتوحة لجميع المواطنين دون استثناء، وفقا للشروط التي يُحددها القاناون، وبين الوظائف السامية التي يعطي القانون حق التعيين فيها للرئيس، أو الوزير الأول، أو الوزير.
إن مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين، لا يعني أن نُلزم رئيس الجمهورية أن يقوم ب "مُحاصصة" بين المواطنين، فالوظيفة ليست كعكة يتم تقسيمها، ويجب أن ينال الجميع حظه منها، فإذا نظرنا إلى تريخ موريتانيا منذ الاستقلال، نجد أسرا كان أبناؤها دائما في مناصب سامية، بغض النظر عن النظام الحاكم، وبغض النظر كذلك عن موقفها منه، وقد نجد جميع أبناء هذه الأسر معينين في مناصب هامة، في حين هناك أسر لم تدخل الوظيفة على الإطلاق، ورغم أن هذا قد يبدو غير منصف للوهلة الأولى، إلا أن له أسبابه الموضوعية التي فرضته.
ثم من قال إن التعيين في الوظائف تشريف، وليس تكليفا ؟؟ وهو تكليف قد لا يرغب البعض في تحمله، ويرة في مجالات أخرى جدوائية أكثر، فالرئيس بمثابة رب الأسرة، وهو أدرى بأفراد عائلته، وما يصلحون له، وما يصلح لهم، ثم إن جرد أسماء المُقربين اجتماعيامن الرئيس، وذكر وظائفهم، وتصويرهم وكأنهم جاؤوا من المريخ واحتلوا تلك الوظائف، فيه مغالطة كبيرة، لأن أي جرد للموظفين من أي قبيلة أخرى قد يبين أن أقارب رئيس الجمهورية أقلية في الوظائف مُقارنة بالآخرين، فهذا منطق مردود عليه، مع تسليمنا بعدم صوابه.
علينا إذا أن نضرب صفحا عن مثل هذه المشاكسات، حتى لا نُمارس ضغطا معنويا على الرئيس، أو الوزير الأول يجعلهما يعدلان عن تعيين الشخص المُناسب في المنصب المُناسب خوفا من أن تُوجه إليهما تُهمة تعيين الأقارب، فما يهمنا هو مؤهلات الشخص، ومدى نجاحه في أداء مهام منصبه، والقرابة، والقبلية ينبغي أن نتركها للأمور الاجتماعية، فالوطن للجميع، وعلى مسافة واحدة من الكل، والقرابة منه تكون بمدى التفاني في خدمته، والتضحية من أجله ليس إلا