" الأخبار" وقناة الجزيرة، وقصة الأحمدين / سعدبوه ولد الشيخ محمد

إن مبدأ توقيف الصحفيين، ومضايقتهم خلال تأتديتهم لعملهم هو مبدأ مرفوض، ومذموم، لا يعني ذلك أن كل الصحفيين " ملائكة" معصومون من الزلل، أو مخالفة القانون بالطبع، ومن هنا فقد أبديت تعاطفي، وتضامني المطلق من الأخ أحمد محمد المصطفى، ليس لأنه زميل في المهنة فحسب،

بل لأنه إنسان خلوق، ومتفان في عمله، ومخلص لمهنته، لكن مواكبة البعض لقضية توقيف الأخ " الندى" أثارت لدي الفضول، لأقارن بين توقيفه، وتوقيف أحمد منصور في ألمانيا، فقد بدت أوجه الشبه بارزة.

تعاطت " الأخبار" – وحُق لها ذلك- بكل سرعة مع خبر توقيف رئيس تحريرها، مع لمسة من " التضخيم" -تماما كما فعلت الجزيرة- خاصة فيما يتعلق بتعرض الأخ "الندى" للضرب، والاعتداء من قبل الجنود قبل اعتقاله – كما جاء نصا في الأخبار- وهذه القضية ينبغي أن تُكشف حقيقتها، فلماذا يضرب الجنود الزميل قبل اعتقاله في الشارع، وليس بعد توقيفه عندهم؟ ثم هل ضربوه قبل الاعتقال لأنه قاومهم مثلا ؟ نريد أن نتبين ما جرى، فأقوال " الأخبار" مصونة عن الكذب، وأفعال الجنود مصونة عن العبث.
وعلى شاكلة ما فعلت قناة الجزيرة مع توقيف أحمد منصور في ألمانيا فعلت الأخبار مع توقيف أحمد محمد المصطفى، وليس هذا مُستغربا، ولا مُستكثرا، رغم أن العديد من الصحفيين يتعرضون يوميا لمواقف من هذا القبيل وتمر مرور الكرام، وتتم تسويتها دون أن تجد طريقها للنشر، وأحمد محمد المصطفى نفسه تعرض سابقا لمواقف مماثلة لما جرى اليوم، ولم تأخذ الأحداث وقتها كل هذا الزخم.كما فعلت "الجزيرة" مع أحمد منصور حرصت " الأخبار" على التعاطي مع توقيف ولد محمد المصطفي بأسلوب يُظهره دائما باعتباره " بطل" القصة، على طريقة الأفلام الهندية، التي ربما تابع الزميل "
الندى" مشاهد منها خلال استضافته في قيادة أركان الجيش عبر قناة " زي أفلام" ورغم تضامننا المبدئي مع الأخ الندى، إلا أن مثل هذا الأسلوب الدعائي، والمُدافع، حتى لا أقول المُتحامل يجعل القارئ في وضع لا يدرك معه أبعاد الحدث، وخفايا القصة.
وكما فعلت " الجزيرة" مع أحمد منصور تم إعلان حالة الاستنفار القصوى على صفحات " فيسبوك" وشُكلت خلايا لمتابعة الأزمة، رغم أن مدة توقيف الأخ الندى لم تتجاوز ساعات قليلة، رغم أن دقيقة واحدة من تقييد الحرية تساوي عمرا مديدا، وربما اختارت " الأخبار" أن تضع صورة للزميل أحمد محمد المصطفى من استوديو قناة الجزيرة مع خبر توقيفه، لتقول إن " الندى" ليس أقل أهمية من أحمد منصور، والأخبار ليست أقل شأنا من الجزيرة.
أطلق سراح الزميل ولد محمد المصطفى بعد سويعات من توقيفه، وبدأ يسرد لحظاته في ضيافة الجيش، والدرك، تماما كما فعل أحمد منصور بعد الإفراج عنه، عندما كان ضيفا لفيروز زياني في برنامجه الشهير " بلا حدود" وربما لو كان الجيش يعلم أن رئيس تحرير الأخبار سينشر ما سيشاهده داخل أركان الجيوش لما تم توقيفه أصلا.
هذه بعض أوجه الشبه بين الحدثين، رغم فارق الظروف، والملابسات، ويبقى أن نؤكد على نقطتين هامتين، الأولى أن زمن توقيف الصحفيين، وإسكاتهم، وإرهابهم قد ولى إلى غير رجعة، وتلك السياسة باتت تأتي بنتائج عكسية، وثانيا على الصحفيين أن يُدركوا أنهم ليسوا فوق القانون، فالصحفي يُخطئ، ويتجاوز القانون أحيانا عن عمد، أو عن جهل، لكن الزميل الندى بالقطع ليس من هؤلاء، فثقافته القانونية راسخة.
كما أن حميتنا لزميلنا ينبغي ألا تدفعنا لترك حميتنا للوطن، عبر نشر مشاهد مما يجري داخل أسوار قيادة أركان الجيش، فتلك أمور ينبغي أن تظل حبيسة الجدران، وكل شيء فيها يعتبر سرا عسكريا مهما حسبناه تافها، ونشره ربما يقدم خدمة لأعدائنا جميعا، بدءا بما يشاهده الضباط من القنوات، وانتهاء بما لديهم من السلاح.

16. يوليو 2015 - 14:46

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا