حروب العبيد عبر التاريخ / عبد الودود سيد الهادي

 

كل التغيرات الكبرى في تاريخ الانســانية كانت نتيجة  لثورات، لكنْ لم تنتج عن كل الثورات تغيراتٌ كبرى.. وأغلب الثورات بدأت بشرارة أوقدها أناس بعضهم لا يعرفون معنى الثورة..
لكنْ لم تكنْ كل الثورات عفوية، إذ منها ما كان حصيلة تأطير وتخطيط ويستند إلى نظرية..

إنها ثورات أفراد ضد جماعات وثورات جماعات ضد مجتمعات وثورات أقليات ضد مجتمعات ، مستضعَفين ضد طغاة... حدث هذا منذ غابر الأزمان وما يزال يتكرر اليوم في أزمنة وأمكنة غير متشابهة وتكاد تكون متناقضة، منها ما كان فاتحة تاريخ جديد، حيث ما بعدها قطيعةٌ مع ما قبلها، ومنها ما كان وظل خارج منطق التاريخ، مر كوقع الزر على الرمل لم يترك صدى، ومنها ما كان دمويا وعنيفا وقاسيا، ومنها أيضا ما كان سلسا وسلميا وهادئا، فمن «ثورة العبيد» على الإمبراطورية الرومانية، بزعامة سبارتاكوس، في القرن الأول قبل الميلاد، و«ثورة الزنوج» على خلفاء بني العباس، مرورا ب«ثورات الأحرار» في عصر الأنوار، وصولا إلى « الحرب الأهلية في أمريكا »،  تتعدد أساليب الثورة والمنطق واحد: الرغبة في إرساء واقع جديد، الرغبة في الحرية و المساوات .
  
I. ثورة العبيد الثالثة
  العبودية في الجمهورية الرومانية
في درجات متفاوتة خلال التاريخ الروماني، اعتبر وجود عمالة غير باهظة الثمن متمثلة في شكل عبيد أحد أهم عوامل الاقتصاد، وكان شراء العبيد يتم من خلال وسائل عدة، مثل الشراء من خلال تجار أجانب واستعباد الأجانب من خلال الغزوات العسكرية. ففي القرنين الأول والثاني قبل الميلاد، اهتمت روما اهتماماً واسعا بالغزو العسكري، وأدى ذلك إلى تصدير عشرات أو حتى مئات الآلاف من العبيد إلى الاقتصاد الروماني من المناطق الأوروبية والشرق الأوسطية التي استولى عليها الرومان. فقط، قلة من العبيد عملوا كخدم وحرفيين، بينما عملت الغالبية في المناجم وأراضي صقلية الزراعية وجنوب إيطاليا.
عامل الأسياد عبيدهم بقسوة وظلم كبيرين في معظم الأحيان خلال الجمهورية الرومانية، حين نص القانون على أن العبد ليس شخصاً بل ملكية، ويحق للمالك الإساءة أو إصابة العبد أو حتى قتله دون أي تبعات قانونية. كان هناك عدة درجات وأنواع للعبيد، أقل مستوى من الدرجات وأكثرها انتشاراً هم الذين عملوا في الحقول والمناجم، واعتمدت حياتهم على العمل البدني الشاق.
أدت المعاملة القمعية الشديدة للعبيد إلى عدة حركات تمرد، مثل حربي العبيد الأولى والثانية في عامي 135 و104 ق.م على الترتيب. بدأت كل من هاتين الحربين في صقلية، حيث وجدت عصابات صغيرة من المتمردين عشرات الآلاف من الأتباع مستعدين للهرب من حياة العبودية الرومانية القاسية. اعتبر مجلس الشيوخ الروماني هذه الحركات اضطرابات مدنية خطيرة، ودعي إلى تدخل عسكري مباشر لقمعها، إلا أنها لم تشكل تهديدا خطيرا للجمهورية. لم تر إيطاليا، قلب الجمهورية النابض، أي انتفاضة رقيق تمثل تهديداً للجمهورية، ولم تكن النظرة إليهم نظرة خطر محدق قبل ثورة العبيد الثالثة التي قادها سبارتاكوس.
بدأت حكاية سبارتاكوس عندما أنشأ لنتولس بتياتس (lentulus Batiates) في كبوا مدرسة للمصارعين، رجالها من الأرِقّاء أو المجرمين المحكوم عليهم، ودرّبهم على مصارعة الحيوانات أو بعضهم البعض، في حلبة الصراع العامة أو في البيوت الخاصة.
وكان في قانون الصراع أن لا يتوقف  حتى يقتل أحد المتصارعين.
حاول مائتان من هؤلاء المصارعين أن يفروا ونجح منهم 78، وتسلحوا واحتلوا أحد سفوح بركان فيزوف وأخذوا يُغِيرون على المدن المجاورة، طلباً للطعام. اختاروا لهم قائداً من أهل تراقية، يدعى سبارتاكوس (Spartacus)، «لم يكن رجلاً شهماً وشجاعاً فحسب، بل كان، إلى ذلك، يفوق الوضع الذي كان فيه ذكاء في العقل ودماثة الأخلاق». وأصدر هذا القائد نداء إلى الأرقاء في إيطاليا يدعوهم إلى الثورة، وسرعان ما التف حوله 70 ألفاً، ليس منهم إلا من هو متعطش للحرية وللانتقام. وعلمهم أن يصنعوا أسلحتهم وأن يقاتلوا في نظام أمكنهم به أن يتغلبوا على كل قوة.
زرعت انتصارات سبارتاكوس الرعب في قلوب أثرياء الرومان وملأت قلوب الأرقاء أملاً، فهرعوا إليه يريدون الانضواء تحت لوائه، وبلغوا من الكثرة حداً اضطر معه أن يرفض قبول متطوعين جدد بعد أن بلغ عدد رجاله 120 ألفاً، لأنه لم يكن من السهل عليه الاعتناء بهم.
سار بجيشه صوب جبال الألب، وغرضه من هذا «أن يعود كل رجل إلى بيته، بعد أن يجتاز هذه الجبال». ولكن أتباعه لم يكونوا متشبعين، مثله، بهذه العواطف الرقيقة السليمة، فتمردوا على قائدهم وأخذوا ينهبون مدن إيطاليا الشمالية ويعيثون فيها فساداً...
أرسل مجلس الشيوخ جيشين عظيمين، لتأديب العصاة. والتقى أحد الجيشين بقوة منهم كانت قد انشقت على سبارتاكوس وأفناها عن آخرها. وتوالت المواجهات إلى أن مات سبارتاكوس  في معركة فاصلة  مع الجيش الروماني بقيادة الجنرال ماركوس ليسينيوس كراسوس (Marcus Licinius Crassus).
كانت لتلك الهزيمة أسباب عديدة ومؤثرة  لعل أبرزها كان غياب التأطير الفكري ،كانت انتفاضة تنقصها الايديولوجية، كانت ثورة عفوية قادها شاعر بطل ولم يكن أبدا رجل سياسة. لكن المتتبع لأسطورة  سبارتاكوس  - والتي خلدتها أعمال فنية عديدة  لعل أبرزها كان فيلم سبارتاكوس للمخرج الامريكي ستانلي كوبريك   - لابد و أن يتأثر بتلك العبارة البسيطة في نهاية الفيلم: أنا سبارتاكوس، و التي غدت قولاً مأثوراً ، وتصدرت العنوانين في كثير من الأعمال الأدبية والفنية والصحافية للدلالة على الإيثار والمؤازرة حتى الموت. فبعد هزيمته وأسره مع ستة آلاف من الثوار، أراد قادة بعض الفيالق الرومانية أن يجعلوا سبارتاكوس عبرة. لكنهم لم يستطيعوا تحديد من هو سبارتاكوس من بين الستة آلاف أسير. لذلك أوقفوا الأسرى في صفوف، وسأل أحدهم: من هو سبارتاكوس؟
أجاب سبارتاكوس بشموخ: أنا سبارتاكوس. أدرك الثوار أنهم سيعذبونه وينكّلون به، واذا برجل ثانٍ يصيح من الخلف: أنا سبارتاكوس! ثم ثالث ورابع ثم تعاقبت الأصوات: أنا سبارتاكوس.. أنا سبارتاكوس! ستة آلاف عبد صرخوا: أنا سبارتاكوس! وبهذا حوّلوا الهزيمة الى انتصار! أمر القادة بقتلهم صلباً. ماتوا كلهم مصلوبين، ماتوا كلهم رجلاً واحداً: أنا سبارتاكوس!
آثار الثورة على العبودية
لا يمكن تحديد آثار الثورة على نظرة الرومان للعبودية، أو على نظام العبودية الروماني، لكن الثورة استطاعت هز المجتمع الروماني الذي بدأ بمعاملة العبيد بطريقة أقل قسوة عما قبل كما قلص ملاك الأراضي الأثرياء من أعداد العبيد المزارعين، لفتح الفرصة أمام الأحرار المحرومين ليعملوا في المزارع مع انتهاء حكم أغسطس، توقفت حروب الرومان التوسعية حتى حكم الإمبراطور تراجان (حكم ما بين 98-117 ق.م)، وتوقفت إمدادات العبيد غير المكلفين الذين حصل عليهم الرومان سابقاً عن طريق الغزو. وشجعت فترة السلام هذه على استخدام الأحرار كعمال في المناطق الزراعية.
بدأت الحالة القانونية وحقوق العبيد بالتغير أيضاً. خلال حكم كلوديوس ، صدر قانون تجريم قتل العبيد العجائز، وإن تخلى السيد عن عبده يصبح حراً .تحت حكم أنطونيوس ، توسعت حقوق العبيد أكثر، وحمل السيد المسؤولية عن قتل العبد، ويجبر على بيع عبده إذا ثبت إساءة المالك للعبد، كما وفر القانون طرفاً ثالثاً محايداً يمكن للعبد الاستئناف إليه. أتت هذه التغيرات القانونية متأخرة جداً عن الثورة، ولا يمكن أن تكون نتائج مباشرة لها، وهي تمثل تطور معاملة الرومان لعبيدهم عبر العقود.
من الصعب تحديد كيف ساهمت الحرب في تغيير حقوق العبيد الرومان القانونية. وتعتبر نهاية حروب العبيد مرافقة لنهاية فترة ذروة استخدام العبيد في روما، وبداية مفهوم جديد للعبد في المجتمع والقانون الروماني. كانت حرب العبيد الثالثة آخر حروب العبيد الرومانية، ولم تشهد روما أي انتفاضة عبيد على هذا المستوى مرة أخرى.
II.   2 - ثورة الزنج.. انتفاضة العبيد على دولة الخلافة
شهدت مدينة البصرة في منتصف القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي) ما عرف بـ"ثورة الزنج"، الذين ثاروا على المالكين وأسسوا حكومة لهم كان مقرها مدينة المختارة (جنوب البصرة) قبل أن تنهار حركتهم بعد أقل من عقدين، وذلك عندما جندت الدولة العباسية كل إمكاناتها، فكانت أطول ثورات العصر العباسي وأخطرها.
الأسباب
لقد كان جنوب العراق مشحونا بالرقيق والعمال الفقراء الذين يعملون في مجاري المياه ومصابها ‏ويقومون بكسح السباخ والأملاح وذلك تنقية للأرض وتطهيرها كي تصبح صالحة للزراعة وكانوا ‏ينهضون بعملهم الشاق هذا في ظروف عمل قاسيه وغير إنسانية للغاية تحت اشراف وكلاء غلاظ قساة ‏عديمي الرحمة ولحساب ملاك الأرض من اشراف العرب ودهاقنة الفرس الوافدين كليهما على العراق ‏‏,اما العبيد فكانوا مجلوبين من أفريقيا السوداء زنوجا واحباشا ونوبيين وقرماطيون إضافة إلى فقراء ‏العرب العراقيين والذي كان يطلق عليهم في ذلك الوقت تسمية الفراتيين، وكانت الدولة العباسية تعاني ‏حالة ضعف بعد وفاة المتوكل، وضعف أمر الخلفاء، الذين صار يتحكم بهم الجند، كما أن دولة الخلافة ‏أضعفتها الحروب الطويلة ضد الروم، وضد الدويلات الشيعية التي انفصلت عن جسم الدولة..
كان العبيد يجلبون من إفريقيا وخصوصا من ساحلها الشمالي ومن أهمها المنطقة المعروفة بزنجبار ‏‏(أرض الزنج) حيث يتم خطفهم و يشدونهم بالزناجيل ويسوقونهم بالسياط مشيا في قوافل الى البصرة ‏وغيرها من الاقطار والامصار، وكانت مناطق جنوب العراق والأهواز ذات أرض خصبة و لكن يغطيها ‏المد والجزر بطبقة ملحية سبخية فاستوردوا الزنوج الذين عملوا تحت لهيب الشمس وضرب السوط في ‏إزالة الطبقة الملحية السبخة لتظهر من تحتها التربة الصالحة للزراعة ثم يقومون بتجميع أكوام الملح ‏والسباخ وينقلونه بالبغال إلي حيث يباع في المدن والقرى وكان أجرهم اليومي حفنات من الدقيق ‏والسويق والتمر لا تسمن ولا تغني من جوع هذا بينما كان المترفون في بغداد يوضع علي موائدهم طبق ‏‏" الجام" وهو ألسنة السمك، وثمنه يزيد علي ألف درهم فيما يرويه المسعودي..!
1- زعم قائدهم انه علي بن محمد بن احمد بن عيسى الذي ينتسب لعلي بن أبي طالب عليه السلام. و دعي لتحرير العبيد من الرق لأنهم بعد إيمانهم لن يعودوا عرضة للرق والعبودية، واعتمد على تأويل الآية :-" إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون  وعداً عليه حق".
2- ضعف الحكام وتبدلهم.
3-  جاهر علي بن محمد بمبدأ الخوارج الذي يرفض كلّ تمييز قومي.
4- كثرة الزنوج وعدم حصولهم على أدنى حقوقهم الاجتماعية.
5- ادعاء قائدهم النبوة, ذكر عنه أنه قال :- " أوتيت في تلك الأيام بالبادية آيات من آيات إمامتي ظاهرة للناس , منها التي لقنت سورا في القرآن مجرى بها لساني في ساعة وحفظتها في دفعة واحدة , منها : سبحان , والكهف , وصاد , ومنها أني فكرت في الموضع الذي اقصده حيث أتيت في البلاد , فأظلتني غمامة , وخوطبت منها , فقيل لي : اقصد البصرة".
   النتائج
1- استقطبت ثورة الزنوج  حولها آلاف الزنوج الهاربين من أسيادهم والقبائل البدوية والفلاحين الناقمين.
2- نشروا الرعب في قلوب الناس.
3- قتل قائد الثورة النساء والأطفال والشيوخ كما كان الخوارج الأزارقة يحرمون  حتى النساء العلويات ( رغم تفاخره بنسبه لعلي وفاطمة ) استعبدهن وانتهكت أعراضهن, حتى أن هاشمية اشتكت له ظلم سيدها الزنجي , فقال لها :" هو مولاك أولى بك من غيره ".
4- بسط الزنوج سلطتهم على كلدة والأهواز وجنوبي العراق .
5- هزم الزنوج جيوش الخليفة الواحد تلو الآخر وبهذا زادت عزتهم بأنفسهم وكسبوا المال والجواري.
6- استباحة المدن وقتل أهلها وسلب سكانها واسترقاق النساء المسلمات في البصرة وحدها. وأثناء صلاة الجمعة عام 871 قتل حسب رواية المسعودي –" أُفني من الناس ما لا يدرى العدد ولا يقع عليه الإحصاء , يعلم ذلك إلا عالم الغيب والمقلل يقول أُفني من الناس خمسمائة ألف نفر ".
7- أقام الزنوج مدنا خاصة بهم مثل المنيعة والمختارة في العراق.
8-  بصورة غير مباشرة ساهمت ثورة الزنج على نجاح أسرة الصفاريّين في فارس بسبب انشغال الخليفة عنهم. كاد الزنج يسقطون الخلافة العباسية . ولقد أظهرت انتصارات الزنج عجز القواد الأتراك وبهذا أتيح للخليفة الأخذ بزمام الأمور فبعد فشل موسى بن بغا التركي , قام الخليفة المعتمد باستدعاء أخيه أبي احمد الموفق من منفاه بالحجاز ليحارب الزنج .
9- حاصر الموفق عاصمة الزنوج المختارية بعد أن هزمهم في معارك عديدة وبنى قبالة مدينتهم " الموفقية " ونجح جنده بعد قتال مستميت من دخول مدينتهم وهدم أسوارها وطاردهم وحرق أسواقهم ومنازلهم ولكنه فشل في القضاء عليهم نهائيا.
10-  فشلت ثورة الزنج في أن تكون ثورة اجتماعية , بسبب الجرائم الوحشية التي ارتكبوها من اغتصاب واسترقاق النساء الكريمات وسلب ونهب وقتل مئات الآلاف والاعتداء على الأطفال والشيوخ وتدمير للمدن والنيل من صرح الحضارة الإنسانية , وان كانت الثورة قد لفتت انتباه المجتمع الإسلامي إلى  حقوق العبيد وقد اثبت قتالهم مدى خبرتهم وإخلاصهم واستبسالهم وفي نفس الوقت عبروا عن حقدهم على المجتمع .

III.  الحرب الأهلية في أمريكا
مشكلة العبيد والتفرقة العنصرية بسبب لون البشرة كانت أزمة كبيرة في القرن قبل الماضي بالولايات المتحدة الأمريكية، لدرجة أنها وصلت إلى حرب أهلية بين ذوى البشرة البيضاء والبشرة السوداء وذهب ضحيتها الآلاف من المواطنين.
كانت الشعوب الأوروبية التي تمتلك مستعمرات في أمريكا تستخدم العبيد في زراعة البن وقصب السكر و كانت تشتريهم بكثرة من سواحل أفريقية، والواقع أنهم كانوا أقدر من غيرهم على تحمل مشقة العمل في البلاد الحارة.
وبدأت في أوروبا منذ الثورة الفرنسية حركة احتجاج ضد تجارة الرقيق فألغته السويد عام 1847 وفرنسا في عام 1848 وتبعهما بقية الممالك.
أما في الولايات المتحدة فقد كانت مسألة الرقيق سبباً في حدوث حروب مدنية طاحنة ، وذلك أن ولايتي “جورجيا” وكارولين” الواقعتين في الجنوب الشرقي كانتا تزرعان القطن في مساحات واسعة، وكان لابد لهما من استعمال العبيد لهذه الغاية خصوصا بعد أن ثبت أن القطن مصدر ثروة كبيرة في البلاد، وكانت الولايتان المجاورتان “مريلاند” و”فرجينىا”اللتان لا يصلح جوهما للقطن تشتغلان بتربية العبيد واستجلابهم فيبتاعهم كبار الملاك، والمزارعين في البلاد القطنية.
ونتج عن ذلك ازدياد عدد العبيد في هذه الولايات الجنوبية، وانتشار تجارة الرقيق فيها مع أن إحدى مواد دستور سنة 1787 كانت تنص على أنه في جميع ولايات الاتحاد لا يجوز استجلاب العبيد ابتداء من سنة 1808م، ورغم ذلك فإن موظفي الولايات الجنوبية ظلوا بعد سنة 1808 يساعدون على دخول العبيد في أمريكا عن طريق التهريب.
وقد وصل عددهم 700 ألف في عام 1790 منهم 40 ألف في الولايات الشمالية الثمانية و 660 ألف في الولايات الجنوبية  ثم بلغ  مليوناً ونصف في عام 1820م.
وقد بدأ ت بعض الأصوات في الارتفاع حوالى عام 1883م للمطالبة بتحريم الرق باسم الإنسانية ، وأخذ الكتاب والأدباء يصورون بؤس العبيد وما يترتب على وجودهم من تدهور و انحطاط في القيم الأخلاقية بصورة عامة، و في سنة 1854 في الشمال تأسس الحزب الجمهوري  الذى أعلن الحرب على الرق وفاز مرشحه في الانتخابات “إبراهام لنكولن” الذى صار رئيساً للبلاد  في 6 نوفمبر عام 1860.
ونشبت الحرب الأهلية على أثر ذلك بين ولايات الشمال والجنوب  تلك الحرب التي يحلو للبعض أن يطلق عليها  اسم حرب العبيد ودامت أربعة أعوام ( 1861- 1865) انتصر فيها الشمال بفضل تفوقه العددي، كان سكانه 19 مليون من البيض وسكان الجنوب 12 مليون منهم 4 ملايين من العبيد.
وهزم  “جرانت” قائد الشمال “روبرت لي” قائد الجنوب هزيمة ساحقة في أبريل 1865 فانتهت الحرب بعد أن كلفت الشمال وحده 300 ألف رجل و 600 مليون جنيه.
وكان المؤتمر الاتحادي أعلن إلغاء الرق في ولايات الاتحاد في يونيو من سنة 1862 وفى الولايات الثائرة يناير من سنة   1863م، وتم إدخال تعديل في الدستور ينص على إلغاء الرق إلغاء تاماً في الولايات المتحدة،  وقرر المؤتمر فيما بعد منح العبيد نفس الحقوق السياسية التي يتمتع بها البيض.
ومن ذلك الوقت نشأت “المشكلة السوداء” وبالرغم من مساواتهم بالبيض أمام القانون فإن البيض في الجنوب يتذرعون بجميع الوسائل لإقصاء السود في الانتخابات والحقوق السياسية والاجتماعية.
كثيرا ما تتشابه الاحداث رغم اختلاف الاماكن والازمان، فالبطر يولد الطغيان والاستبداد و الظلم والقهر ينتجان الاحتقان فالانفجار.
المراجع:
مصطفى مرادا نشر في المساء يوم 29 / 07 /2011
أعمال خالدة ل فريد نعمة، التاريخ: 27 سبتمبر 2013
سبارتاكوس.. البطولة والحرية والإخاء
موقع ويكيبيديا.
   
..........................................
   مصطفى مرادا نشر في المساء يوم 29 / 07 /2011
  الفيلم الأمريكي الدراما التاريخية الملحمية للمخرج ستانلي كوبريك، المستند إلى رواية تحمل نفس الاسم للكاتب هوارد فاست.  وهوعبارة عن ملحمة تحكي قصة سبارتاكوس وأحداث حرب العبيد الثالثة. 

16. أغسطس 2015 - 11:51

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا