منذ أزيد من اسبوعين وموجة من الهلع والرعب تثير جنون المواطنين في مختلف أرجاء البلاد ، جراء ما تم تأكيده من وجود حمى نزيفية في العاصمة نواكشوط وولايتي لعصابة ولبراكنه .
وقد بادر العشرات من النشطاء على مواقع التواصل الإجتماعي إلى البحث والتساؤل عن حقيقة هذه الحمى
التي وصفها الأطباء بأنها قاتلة وسريعة العدوى .
بعض الأطباء العاملين في المستشفى الوطني نقلوا شهاداتهم حول عدد من الحالات التي باشروا إسعافها والتي توفي بعضُ أصحابها جراء حمى درجة حرارتها مضطربة يُصاحبها نزيف دموي من جميع مخارج الجسم ، مؤكدين بما لا يدع مجالا للشك وبائية هذه الحمى وخطورة إهمال الجهات الرسمية لها ، وضرورة اتخاذ تدابير استثنائية لمحاصرتها ووقف انتشارها بين السكان الذين يجهلون طبيعتها وطرق الوقاية منها .
وبحسب وجهة نظر عدد من الأطباء الذين التقيتُ بهم في عدد من المستشفيات أكدوا لي وجود الحمى النزيفية وارتباطها الوثيق بـ " حمى الضنك " المنتشرة في كل بيت موريتاني منذ قرابة الشهرين دون أن تكلف وزارة الصحة نفسها عناء البحث عن الأسباب الرئيسية لانتشار هذه الحمى فأحرى أن تجد لها وسائل علاجية .
لكن الصادم في بحر هذا الجنون المرضي هو تجاهل السلطات الرسمية لكل هذه الأمراض التي لم يسلم منها مواطن ، والتي دخلت مرحلتها الوبائية وبدأت في حصد الأرواح والضحايا ..
في قرية دار ول الطالب التي تبعد 20 كلم من مدينة كيفه تم تسجيل أربع وفيات ينتمون لعائلة واحدة جراء الحمى النزيفية .
كما فقدت مدينة كيفه ما بين الـ 25 و 28 من شهر سبتمبر الفارط 7 أشخاص توفوا بنفس الأعراض التي أكدت الطواقم الطبية أنها أعراض حمى نزيفيه .
وغير بعيد من المنطقة تم تسجيل 6 حالات وفاة بنفس الحمى والأعراض في قرية اكريمي التابعة لمقاطعة مكطع لحجار .
ولعل إجراء السلطات المحلية في ولاية لبراكنه القاضي بإغلاق مستشفى ألاك هو خير شاهد على تعتيم النظام على حقيقة هذه الحمى و تستره على أرقام الضحايا الذين ماتوا بسببها .
مستشفى أطار كان على موعد مع قصة مؤلمة أخرى تتعلق بعسكري ظهرت عليه أعراض الحمى النزيفية بعد تشخيص الأطباء لحالته ، وعند ما علم والي المنطقة اتصل بالطاقم الطبي وأمرهم بالتكتم التام على حالته وعدم الإفصاح عنها لأيٍ كان .
أما العاصمة نواكشوط فيمكن اختصار مأساتها في طريق ثلاثي الأبعاد ، ما بين قسم الحالات المستعجلة بالمستشفى الوطني إلى قسم الجراحة الباطنية HD إلى مقبرة الرياض ..
حيث يُرجح عددٌ من الأطباء العاملين في المستشفى أن أغلب الحالات التي وصلت إليهم والتي يُشتبه أنها حمى نزيفية قد توفي أصحابها في حين لا يزال البعض قيد العزل الصحي .
وزارة الصحة كانت رديئة في تعاملها مع هذه الأزمة حيث تجاهلت الأمر في بدايته ، وحاولت التكتم ، غير أن حملة #بلد_ينزف التي أطلقها النشطاء أرغمت الوزارة على إصدار بيان كان مثيراً للسخرية والتهكم ، لتُعقبه بتصريحات لوزير الصحة احمدو ولد جلفون نفى فيه وجود أي حمى نزيفية وأكد فيه أن الوضع تحت السيطرة .!
في حين اعترف في نفس المقابلة بحالة وفاة جراء ما اعتبر أنها " حمى الوادي المتصدع " .
ليعود ول جلفون نفسه في إطلالة أخرى عقب اجتماع مجلس الوزراء الجمعة 09 اكتوبر ليقول بأنه تم تسجيل 6 حالات وفيات بسبب حمى الوادي المتصدع وارتباطات مرضية أخرى حيثُ كان يُعاني أصحابُها من السل الرئوي والفشل الكلوي على حد تعبير ولد جلفون .
فضحية الفضائح كانت رسالة رسمية تداولها نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي ، بعثتْ بها وزارة الصحة إلى منظمة الصحة العالمية طلباً للإغاثة والمساعدة ، حيث تحمل الرسالة أرقاما مُخيفة عن وجود 25 مصاب بحمى الوادي المتصدع من بينها 8 وفيات ، بالإضافة إلى 13 مقاطعة موبوءة من بينها مقاطعتين داخل العاصمة نواكشوط .
وتؤكد كل هذه المعطيات أن وزارة الصحة تتعامل مع الأزمة بطريقة مُشينة وغير أخلاقية ، يطبعها الزيف والمغالطات ، والكذب على المواطنين ، والإستهتار بحياة المرضى وأرواح المُصابين.