يتحدث الجميع عن الموالاة و كأن فى بلانا نظام حكم قائم له أركانه و رجالاته , له سياساته و أهدافه , و له مرجعيته التى تحكم تصرفاته. قد يرى البعض أن فى هذا الطرح تجنى على أصحاب الأحزاب المنضوية تحت لواء ما يسمى أحزاب الأغلبية و على الحكومة ولكن بالرجوع الى واقع الحال نجد أن الوصف أكثر
من موضوعى , ففى هذه الأحزاب تجد من خلفيته قومية أو دنية و اخرين لا يفهمون من السياسة غير الولاء لمن هو فى البيت الرمادى.
ما يجب الوقوف عنده فى حال أهل السياسة فى بلدنا هو كيف يجتمع أهل السياسة فى اطار واحد دون أن تكون السياسة نفسها جامعة لهم , حيث أن ما يجمع أحزاب المعارضة هو معارضة النظام دون الاتفاق فى المشاريع المجتمعية التى يقدمونها والذى قد يصل حد التنافر فى الطرح السياسى و المرجعية الفكرية و هو ما يتضح جليا كلما تعرضت لأبسط الهزات. فى حين لا يجمع الأحزاب الموالية و بكثير من الموضوعية غير الأمل فى الحصول على مصالح دنيوية أو الخوف من تسلط الحاكم وبطشه و اخرون وجدوا أنفسهم جزءا منه وهم القلة من المحيط الاجتماعى للرئيس أو من رأوا أنهم ركوب موجة الحكم عن قصد أو غيره. يتعزز تصورنا عن الأحزاب الموالية من خلال النظر لأبسط الأمور المتعارف عليها فى علم السياسة فلا هى شاركت فى الحكم ولا هى نصحت او أرشدت او أعانت و بذلك نبقى محكومون من قبل شخص لا من قبل حزب سياسى كما هو المتعارف عليه فى عالم اليوم.
تجتمع الموالاة عندنا فقط على مفردات أصبح الجميع يتندر بها موالاة و معارضة ( التوجيهات السامية و السياسات الرشيدة و الشفافية...) و دون حتى الالمام بالسياسات المتبعة من طرف الحاكم أو بالحد القليل منها ان وجدت , فأهم السياسات الى تقوم عليها الأنظمة هى نوع السياسة الاقتصادية المتبعة وهو ما لا يمكن لأى اقتصادي الاجابة عليه فى الحالة الموريتانية , حيث تغيب الرؤية و تتداخل الأهداف و يصعب تحقيقها و قياسها مع عدم اعتماد أى من المدارس الفكرية الاقتصادية كمرجعية مع أن الأمر قد يفسر بأنه ابتكار من القائد المؤسس السيد الرئيس وفى هذا الحال يجب أن لا نضيع على رئيس الفقراء جائزة نوبل للاقتصاد.
السيد الرئيس يجب الوقوف عند أمر بسيط هل من بين وزرائكم يوما من قدم تصورا حول التشغيل باعتباره المعضلة الأساسية أمام كل اقتصاديات العالم أو حول اصلاح قطاع اخر ؟ , ألا ترون معى أنه من غير المعقول أن كلما تقدمونه من طرح فى أى مجال يلقى ترحيبا و موافقة من خلية مستشاريكم و حكومتكم دون أبسط اعتراض أو حتى تصويب فكل ما تقدمونه من أفكار يعتبر الأنسب للموضوع قيد النقاش ؟. لقد أصبت فى بعض القرارات معى تأكدى من ان الفكرة قد تكون من عندكم و بمباركة الاخرين , كما انكم أخطأتم فى قرارات أخرى سيثبت لكم التاريخ عدم جدوائيتها : صندوق الايداع والتنمية , شركة النقل الحضرى و شركة الألبان.....
السيد الرئيس لقد اخترتم أشخاصا كانوا غير معروفين لدى عامة الناس فى فترة ولد الطايع مع أن السبب يرجع فقط لأنهم لم يجدوا الفرصة لذلك و اخرين من الصف الثانى و قلة من الصف الأول , لقد حاولتم خلق سياسيين جدد و لكنكم لم توفقوا فى الاختيار ولا أريد الخوض فى تفاصيل ذلك لأنه يدركه حتى غير المتعلم فى بلدنا لسذاجة طرحهم فى البرلمان وسيرهم الذاتية التى لم تسجل فى الغالب أى تحصيل علمى و قد يكون التحصيل الاخر مما يصعب فهمه.
تتمثل ما يسمى عند أهل الشارع بالموالاة بالاتحاد من أجل الجمهورية و ملحقاته , و قد لا يصعب فهم التسمية لأنها امتداد للحزب الجمهورى و كأن من فى الحكم لا يمكن تسمية حزبه إلا بالجمهورية و هو ما يعود الى النية فى التمسك بالحكم. تتمثل الموالاة ان وجدت فى حزب الاتحاد و هو ما يفسر بامتلاكه لغالبية مريحة فى البرلمان و 99% من الحكومة و بجميع المناصب السامية فى البلد. أما الأحزاب الأخرى فتكتفى برئاسة مجلس ادارة أو ادارة مركزية بإحدى الوزارات أو اذا ما استفادت من بعض التسهيلات على مستوى الادارة وفى المقابل ترجع جميع المشاكل الى التراكمات و بأن الأمور اليوم أصبحت شفافة و هو ما قد يفهم فى بعد اخر و أن الفساد محارب و كل تلك الخطابات المسجلة لا يمكن لأصحابها الدفاع عنها بأبسط الحجج , و الأمر يعود الى ضعف التنظيم الحزبى و ضعف الخطاب و عدم انسجامه و ضعف التكوين العلمى لمن يعتلون المنابر فى الغالب الأعم و فى أحايين أخرى لا يشفع لهم سلوكهم ولا طريقة حياتهم ولا تاريخهم.
أما فى حال النظر الى الملحقات فنجد الأمر لا يتعدى مجموعة من الأحزاب تتشكل فى أحسن الأحوال كرد على أخرى كحزب الفضيلة أو كتجاوب مع وضعية معينة كالحراك و الوحدة والتنمية أو لإعطاء فرص للآخرين لدخول عالم السياسة و من خلال الواجهة لصعوبة ذلك من خلال الاتحاد. ومن خلال هذا التصنيف نجد بأن أحزاب الحراك و الوحدة والتنمية جاءت من أجل الحد من حركة 25 فبراير و هو ما يرجع الى التقدير الزائد وقتها لزخم تلك الحركة فأصبحنا البلد الوحيد فى العالم والذى نجد فيه أحزاب للشباب و هو ما يتنافى مع أبسط مبادئ الديمقراطية,مع أن هذه الأحزاب لا مستقبل لها لضعف مستويات من ينظرون لها كما أن جميع قادة هذه الأحزاب قد تعدوا سن الشباب. كما أن حزب الفضيلة لا يمكن أن يكون منافسا لحزب تواصل لعدم التزامه بقرارات المرجعية الفكرية و بالتالى أصبح حزبا بيافطة دينية و بمحتوى تقليدى. أما الأحزاب الأخرى فيرجع تشكيلها فى الأصل الى غياب المقاعد فى الصف الامامى لحزب الاتحاد ومن أجل زيادة عدد الأحزاب الموالية و هى فى غالبها تدار من قبل أشخاص يفتقدون الى معرفة أدنى أبجديات عالم السياسة و الى أبسط مؤهل علمى , وهى لا تعدوا كونها مبادرات للتأييد و المساندة رأوا أصحابها أنه بالإمكان ترخيصها , حيث أن خطابات أصحبها تدفع الكثيرين الى الابتعاد عن عالم السياسة فى بلدنا.
و بالنظر الى مستوى النقاش على مستوى البرلمان بغرفتيه سنجد بدون عناء أنه يتم تبذير المال العام من خلال صرف رواتب لأشخاص مع تدنى مستوى ما يقدمونه من مقترحات و توصيات , حيث لا يحضر تلك الجلسات ربع عدد النواب و هو أمر يستشف من خلاله أن البرلمان عندنا لا يعدوا كونه مؤسسة لخلق بطالة مقنعة مع استنزاف لخيرات البلد.
يتضح من خلال ما سبق بأن الموالاة عندنا للحكم أسلوب يتخذه البعض من أجل الوصول الى مصالح شخصية و بالتالى يوال اليوم و قد يعارض غدا طبعا بنية الموالاة بعد غد.
نرجوا ان يكون طرحنا منصفا و يتحلى بالنزاهة الفكرية , لأننا نود من خلال هذه المقالات توضيح بعض الاشكاليات المطروحة لمجتمعنا و العوائق الحقيقية أمام تقدمه.
و الله من وراء القصد