هل حقاً توجد دولة تسمي موريتانيا ؟ / الحسن ولد امانه

إنه لمعلوم من أبجديا النظرية القانونية للدولة الحديثة أنها تقوم علي ثلاثة ركائز بدون أحدها لا تعد الرقعة في مصاف الدول لا الفاشلة ولا الناجحة :
_ الأرض ذات السيادة
_ الشعب صاحب الانتماء

_ حكومة سياسية ذات مرجعية شعبية
هي إذا أركان عليها اتفق كل فقهاء القانون علي اختلاف المشارب وإن أضاف البعض وقدم أو أخر فيها .. من هذا المنطلق هل يجوز أن نطلق علي الأرض المسمات " بلاد شنقيط " اسم الدولة الموريتانية ؟!.

أما عن الأرض فالأرض وإنْ في ظاهرها أرض وطن كافح من أجلها الأوائل وضحوا بأرواحهم الطاهرة ثمناً لتحريرها, فقد بدت في حقيقتها اليوم رقعة لإلقاء نفايات المخابرات الفرنسية وتنفيذ إملآتها دونما بطء ولا استفسار, ولك سيدي القارئ أن تري المساحة التي تحتلها السفارة الفرنسية في العاصمة كأبسط دليل, هذا إذا علمت أنها تضم مساحة أكبر من القصر الرمادي نفسه .. وكذاك يكون حال السيد مع المسود .. وهذه السفارة تضم في زاويتها الثقافية مرقصاً وقاعة للسينما معدة للإغواء والإغواء فقط, زرها وانظر كيف يشغلون الفلم ويطفئون المصابيح ويتركون الفتيات والفتيان علي وقع التيه ولحن الغريزة يرقصون دونما رقيب !..
ثم إن قبلنا _ تعسفا _ أن لنا أرضاً وأن ركنا قد تحصل .. ألنا شعب صاحب انتماء وطني ؟..
هيهات, علي هذه الأرض الحزينة  يعيش أكثر من شعب كلٌ في فلك يسبحون .. وقد شاهدت ذلك جليا أيام أحداث الجامعة في عام 2012 علماً أن رواد الجامعات عادة ما يكونون عصارة المجتمعات .. كنت يومها أراقب الوضع في صمت وأنا طالب في قسم القانون باللغة الفرنسية, جميع الطلاب بقسمي كانوا من " الشعب " الآخر إلا خمسة .. داخل اسوار الجامعة, هناك اتحاد يمثل شعبين وهناك اتحاد آخر يمثل شعبين, وكلٌ من الشعوب الأربعة متحالف _ انتقائياً _ داخل الحرم الجامعي, وفي خارجه شعب مستقل انطوائي له لغته وعاداته وأسراره إلا من رحم الله .. يومها كا البيظان ولحراطين يسيرون مظاهرات همها في الغالب فلسطين ومختلف الانتمآت الخارجية لهذين المكونين, وفي المقابل يسير الفلان والسونكي مظاهراتهم الخاصة ولا هم يحزنون !..
ولو أن الامر اقتصر علي تيارين لهان ولطاب, ولكن في الواقع وأثناء الدردشات الطلابية, تجد الفولان لوحدهم بلغتهم يتحدثون والسونوكي كذلك في عالم آخر وتزكم أنفك العبارات العنصرية التي يطلقها كل من البيظان ولحراطين تجاه بعضهم البعض أو تجاه أي مكون آخر .. لا سلم ولا تفاهم, كنت حين أجلس يغيرون الحديث إلي اللهجة البولارية فأظل أنظر باهتاً .. وحين نحتاج للتفاهم نتفاهم علي لغة الأجانب .. وكذلك يكون حال الفردين إذا كانا من شعبين مختلفين ولا أحد منها يتقن لغة الآخر, يلجآن إلي لغة أخري للتفاهم, ما يعني أن مدة التفاهم تنقضي بانقضاء الحديث ليعود كل إلي مخدعه وأسراره .. فذنب من هذا التشرذم  واللا شعور لا بالوطنية ولا بمواطنة الآخر يا تري ؟!..
البيظان علي كوكب مع عاداتهم التي لا محالة موردتهم قاع التلاشي عنما قريب !..
الفلان في كوكب يسبحون, لهم عادات وأسرار ولا هم يحزنون !..
السونوكي رغم روابطهم بالفلان, يظلون في عالمهم الآخر ولا ينزلون .. كأصحاب الكهف { وليتلطف ولا يشعرنَّ بكم أحد إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبداً }.
وكذاك حال لحراطين والولفيين ..لا لغة تجمع ولا وطنية تؤلف ولا علاقات اجتماعية تشفع .. نهج هيتلري صارم في فلسفة الأعراق !..
وحين ننظر في الخارطة العالمية نجدنا بدعاً من البشر .. في الصين أعراق ولها لغتها الرسمية الملزمة, في الولايات المتحدة عشرات الأعراق وفي الروس والهند .. ما الفرق سوي أن هناك أعراق آمنت بالوطن وجمعتها لغة الوطن وإن استمسكت بلهجاتها, وفي حالتنا أعراق يعز عليهم كل شيء ما عدي بناء وطن, إلا من رحم الله.
سيدي القارئ, إنْ نحن غرسنا الرؤوس في الرمال وآمنا _ مخادعة _ أن لنا شعبا موحداً, فهل لنا سلطة سياسية فعلية ؟..
الفقيه الفرنسي " باترلي " يعرف الدولة علي أنها : مؤسسة سياسية (...) فهل فعلاً تحكمنا سلطة سياسية مدنية ؟!..
يا سدي, العسكرية ثقافة وفلسفة والمدنية أسلوب وطبع ينغرس, العسكري إن خلع البزة يظل عسكري الفكر والطبع .. ما عرف في موريتانيا بعد عهد المختار حتي الآن, من افتعال المدنية والحس المدني ضحك علي الذقون مُرر من خلال ملء بطون الوجهاء  !.
ومما سبق نستخلص :
_ الأرض : سيادة منقوصة.
_ الشعب : أعراق مختلفة الانتماء لا يجمعها سوي السماء من أعلا والتراب من أسفل .. لا تقل لي الإسلام, فالإسلام قاسم مشترك بيننا وبين مسلمي النرويج, ويظل النرويجي نرويجيا.
_ السلطة السياسة : وجدت ثم أسقطت إلي أبد الآبدين.
النتيجة : كل ركن من الأركان المكونة للدولة الحديثة في موريتانيا به تصدع إن وُجد .. فإلي حتي متي ؟!

15. أغسطس 2015 - 10:26

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا