من أجل القراءة الصحيحة لحقيقة ما يسميه البعض بالخوار أو التشاور و اخرون بالمسرحية سيئة الاخراج لا بد من فهم طبيعة الحكم القائم فى بلدنا الحبيبة , فاليوم أصبح واضحا للجميع أو على الأصح من يريد أن يعرف حقيقة طبيعة الحكم القائم عند أهل الأرض السائبة أن الشأن العام عندنا يدار
بطريقة عشوائية لا تعتمد على ادنى ابجديات الحكم فى أى من جوانبه.
فى الجانب الاقتصادى نجد الدولة تتدخل فى جميع النشطة الانتاجية وفى نفس الوقت تعلن فى كل مناسبة وفى غير مناسبة أنها تنتهج سياسة لبرالية , و أنها تعمل على خلق تنافسية تامة فى السوق. أما واقع الحال عندنا فنعتبر اليوم البلد الوحيد و اللذى تمتلك الدولة فيه مؤسسة مصرفية (صندوق الايداع و التنمية) و اللذى لا يمكن تفسير وجوده إلا بأنه مؤسسة تمثل الفساد المقنن حيث يتم خلق رجالات أعمال و حسب رغبة الحاكم , و هو ما ستثبته الأيام القابلة. يضاف الى ذلك بعض القرارات الشعبوية كشركة النقل العمومى و مشروع شركة الألبان و غيرها من المؤسسات الانتاجية الأخرى و بمباركة مؤسسات بروتن وودز , ومنه يتضح بأن البلد لا ينتهج سياسة اقتصادية واضحة و انما تدار كمراب للسيارات.
وفى الجانب الاجتماعى لا تختلف الأمور كثيرا عن طريقة التفكير فى حل المعضلات القائمة فى الجانب الاقتصادى و لا تداخل الجانبين حيث يسجل البلد اليوم أكبر معدل بطالة فى العالم وحسب اخر تقرير نشره المكتب الدولى للشغل (و هو ما يمكن التأكد منه) , كما عملت الدولة على خلق حركة ايرا ذات الخطاب الجارح و العنصرى من اجل ضرب معارضيها من الزنوج ومن طبقة الحراطين و هو ما خرج بعد ذلك عن السيطرة. كما غابت سياسات فعالة للحد من الفقر و خاصة فى الوسط الريفى مع انشاء مؤسسة تضامن و لتى فى ظاهرها فكرة جيدة وفى واقعها تعتبر مؤسسة تقوم ببعض المشاريع التى لا تراعى فيها الاستمرارية و لا واقع المستهدفين , و هو ما خلق نوعا من اليأس لدى الشريحة المستهدفة.
أما فى الجانب السياسى فالحاكم ينطلق من مبدأ بسيط وهو معرفته بطبيعة الفرد الموريتانى و طينة السياسي بالخصوص , حيث ينطلق مكن مبدأ بأن الفرد الموريتانى فى غالبته يعمل على موافقة هوى الحاكم حتى لو أذله و هو ما يكرر شيوخ و وجهاء موريتانيا كلما كلمت أحدهم عن رأيه فى الحكم يجيبك و بدون تكلف الدولة لا تعارض مع أن ما يقصده هو أن الحاكم لا يعارض لتجلى الدولة فيه حسب فهمه . أما أطر البلد وكوادره فيرون السياسة كلعب البوكر فمنهم من يأخذ الطرق السهل التقرب من الحاكم من خلال الدفاع عن الحاكم فى المنابر و التقرب من أصحاب الحظوة من محيط الحاكم الاجتماعى و بالتالى يحصلون على جزء من طموحاتهم و لو على حساب قناعتهم و البعض الاخر يعارض لكى يستطيع غدا ان يناور فى حال عودته الى السرب و قليل يبقون فى المعارضة لعدم وفرة الأماكن المتقدمة فى الموالاة و لطموحهم الزائد فيروا فى المعارضة نوعا من تحقيق الذاتى حتى تتسنى الفرصة مع ان غالبية من يعارض فى حقيقته موال لأنه قد يتطرق الى كل المواضيع إلا التى قد تؤثر على استقرار الحكم. و عندها نجد أن الحاكم ينطلق فى رؤيته للحكم من مبدأ اساسي وهو أن الفرد الموريتانى بالنسبة له أنانى ضعيف الطموح و يخاف المستقبل و يسعى الى حاجيات بته الصغير على حساب انتمائه فموريتانيا بالنسبة له وطنا بحكم الحال لا بحكم الواقع , ومنه عمل كل من حكموا هذه البقاع على تذليل أصحبها و تركيعهم و الاعتماد فى المشورة فى الغالب على أراذلهم و خلق المشاكل بين مكوانته و الحكم القائم اليوم ليس الى امتداد لحكم معاوية ولد سيد أحمد الطايع.
بعد عرض رؤوس أقلام عن طبيعة الحكم القائم فى البلد , نجد أن ما يتم هذه الأيام فى قصر المؤتمرات كان متوقعا منذ فترة و هو ما مر بمراحل عديدة لم يفهما أهل السياسة من أهل المعارضة فى بلدنا أو تمالؤا مع الحاكم على هذا الشعب الفقير الصابر و المغلوب على أمره فمنذ حوار دكار و نحن نتجه الى حوار 2015 المشؤوم حيث عمل من يخططون لاستمرار ولد عبد العزيز فى الحكم الى القيام بتنظيم بعض الحوارات مع العمل على أن تظل الأزمة السياسة قائمة و العمل مع المعارضة على ترسيخ مفهوم الازمة السياسية حتى يكون هنالك سبب الى القيام بمسرحية حوار 2015 واللذى على عكس ما تراه المعارضة يعتبر جيد الاخراج لأن حلقاته مرت بمراحل عدة أستعمل فيها المعارضون فى البلد عن قصد أو عن ضعف ادراك ككمبرصات و بدون رواتب , و قد تمت كتابة الحوار و وضع سناريوهاته قطعا من قبل عارفين بالسياسة و بالبلد.
لا يوجد أمام رئيس الفقراء للبقاء فى الحكم سوى أن يقوم بتغير الدستور و أن يحكم على طريقة بوتن و أن يعمل على وضع الموريتانيين أمام المر الواقع من خلال الدستور وفى بداية مأموريته الثانية , لأن التجربة الكمبورية لم تكلل بالنجاح و أنهت حلمه فى البقاء فى الحكم و تجربة الجار المالى بإعلانه بسذاجة بأنه لن يترشح لمأمورية ثالثة أنهت حكمه قبل أن ينهى الثالثة. وبالتالى لا بد من المجازفة بالدخول فى المأمورية الثالثة فى بداية الثانية و إلا ستجد الأخ الرئيس بأن أقرب المقربين منك أصبحوا يحملونك ما صار اليه حال البلد و بأنك المسؤول عن كل الويلات و يخطون بالبند العريض لافتات توديعك و تمجيد من سيأتى بعدك و هو ما سيؤدى به لن يخرج عن طوعك وفى عامه الأول.
ومن خلال هذا الطرح سيخرج الحوار التشاورى الممهد للحوار الشامل الى نتائج واضحة يمكن أن نجملها فى المحضرين التالين : فى ما يتعلق بورشة تحديد الاجال سيتم طلب تأخير موعد انطلاق الحوار الشامل حتى تعطى فرصة للمعارضة كي تراجع موقفها من المشاركة و هو طبعا ما لن يتم لعدم رغبة الطرفين فى ذلك , و هو ما قد يؤدى الى انطلاقة الحوار الشامل فى أفق ثلاثة أشهر على الأكثر. ومن خلال ذلك سيعمل الاعلامى العمومى و حتى الخصوصى و المرئى منه خاصة - لأن تحريره لم يخرج فى غالبه عن المحيط الأسرة للرئيس - على تكريس الصورة لدلى المواطن العادى بأن المعارضة هى من يرفض الدخول فى الحوار و أن الدولة تشهد أزمة و هو عكس ما كان يروج له النظام فى مأموريته الأولى.
أما فى المحضر المتعلق بالنقاط التى سيتم التشاور عليها فسيتم عرض حالة سوداوية عن الوضع القائم و خاصة فى جونبه الدستورية و أنه توجد ضرورة لإعادة صياغة نظام الحكم فى البلد. ومن خلال قادة الفكر و الرأى ممن حضروا من الموالاة و من المعارضة و المجتمع المدنى سيتم طلب نقاش :
ـ نوع الحكم القائم و النظر بقيام حكم برلمانى يتم انتخب الرئيس من قبله,
ـ الطلب بإلغاء مجلس الشيوخ و توسيع صلاحيات البرلمان و زيادة اعضائه مع وجود لائحة هذه المرة للشباب و لم لا أخرى للعجزة,
ـ توسيع صلاحيات الوزير الأول و طلب تزكية حكومته من قبل البرلمان,
ـ اعادة تشكلة اللجنة الوطنية للانتخابات و اشراك المعارضة فى اختيار أفرادها ,
ـ تجريم الرق و مخلفاته و العمل على تعزيز الوحدة الوطنية,
ـ اعادة التقطيع الادارى ,
ـ انشاء لجنة للتحقيق فى الحالة المدنية وتسهيل احصاء المواطنين,
ـ و القيام بورشات لإصلاح الصحة و التعليم و الحالة الاقتصادية للبلد.
لن تخرج محاضر الحوار الممهد للحوار الشامل عن هذه النقاط و هو ما يستغرب منه الحاجة الى ثمانية أيام الى محاضر معدة مسبقا و جاهزة للقراءة أمام المشاركين.
و الله من وراء القصد