عادي / عبد الرحمن ودادي

يروى ان احد ابناء الأمراء كان يصاب بتغير في المزاج كل صيف، وذات يوم قائظ و شديد الحرارة ارسل الى جماعة الطلبة في مضارب الحي وقت صلاة الظهر  يستدعيهم على وجه السرعة.

لبى الجمع و جلسوا في خيمته ينتظرون قدومه.

بعد ساعة دخل عليهم عاريا و لم يسلم على احد ، اتجه الى سطل كبير من الدهن الحر و شربه دفعة واحدة و مد يده الى بندقية مسندة على الركيزة و اطلق منها رصاصتين و اخذ فروا سميكا و تغطى به.

ساد صمت مطبق لوقت طويل، انشغل البعض بمسابحهم و اخذ آخرون يتمتمون بالأدعية ...

بعد مرور وقت طويل اخرج الشاب رأسه من تحت الفرو و عيناه بلون الدم و قال صارخا :
انا اسمع أزيزا داخل رأسي.
تبادل الجمع النظرات و اجابوا بصوت واحد :
عادي
ـــــــــــــ
منذ اشهر اصدرت منظمة العمل الدولية 1 تقريرها حول البطالة لنحصل على الرتبة الأولى على كل امم الأرض بأكثر من ثلث سكاننا من العاطلين، الهيئة الدولية لم تلق بالا لتقارير وزارة الشغل و لا تصريحات السيد الرئيس حول القفزة العملاقة التي حققها بخفض البطالة الى 10 في المئة.

قبلها ظهر تقرير الفقر في العالم العربي 2 لتحصد موريتانيا الميدالية الذهبية كأفقر دولة عربية ، متجاوزة  جيبوتي التي يرتكز اقتصادها على قاعدة بحرية وفي هذه الأيام صدر تقرير السعادة العالمي  3 ليصنفنا اتعس من الصوماليين الذين يعانون حربا اهلية من عقود.
ولد عبد العزيز لم يكتف بكل ما سبق وها هو يخرج علينا الآن بمنظمة لزوجته يديرها  نجله احمدو  توزع المساعدات بعد ان كذّب الكثيرون حول ما نشر عنها من اخبار و عن اقالة السفير الموريتاني في قطر بعد فضيحة متعلقة بها 4.

يبدو ان المنظمة عملت في الخفاء و اختصت في الجمع من دون أي صرف لسنوات ، و بعد ان كشفت من طرف الصحافة 5 خرجت للعلن.

ما قيل من ولد عبد العزيز  عن منظمة ختو منت البخاري سيئة الصيت لم يزحزحه عن معاودة نفس الاقصوصة ليظهر جليا ان الخلاف لم يكن لرفض مبدئي لسرقة  الصدقات و ابتزاز رجال الاعمال و استجداء رؤساء و ملوك العالم بقدر ما كان رغبة في تغيير الملاك.

البعض يرى ان ظهور المنظمة تهيئة للتوريث لتستمر "الانجازات العظيمة"  و لهم حجج منها ان تصريح الرئيس الأمريكي ـ الذي يعتبر عند صغار الدكتاتورين بمثابة رب يعبد ـ في جولته الأخيرة برفض امريكا القاطع للتلاعب بالدساتير لتمديد فترات الحكم.

كما يجزمون بفشل مشروع  ترشيح ولد بايه بعد تصريحاته الصادمة حول الاستحواذ على اكثر من عشرين مليار و ما اثارت من ضجة و ان البرلمان سيصادق على تغيير سن الترشح و اقرار نشيد و علم جديدين.

البعض ينكر و الآخر يؤكد و الكل ينتظر ، اما انا فأرى  انه من العادي ان نسمع كل انواع الغرائب .... نسرق باسم محاربة الفساد و يرثنا  احمدو و تتصدق علينا تكيبر.

اختبائنا طويلا تحت الفرو في الصيف اللاهب و شربنا ارطالا من الذل وتعرينا من كل نخوة و كرامة.

لا نامت اعين الجبناء.

23. أغسطس 2015 - 23:26

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا