العلاقات الموريتانية السعودية .. رحلة تاريخية ودبلوماسية مشرفة / الشيخ المهدي النجاشي

إن أهمية الزيارة التي يؤديها الرئيس الموريتاني السيد : محمد ولد عبد العزيز للملكة السعودية لا تختصر فحسب على العلاقات الثنائية بين البلدين بمنطق الدبلوماسية المعاصرة إنما  إرتباط تاريخي واخوي ودبلوماسي أكثر من اي وقت مضى خصوصا أن هذه الزيارة تأتي في وقت  تشهد فيه السياسة

 الدولية والعربية عدة تحولات ومتغيرات جيو سياسية تفرض على القائمين على البلدين تعزيز هذه العلاقات الحميمية لجلب مزيدا من التبادل التجاري والإقتصادي والإنساني , وهنا لابد لنا كموريتانيين وشناقطة أن نعيد الذاكرة إلى ماقبل ميلاد الجمهورية حيث كان الأجداد يشدون الرحال إلى مدينة المصطفى عليه أفضل الصلاة  والسلام , وحيث كان ولا يزال البيت الحرام مقصدم حاملين العلم والشوق إلى  الحضرة النبوية في حركة ثقافية وإشعاع علمي لشعبين كريمين جمعتهم أواصر الدين والأخوة والعادات والتقاليد الإسلامية العربية , حتى أن كل من أدى فريضة الحج من الشناقطة تطلق عليه صفة الحاج وتلك دلالة أخرى تحكي بصمت علاقة المنكب البرزخي بالديار المقدسة والشنقيطي بالسعودي .

 

إن السياق الزمكاني الذي تأتي فيه هذه الزيارة المهمة ليعطي دلالة جد مهمة وأساسية لضروة استحضار مراحلة  مفصلية من تاريخ العلاقات الموريتانية السعودية وما عكسته من اجابيات في كل المجالات  منذ بواكير ميلاد الدولة خصوصا أن الجهود التنموية والإقتصادية والإجتماعية التي قدمتها المملكة السعودية للجانب الموريتاني كانت أنذاك تشكل انطلاقة قوية لتجسيد مشاريع شكلت تحولا بارزا في الجانب التجهيزي والطرقي للجمهورية الإسلامية الموريتانية أنذاك وهي تخطو في بدايات التأسيس , حيث كانت المملكة السعودية أهم ممول لطريق الأمل شريان الحياة لموريتانيا الرابط بين العاصمة أنواكشوط ومدينة النعمة على بعد 1200 كلم بلغت تكلفة مساهمتها أنذاك 250250000 ريال سعودي .

كما قدمت المملكة الشقيقة عدة تبرعات وتمويلات في المجال الصحي والإجتماعي وصل إلى 3950000 دولار وعشرة ملاين ريال سعودي من ضمنها بناء مستشفى النعمة وسيارات إسعاف ودعم لمكافحة شلل الأطفال  مابين 1985 إلى غاية 2005.

كما حظي قطاع المحاظر في موريتانيا  بدعم تمثل في هبات وقروض مالية معتبرة وصلت إلى حدود  500 ألف دولار خصيصا لقطاع المحاظر إضافة إلى تشيد جامع انواكشوط  أو مايعرف محليا لدينا بجامع السعودية .

وليس بعيدا عن قطاع التعليم المحظري فقد أنشأت المملكة السعودية معهد موريتانيا العلمي الذي خرج عددا  كبيرا من  رجالات الفقه والدعوة الذين أصبحوا اليوم مفخرة لموريتانيا قبل أن يتم إغلاقه من قبل نظام الديكتاتور ولد الطايع في إحدى لحظاته المتغطرسة .

كما أنه علينا كموريتانيا أن نستحضر إسهامات  المملكة السعودية في توسعة المدرسة التجارية والمدرسة العليا للتعليم والمدرسة الوطنية للإدارة إضافة عدة تجهيزات ومباني مدرسية وصلت تكلفتها الإجمالية 4403000 دولارا  . كما أنه علينا أن لاننسى المركب الجامعي الجديد وملحقاته الذي تصل طاقته الإستعابية الى مايقدر بالاف الطلاب بعد أن كانت جامعة انواكشوط اليتيمة هي الملاذ الوحيد للطلبة .

وفي خضم هذه الزيارة لنا أيضا ان نستحضر ماقدمته المملكة السعودية من قروض ميسرة في مجالات التعاون المالي والإقتصادي بين  موريتانيا والسعودية والتي تمثلت أساسا في الهبات المخصصة للأزمات الطارئة .

لكن الملفت للإنتباه هنا  هو مدى أهمية هذه  العلاقات في هذه الظرفية بالذات خصوصا أن السنوات الاخيرة القليلة الماضية شهدت كثيرا من تبادل الثقة حيث  رفعت المملكة السعودية  نسبة تمثيلها الدبلوماسي  الى درجة سفير وهي الحالة الأولى من نوعها منذ العلاقات السعودية الموريتانية , كما أن احتضان انواكشوط لمنتدى موريتانيا للإستثمار يعد مكسبا كبيرا لموريتانيا وربما توقيع عشرة اتفاقيات مع الشركاء السعودين كانت   الخلاصة التي ينتظرها المواطن الموريتاني لما ستعكسها من منافع اقتصادية واجتماعية حيث تم توقيع اتفاقيتين مع صندوق النقد العربي وخمسة إتفاقيات مع تحالف الراجحي السعودي من خلال مجموعة الربيان  التي من المنتظر ان تعمل في مناطق المشاريع المتفق عليها على مناطق واسعة من القرى المحاذية للنهر تنشيطا للمجال الزراعي والتنموي وهي ذاتها الأهداف التي يعمل الطرفان الموريتاني والسعودي  بواسطة الشريك الراجحي أن يزدهر القطاع  الريفي بالمناطق المستهدف من هذه الإتفاقيات المذكورة .

 

هذ غيث من فيض من  سلسلة حلقات لما تكتمل بعد للعلاقات الموريتانية السعودية  إذ تتجلى أهمية الزيارة التي سيقوم بها الرئيس الموريتاني السيد محمد ولد عبد العزيز للملكة السعودية حيث نعلق امالا كبيرة على  ما ستتمخض عنه من شراكة بين البلدين وكما نأمل ان تشمل نقاشات الطرفين  عدة ملفات إقتصادية وإجتماعية وخيرية  ومن ضمنها الإتفاقيات التي تمخض عنها منتدى موريتانيا للإستثمار   وانعكاساتها مستقبلا على موريتانيا إقتصاديا واجتماعيا وما ستحدثه من سيولة مادية على السوق الموريتانية لإرتباطها بالأماكن الزراعية والنهرية .

وريثما تنقضي زيارة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز للمملكة الشقيقة يبقى الترقب لنتائج ما قد تتمخض عنه من استثمارات وهبات انسانية واخرى خيرية تبقى الزيارات المتبادلة بين الجانب الموريتاني والسعودي برهانا قاطعا على تطور العلاقات الدبلوماسية والأخوية وتبقى موريتانيا تعتز بما حققته من مكتسبات على مدى تجربتها الطويلة والمثمرة مع شقيتها المملكة السعودية حيث البلاد الطاهرة المقدسة وحيث مدينة المصطفى عليه أفضل الزكاة والتسليم .

6. أكتوبر 2015 - 13:47

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا