توجوه ملكا ونستريح ! / غالي بن الصغير

تنتشر الجريمة بأنواعها في وطننا الحبيب ؛ فالقتل والغصب والسرقة والنشل صارت خبز صحافتنا اليومية ؛ أما التطاول على المقدسات الدينية والثوابت الوطنية فحدث ولا حرج؛ مع كلّ هذا فلن تجد في خطاب معارضتنا سوى المطالبة بالمشاركة في حكومة وطنية .
ويتغلغل الجهل والفقر في مجتمعنا ؛ فيحصد أرواحها ويضيّع أجيالها؛

 فلا معلّما ولا أستاذا من صفّ معارضتنا يتطوع فيوقظ ضميرا من سباته ؛ ولا رجل أعمال منها أو موظفا يعطف على ضعيف فيكسب ودّه يوم يكشف عن ساق؛ ولا مفكرا سياسيا منها ينزل من قصره العاجي فيلامس به هوى شبابنا؛ لن تجد منهم هذا ، فهم في معارك طاحنة مع الهابا ؛ وجوقة الحوار.
ويتململ المواطن من غلاء الأسعار ؛ و يسخط من سوء إداراته المحلية ؛ بسبب أدائها الخجول مع( حمى عرفات)؛ وفشلها الفاضح مع الصرف الصحي؛ والعطش والجدب ونفوق الحيوان في الداخل ؛ ويقف المواطن حيرانا ينتظر من يحمل همومه الآنية فهو لا يفهم غيرها؛لكنّ معارضتنا سوف تذهب بعيدا في دعايتها ؛ وتتركه شريدا فريدا؛ كأنّما أصابها عور عن آماله وآلامه اليومية؛وتدعوا إلى حلّ كتيبة (بازب).
فهيهات لأمي لا يقرأ ولا يكتب ؛ولمثقف دهسته الفاقة؛ أن يفقها من مخاطر( بازب ) أو يأبها لها؛ إلا بقدر ما يفقها من برامج أحزبنا الوطنية ؛ وما أقلّهما.
أسّ البلاء في حكم العسكر ؛ فهذا مسلّم به ؛ ولا يجادل فيه إلا مكابر.
لكنّ بيت الداء أيضا في النخب ؛فهي تغرد في واد وتطبل ؛ وشعوبها صارت تفترس في واد آخر وتقتل؛ وهي ظاهرة تجتاح منطقتنا العربية ككلّ ؛ فلبنان مثلا شعبه ثائر من تراكم النفايات التي تخنقه؛ والنخب مشغولة بالطائفية.
و معارضتنا نفس الشيء؛ فهي مهمومة كذالك من تغيير الدستور والحفاظ على الطبقة السياسية والمشاركة في الحكومة؛ وشعبنا مهموم من الجوع والعطش والجدب ونفوق الحيوان .
فلماذا لا يكون خطاب معارضتنا شعبويا؛ يتفاعل مع هموم شعبه ومآسيه اليومية ؛ أليس من الحكمة مخاطبة الناس بما يفهمون ؛بلى ؛ (والذي قدر فهدى).
النظام أخذ قراره في الحوار بمن حضر؛ وسارع بعضهم بتلبية نداءه ؛و الباقي سوف يجمعه من شظايا معارضتنا. والمواطن البسيط صار يهمس أنّ الشعب لو خيّر لأختار من تجارب الأمم حكما دائما؛يحظى فيه نظام العسكر بمحفزات مادية ومعنوية؛ فتوجوه ملكا ونستريح؛على أن يترك لنا شأن البلد وللأبد للمدنيين؛ فالمتغلب لا بدّ له من غنيمة؛ فما المانع من أخذ الحكمة من أفواه البسطاء.
هذا حلّ تخيلي لمعادلة صعبة ؛ لها حلول أخرى حقيقية ؛وهي الآن بعيدة المنال؛ و(ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه).

2. سبتمبر 2015 - 10:55

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا