شمس اغونتانامو الحارقة... تطل / محمدي ولد الداه

كم أنت صبور أيها الفتى الجسور ولد صلاحي..
أربعة عشر عاما وأنت  تعتصر الألم... أربعة عشر عاما والأم الصابرة ـــ مريم بنت الوديعة ــ ، لاتزال تنتظر’ ولا هبوب أخبار لطفلها الصائم’ في لفح الهواجر’ والقائم الليل يناجي ربه... 

أربعة عشر عاما ورمى المتسترون بقُبح الأيام المهندس محمدو ولد صلاحي في أربعة غياهب’ ذاق فيها مالا تتحمله بنيته الهشة.
رُحَلت أيها المهندس ولد صلاحي قسرا’ لم يرعوا فيك أنك راحة بال الأم ولا الزوجة ولا الأبناء ... لم يرعوا فيك التجلي بالعطايا والهبات في شهر رمضان الكريم لذوي القلوب الراحمة... كان مساءا غائما يوم اختير لك أن تولي وجهك شطر الأردن’ في صمت رهيب من جلاديك ومسلًميك وآخذيك.
ثمانية أشهر مُحكمة الحلق’ في سجنك الأردني’ مؤصدة الأبواب’ سهر تلو سهر’ تحقيق إثر تحقيق وتحقيق وألف تحقيق’ سكبوا أنهرا من العذاب على جسمك’الذي ينقلع من أديم الأرض حين تلامسها قدميك حتى لا تتأذي منه’ منعوك الماء والغذاء وأنت الذي آثرت الجوع من خوف يوم قمطرير’ وهجرت العذب الزلال لكي تكرع في الكوثر الأبدي’
رُحَلت ثانية إلى القاعدة الجوية في باغرام’ لم تلن قناتك وهم حاولوا يومئذ كسرها’ كنت صعب المراس في تعاطيك مع سيول التحقيق الحارقة والجارفة’ حتى وسموك بالعدو الذكي.
لم تكن قاعا صفصفا فوصفوك مثنى بالزعيم وكالوا لك الشتائم كيلا’ فعديت عن كل تلك الإهانات وكبرت حينما بهتوا فاستصغروا عن مجاراتك القول والمصابرة ضحوة من نهار لتهنأ ذات مساء بها.
رُحَلت إلى سجن غوانتانامو السيئ السمعة’ فتجمعت شياطين المحققين’ وأجمع الأمر كيدا على جسمك المنهك فلاقيت الأمرين الاحتقار الجسدي والتأثير النفسي’ فأريت بوش وأريت دونالد رامسفيلد ووزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس كم هو صعب ترويض طفل هادئ ونجيب.
سلبوك الصلاة والمناجات’ فأسبلت الدمع سخينا’ ألا ترونها حرية الدين والمعتقد ياحماة حقوق الإنسان’ وصرخت أريدها محاكمة ولتخلوا سبيلي فأنا لم أطأ قط ثرى أمريكا لأثير النقع ولا عائثا في الأرض أفسدها.
لم يتورعوا عن إثارة جسدك’ وأنت الذي كبحت ثورته’ على يد منظمة الصليب الأحمر، كيلا لا يتألم نصفك الآخر.
ألف شكر لثغرك أيها القاضي روبيرتسون’ فلقد صدحت بالحق’ وكشفت للعالم  زيف الديمقراطية وحقوق الإنسان  حين جهرت أطلقوا الطفل’ فبغير الحقيقة قد سجنتموه.
أوما يعي بوش وأذنابه’ بأن من أذلته نعل الصحفي العراقي منتظر الزيدي’ لا يستطيع اللبث’ لو اتَقد الضياء’ أفما استشعر أوباما حينها’ بأن الشمس هاهي تشرق من غربها.
ألف شكرلك أيتها المحامية نانسي هولاندر’ وزميلتك تريزا دنكان وليندا مورينو فإنكن اللاتي وقفن بساحل بحر الجحيم’ الذي يهاب الاقتراب منه كل أدعياء حفظ كرامة البشر وصون الحق الإنساني’ وعبدة الوهم’ الذين لا يتعدى نظر أحدهم’ موطأ قدمه.
فارقت مريم بنت الوديعة الحياة منذ برهة من الزمن’ فكننتموها روحا’ شدَ من أزر ولدها المُضاع’ وأيُ فتى أضيع’ شكرا لكن أيتها الراحمات’ فإنكن لا تهفون’ إلا إلى القلب الصافي’ كقطع الثلج’ والحَس المرهف’ في يوميات غوانتانامو.
أيها الولد وزَع الحلوى’ على كل بؤساء العالم... أيتها النخلة الباسقة’ والمتغربة في بلاد الغرب’ كم تعاليت عن الأقزام’ لئلا تلامس قطوفك الدانية...
أيها الفتى الخارق الذكاء’ والخائض جحيم’ سجنك التحكمي’ في خليج كوبا باسما’ انثر الحديث سبعا’ عن المعذًبين’ وعن الجبناء’ وعن وعن...  فغدا تتعافى شفاهنا’ فلنُريَنك كيف تكون البسمة.


 

14. أغسطس 2015 - 21:59

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا