حتى لا تكون فتنة...العمالة الموريتانية في السعودية / عبد الله ولد إسلمُ

في بلد كموريتانيا ترتفع فيه البطالة بشكل كبير, ويعاني مواطنوه شحا في الحصول على الوظائف وولوجها, وتتنوع فيه المشاكل الاقتصادية وأوجهها, ويعيش الكثير من مواطنيه تحت خط الفقر, في واقع كهذا سيكون الحصول على عمل يضمن دخلا مريحا حلم كثير من مواطني هذا البلد,

حتى ولو كلف ذلك هجرة مؤقتة تساهم في تحسين أوضاع أصحابها وأسرهم, وتتأكد تلك الرغبة وذلك الحلم عندما تكون الوجهة هي المملكة العربية السعودية, فهنا يختلط الموضوع ببعد روحي منغرس في قلوب الموريتانيين.
لا شك أن المملكة العربية السعودية تشكل وجهة مهمة للعمالة في العالم, وخاصة عمالة الدول الفقيرة, وشجع على ذلك أكثر قيامها بتحسينات مهمة في قانون العمل, ولقد ظلت المملكة العربية السعودية تختار دولا بعينها يتم استقدام العمالة منها فقط, غير أنها أخيرا أدخلت موريتانيا ضمن تلك الدول التي يتم استقدام أنواع مختلفة من العمالة منها, وما إن تم ذلك حتى قام أصحاب شركات الاستقدام باعتماد أعداد كبيرة من تآشر العمل من موريتانيا, وبما أنه لا توجد في موريتانيا مكاتب معتمدة  لتصدير العمالة كما هو الحال في بقية الدول التي تصدر العمالة (الهند إندونيسيا الفلبيلن وغيرها), أو قوانين منظمة لهذا المجال فقد تعامل أصحاب شركات الاستقدام مع أفراد موريتانيين يقومون بدور الوسيط بين العامل وشركة الاستقدام, وقد لوحظ إقبال كبير على أولئك الوسطاء من لدن الباحثين عن عمل, وتم بالفعل استقدام أعداد من العمال إلى المملكة العربية السعودية, وباشروا أعمالهم بشكل منتظم, وهنا أود التنبيه إلى عدة أمور:
- يقوم العامل بالتوقيع قبل السفر على عقد يتضمن راتبه وطبيعة الوظيفة التي سيقوم بها
- أن الوسيط الموريتاني لم يضع العاملات في الصورة الحقيقية وبالغ في تلميعها, بل أكثر من ذلك وعدهن بمزايا مادية وأوقات فراغ إضافية يمكنهن القيام فيها بأعمال ذات مردود مادي مهم حسبما روت لي شخصيا إحدى العاملات اللائي فسخن عقد العمل ليرجعن إلى موريتانيا.
- أن عمالتنا لا تملتك من الثقافة القانونية والمدنية ما يدفعها للتدقيق في عقود العمل, والاكتفاء بالوعود اللفظية من الوسطاء الموريتانيين.
- أن شركات الاستقدام تتحمل جميع مصاريف الاجراءات من إصدار الجواز وحتى الوصول لصاحب العمل في المملكة العربية السعودية بما في ذلك مصاريف الطريق.
- أنه ضمن العقد الذي يفترض أن العاملات وقعن عليه: في حال رغبة الطرف الثاني (أي: العامل) في فسخ العقد فعليه دفع جزاء الفسخ وهو عادة المبالغ التي تكلفها صاحب الشركة.
- هناك صعوبات أخرى تتمثل في ترامي أطراف المملكة وما ينجم عن ذلك من صعوبة الوصول ‘لى العمالة هناك.
- انعدام ثقافة الوافد عموما بتسجيل تواجده في السعودية عن القنصلية أو السفارة ما يساعد في الوصول إليه في حالة ما إذا تعرض لأي مشكل
بعد وصول أعداد من العاملات للسعودية تفاجأن بالصورة غير المتطابقة مع ما تم وعدهن به ورفض البعض منهن العمل, وهو ما سبب مشكلة بينهن وأصحاب العمل, ومن الحالات التي اطلعت عليها خمس سيدات في مدينة الرياض رفضن العمل وأبدين رغبة في العودة للبلاد, وتنازل أصحاب العمل فيها, وقاموا بتحمل مصاريف تسفيرهن إلى موريتانيا, وخمس أخريات في مدينة أبها اتصلن بالقنصل الموريتاني في السعودية السيد آدّو ولد ببانة, وعرضن عليه مشكلتهن, فقام بالاتصال بأصحاب العمل وأقنعهن بضرورة التنازل عن جزاء فسخ العقد – على الأقل في المملكة العربية السعودية-, وأنه بإمكانهم المطالبة بحقوقهم في موريتانيا, وهو ما استجابوا له بشكل ودي وقاموا بإصدار تآشر خروج نهائىي للمعنيات, وبقيت مشكلتهن أنه ليس لديهن من يدفع ثمن تذاكر العودة إلى موريتانيا, وتم إيداعهن في دار الشؤون الاجتماعية في أبها لحين إيجاد التذاكر, وقمن بالاتصال بعدة جهات في موريتانيا وعدتهن بتذاكر العودة, غير أن أيا من تلك الجهات ولا ذويهن وفروا التذاكر, ليقوم القنصل الموريتاني بتحمل المسؤولية من جديد, وإرسال بعثة من القنصلية إليهن لتأتي بهن من مدينة أبها وتضعهن في ظروف جيدة لحين حل مشكلة التذاكر, ليقرر في النهاية بعض الدبلوماسيين وأفراد من الجالية بتحمل الموضوع على المستوى الشخصي وتأمين تذاكر لهن, وقد قابلتهن صدفة في مقر القنصلية الموريتانية في جدة يحكين تفاصيل الموضوع, وهناك حالة أخرى قام رجل أعمال من الجالية بتحمل تذكرتها, ويتوقع من حين لآخر ظهور مشكلات لبعض العاملات للأسباب التي ذكرتها سابقا, بالإضافة إلى حالتين سابقتين قطع لهما الكفلاء تذاكر العودة, ولولا التصعيد الإعلامي القائم ضد أصحاب شركات الاستقدام لما مانعوا في تأمين تذاكر العودة للعاملات, والتنازل عن خسارة تكاليف الاستقدام, ولما كان الموضوع بهذه السخونة والتهويل توقف أصحاب العمل عند حدود الحق الذي تكفله لهم قوانين العمل, ولم يعودوا مستعدين للتنازل عن أي شيء, أحرى أن يجاملوا بما لا يلزمهم قانونا.
وأيا يكن فإن موضوع تصدير العمالة قد يكون ذا وجه إيجابي ومردود اقتصادي مهم عندما تتوفر السبل القانونية الكفيلة بضمان حقوق العامل, وحين يتوفر العامل على الوعي الكافي لمعرفة ما له وما عليه في جميع الحالات.
وفي الختام أود تنبيه المنظمات الحقوقية والمهتمين بهذا الموضوع إلى ضرورة التركيز على عدة أمور أرى أنها من مصلحة الجميع.
- التثبت من الوقائع قبل الاندفاع في إدانتها والتشهير بها.
- الحذر من توظيف الموضوع واستغلاله, والانجرار عن قصد أو غيره للإساءة للعلاقات السعودية الموريتانية.
- أن الموضوع لا يخص شريحة من المجتمع الموريتاني, فهناك عاملات وعمال من كل شرائح المجتمع الموريتاني
- التركيز على شريحة بعينها دون غيرها في هذا الموضوع مغالطة يكذبها الواقع, ولا تدعمها الحجة.
- ضرورة توقيف استقدام العاملات النساء فقط لأن المرأة الموريتانية بطبيعتها المركبة لا تناسبها ظروف العمل هنا, ولأنها تجربة ثبت فشلها.
- هناك سائقون يمارسون عملهم بشكل منتظم, ويعود عليهم بمردود مادي مهم, ولا يشتكون من أي صعوبات تذكر, وليس من مصلحتهم تضييع فرصة العمل عليهم
- أن إثارة الموضوع بهذه السلبية المبالغ فيها لا يخدم سمعة العمالة الموريتانية في العالم.

6. سبتمبر 2015 - 19:47

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا