يخيم على المشهد السياسي الوطني مناخا خاصا يحتاج إلى الكثير من العقلانية و الوطنية و الواقعية في التعاطي ، هذه الواقعية لا تمكن بلورتها دون الترفع عن المواقف الشخصية و تغليب مصلحة الوطن و ما يخدم التنمية في البلد
ومما لا شك فيه أن انخراط جميع القوى السياسية في حوار وطني شامل
و جاد هو الخيار الأمثل و الوحيد لتنقية المناخ العام و تحصينه أمام كل التحديات الإجتماعية و الإقتصادية ويعد الخطوة الأولى نحو كسر الجمود السياسي و خلق أفق واعد يصون المكتسبات و يعزز اللحمة الوطنية بعيدا عن الإفراط في الحدة و رفع السقف من جهة و التفريط في الفرص المتاحة من جهة أخرى
وفي خضم الدعوات المتكررة و المساعي الحثيثة لتنظيم حوار وطني شامل و جاد و بناء على الخطوات المتلاحقة سبيلا إلى ذالك بداية بدعوة السيد الرئيس محمد ولد عبد العزيز لتنظيم حوار بلا خطوط حمراء أو محاذير و بدون أي شروط مسبقة و ما تلا ذالك من أشواط و انتهاء بتنظيم أيام تشاورية موسعة ممهدة للحوار الوطني الشامل و الوثيقة التي أفرزتها إضافة للوزراء الموفدين إلى الداخل لتأكيد مدى جدية الحكومة و إيمانها بضرورة انطلاق الحوار المنشود نجد المعارضة (بعض المعارضة) لا تزال متمنعة و رافضة معللة رفضها بحجج لا تتجاوز الإنطباعات الشخصية و افتراضات يعوزها البرهان و الدليل
هنا أجد المعارضة بتمنعها و رفضها المشاركة في الحوار المفتوح لنقاش كافة القضايا الوطنية و في هذه المرحلة الخاصة تكرر مفارقاتها و تعود لطريقة تعاطيها السلبية مع هذا النظام تحديدا من جهة و كافة الإستحقاقات الوطنية الأخيرة من جهة أخرى
و لعل أبرز تجليات هذه المفارقات تكمن في مطالبة نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز بالرحيل
بالرغم من أن هذا النظام جاء في ظل إجماع وطني غير مسبوق في تاريخ البلد فقد أفرزه اقتراع نظم في ظروف أقرب ما تكون للمثالية (حكومة إجماع وطني موسعة و توافقية، لجنة مستقلة للإنتخابات برئاسة المعارضة و تحت إشراف مراقبين دوليين و إقليميين) وهو اليوم في بداية مأموريته الثانية دون أن يعرف في ممارساته و مساره أي سجين سياسي أو سجين رأي في حين نجد أنظمة دامت عقودا في الحكم و زجت بأغلب رموز هذه المعارضة في السجون و اتهمتهم بالإرهاب لم تطالب يوما بالرحيل و لم تقاطع،
أضف إلى ذالك أن نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز شرع الأحزاب و عزز الرقابة و حارب الفساد في حين الأنظمة الأخرى فككت الأحزاب و نفت المعارضين و شردتهم و رسخت الفساد و لم تطالب قط بالرحيل و لم تقاطع،
كما أن نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز شيد الطرق و طور الجيش الوطني و وزع الأراضي سعيا للقضاء على أحياء البؤس يطالب بالرحيل و يقاطع من معارضة شاهدة على أنظمة تقاسمت الأراضي و اعتاشت على بؤس الفقراء بل وتحتضن رموز تلك الأنظمة اليوم،
فلماذا هذه الحدة أليست إفراطا !! ؟؟
ومن مفارقاتها في التعاطي مع الإستحقاقات الوطنية رغم أن المسار الديمقراطي للبلد عرف في نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز تطورا ملموسا و حقق مكتسبات تعتبر حجر الزاوية و القاعدة الصلبة لأي عملية انتخابية يراد لها الشفافية و يمكن الإحتكام لنتائجها فمثلا:
عندما كانت بطاقات التعريف تزور ببساطة و اللوائح الإنتخابية متباينة لم تقاطع هذه المعارضة الإستحقاقات و كانت تشارك و تفشل و تتذرع لكن تشارك و اليوم وبعد تطوير الحالة المدنية حيث أصبحت بطاقة التعريف الوطنية مؤمنة و بمعايير عالمية من حيث الجودة ما مكن من استصدار لائحة انتخابية شفافة و موحدة نجد المعارضة تقاطع الإنتخابات !!!
عندما كانت الإنتخابات تنظم تحت إشراف وزارة الداخلية أي تدار من طرف السلطة الحاكمة لم تقاطع الإستحقاقات أما اليوم و قد أصبحت تدار و تسير من طرف لجنة مستقلة مشكلة من المعارضة و الأغلبية و بالتوافق دون أي تدخل مباشر للحكومة نجد المعارضة تقاطع الإستحقاقات !!!
كما كانت الإستحقاقات تنظم وسط فضاء إعلامي ضيق ما يحد من تكافؤ الفرص اليوم و في ظل نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز عرف الفضاء الإعلامي نهضة غير مسبوقة و أصبح مفتوحا حرا و غير مقيد مرئيا كان أم مقروء أم مسموعا و مع ذالك لاتزال المعارضة تتمنع و تكيل التهم
فلماذا المقاطعة أليست تفريطا !! ؟؟
وفي الأخير وبناء على ما سبق أرجوا التحلي بالروح الوطنية و تغليب المصلحة العليا سعيا لما فيه خير البلاد و العباد دون البحث عن الغالب والمغلوب فالوطن هو الغالب في الإجماع و المغلوب بالتشتت و التصارع