من يقتفي أثر الوليد ؟ / عثمان جدو

العمل الخيري هو نشاط يقوم به بعض الأفراد أو الجمعيات بهدف تقديم خدمات يحتاجها الناس عادة،ويكون هذا النشاط بدون مقابل وهذا هو مايميز العمل الخيري عن غيره من الأعمال ؛ذات الصفة التجارية الربحية البحتة ، وتنقسم الأعمال الخيرية إلى أنواع كثيرة ؛كتقديم الغذاء

لذوي الحاجة والرعاية الصحية لبعض المرضى ممن لا يجدون نفقة العلاج؛ وكذلك مشاريع كفالة الأيتام ومساعدة الطلاب من أبناء الفقراء على الاستمرار في الدراسة ..إلخ .
وطبعا للعمل الخيري فوائد كثيرة وكبيرة ،ولقد لعبت الأديان السماوية والمعتقدات الاجتماعية دورا كبيرا في تنمية فوائده أو إهمالها، ووردت آيات كثيرة من كتاب الله تعالى وأحاديث نبوية تؤكد على وجوب الزكاة للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل، ومن المعروف أن الزكاة الواجبة إذا لم تف بالاحتياجات القائمة؛ يجيئ دور الصدقات وأعمال البر التطوعية؛لسد الحاجة ؛وكفاية المؤونة وتخفيف الآلام وحفظ الكرامة وحماية المجتمع من شتى الانحرافات والجرائم والآفات .
ومن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحث على أعمال البر المختلفة ؛قوله تعالى "ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيئين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل و السائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة ...)البقرة.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(اطعموا الجائع وعودوا المريض وفكوا العاني )رواه البخاري
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم :(تهادوا تحابوا).
وهناك فوائد إيمانية عديدة يعود أثرها على المتصدق والمتبرع بعمل الخير ؛إذ تعالج في نفسه رذائل الشح والأثرة والأنانية وتعوده على البذل والعطاء ،كما تبعث في نفسه الراحة والطمأنينة والسعادة والمغفرة والسعة في الرزق وطول العمر.
ثم إن العمل الخيري دليل على إيمان الفرد وصدق توجهه إلى الله عز وجل .
كما أن للعمل الخيري فوائد كبيرة على المجتمع فبتقديم الصدقات والزكوات للمحتاجين والفقراء والمساكين ومن في حالهم؛ نعالج مشكلات الفقر والبطالة ونمحوا الفوارق الاجتماعية ونزيل الأحقاد ونزيد لحمة المجتمع من خلال زرع التحابب بين مكوناته ؛التي يقرب بعضها من بعض بفعل التكافل والتهادي وتبادل الأعطيات، وبه ندعم الأمن من خلال تخفيف وتيرة السرقة ونماء الجريمة المترتبة عن طلب المال والحاجة إليه .
ونحن في شهر رمضان شهر الخير والإحسان شهر التنافس في الخيرات وتقديم القربات إلى الله والإكثار من بذل ماله الذي جعلنا مستخلفين فيه ،ينبغي على فضلائنا وميسوري الحال ؛التسابق إلى الخيرات والتأثر بكل حدث إيجابي في هذا المجال ومحاكاته؛واستلهام العبرمنه .. ولقد أصدر الأميرالملياردير؛ الوليد بن طلال بيانا صحفيا؛ أعلن فيه رغبته بالتبرع بكامل ثروته لصالح الأعمال الخيرية، وأعقب ذلك بمؤتمر صحفي ؛حضره نجلاه الأمير خالد والأميرة ريم ،أكد خلال هذا المؤتمر أنه سيقوم بالتبرع بكامل أرباحه ؛التي حققها من خلال اعماله الاستثمارية ،وطبعا هذا هو هدفه الأهم الذي وضعه لنفسه في بداية مشواره العملي؛ والذي أعرب عنه وبينه خلال ذات المؤتمر وأكد عليه، وهو هدف نبيل خاصة أن هذا المال المتبرع به موجه للمساعدة إلى جعل العالم أكثر سلاما وإنصافا وتقدما؛من خلال الإنفاق على تعزيز الحوار بين الثقافات المختلفة ، والنهوض بالمجتمعات المعوزة ،وتمكين المرأة ،وإيجاد فرص جديدة للشباب والمساعدة في اعمال الإغاثة الضرورية حال وقوع كوارث طبيعية وكذا للمساعدة على جعل العالم أكثر تسامحا وقبولا للآخر.
وتوالت ردود الأفعال العالمية عقب هذا القرار الشهم والمفاجي ؛ومن أبرزها استئناسا لا حصرا ؛ماجاء في تغريدة الملياردير العالمي "بيل جيتس " حين بادر بتهنئة الأمير قائلا : *حدث مهم يدعو إلى الإعجاب ،لقد أصبح الأمير بإقدامه على التبرع بكامل ثروته مصدر إلهام لكثيرين * .
أما الأمير البريطاني هاري فقد نقل عنه قوله : *أعتقد أن علينا جميعا أن نقتدي بالأمير الوليد ،أشعر أن علي أن أساهم بشيء ولكن يبدو أن رغباتي كشاب ما زالت تحول بيني وبين الإقدام على تلك الخطوة* .
ترى هل تؤثر هذه الخطوة في رجال أعمالنا واصحاب الحظوة منا وتدفعهم لمزيد من أعمال الخيرالتي نحتاجها في بلادنا خاصة وفي أمتنا عامة؟ ، لماذا لا نشاهد الاهتمام الكبير وصرف الوقت والطاقات في المجال السياسي من طرف الجميع يتحول إلى العمل الخيري؟ نحن بحاجة إلى نشر ثقافة التطوع من خلال علمائنا وأطبائنا ومثقفينا وسياسيينا ؛ومن خلال كل من لهم تأثير على أفراد المجتمع ؛أو كان لهم الحظ في أن جعلهم الله في مكان يستطيعون من خلاله خدمة الأخر وزرع قيم التعاون والتعاضد ، إن ما نعانيه اليوم من التشرم والانقسام واتساع هوة الخلاف ؛يستدعي منا أكثر من أي وقت مضى بذل الغالي والنفيس سبيلا إلى تنمية الوحدة الوطنية ونزع الضغائن والأحقاد؛ التي تهدد نسيج هذا المجتمع الذي يعتز أولا وأخيرا بأمنه وأمانه وإيمانه.

6. يوليو 2015 - 15:36

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا