حرب العروش والكروش .. مالنا ولها ؟! / محمذن فال ولد محمد يحظيه

  لا بد قبل الحديث عن الموانع التي تمنعنا من المشاركة في حرب الإخواة الأعداء الدائرة في يمن الحكمة والإيمان من التأكيد على أمرين مهمين :

- أن الحرب الدائرة في اليمن الشقيق حرب لها ما يبررها؛ ذلك أن أحد طرفيها ( الحوثيين وعفاش ) معتدون على الطرف الآخر ( الشعب اليمني صانع الثورة ) ،

ومغتصبون لحقه في العيش بحرية وكرامة وفي ظل عدالة اجتماعية ، غير أن الحوثيين وأزلام النظام المخلوع لم يرضوا بذلك فبادروا إلى القيام بثورة مضادة قوضت بناء الدولة اليمنية المنهارة أصلا بفعل عقود من الدكتاتورية وسوء التسيير والفساد المستشري في جسم الدولة اليمنية ، ومن هنا من حق الشعب اليمني أن يداقع عن ثورته بكل ما أوتي من قوة ، ومن حقه على الشعوب المسلمة أن تقف معه في هذا الكفاح المشروع .
- أن جيشنا _ وللأسف _ لم يترك في هذا الشعب من الخير ما يجعله يدافع عنه ، ويقف ضد الزج به في حروب الدافع وراء إرساله إليها البحث عن المال،  والبحث عن المال فقط .
إن جيشنا _ وللأسف _ منغمس حد الأخمصين في ما يفترض أنه ذاهب للمحاربة ضده ؛ وهو تقويض أحلام الشعوب في العيش في ظل ديمقراطية  تضمن لها حرية الاختيار ، هذا الجيش هو من أغلق القوس الدمقراطي الذي لم يدم طويلا في هذا المنكب البرزخي المنكوب ؛ وبالتالي ذهابه لمحاربة منقلب هناك _ وهو المنقلب هنا _ نمط عال من الاستخفاف بعقول هذا الشعب المغلوب ؛ لأنه لا يرى حقا للشعوب في الاختيار،  وإلا لما كان انقلب على النظام المدني المنختب الذي حكم هذه البلاد فترة وجيزة .
  في ظل هذه المعطيات السابقة يدور الآن في ذهن القارئ سؤال ملح هو : لماذا إذا الوقوف ضد المشاركة في هذه الحرب ؟
إن موانع المشاركة في هذه الحرب كثيرة ؛ ذلك أن الدول التي تشارك في هذه الحرب صنفان : صنف " يدافع عن عروشه ، وصنف تدفعه كروشه " ، ونحن لسنا من الصنف الأول قطعا( الذي يدافع عن عروشه )  ، ولا نرضى لأنفسنا أن نكون من الصنف الثاني ( الذي تدفه كروشه ).
  ونتيجة لما سبق تكون موانع المشاركة في هذه الحرب _ من وجهة نظري _ هي :
- أن الدوافع الحقيقية لهذه الحرب ليست الدفاع عن الشعب اليمني وشرعيته؛ لأن السبب في الوضع الذي يعيشه حاليا هو تآمر هذه الدول مجتمعة أو بعضها على الأقل ( السعودية ، والإمارات ،  مصر ) على ثورته التي قام بها؛ وذلك من خلال المبادرة الخليجية التي قامت بدوير نظام المخلوع علي عبد الله صالح ؛ مما أتاح الفرصة له للاتفاف على ثورة الشعب اليمني ، هذا إضافة إلى نكاية هذه الدول  بالقوى الفاعلة في الثورة ( حزب الإصلاح وشركاؤه في اللقاء اليمني المشترك ).
- أن السعودية التي تقود هذه الحرب لم تقدها من أجل سواد عيون اليمنيين ، وإنما دفاعا عن عرشها بعد أن شعرت بأن نظامها بات مهددا من قبل جماعة قراراتها تتخذ في طهران التي تقف على النقيض من الرياض في كثير من الملفات الحساسة في المنطقة .
- أن شركاء السعودية في هذه الحرب ( الإمارات والسيسي ) أنظمة تشكل رأس حربة في الثورة المضادة التي أجهضت بأموالها وعتادها أحلام الشعوب في التحرر من الدكتاتورية في مصر وتونس وليبيا ؛ وبالتالي من الغباء التصديق بأن هذه الدول تدافع عن الدمقراطية في اليمن ، وإنما دفعها للمشاركة الخوف على مصالحها مع النظام السعودي المتحفز لقيادة هذه الحرب .
-  أن تكلفة هذه الحرب لا تقارن بمكتسباتها ؛ حيث إن التكلفة المتوقعة فيها أرواح جنودنا بينما نحن لا نجني منها إلا دريهمات سيبددها هذا النظام الذي يعشعش الفساد في رأسه وحتى أصغر مسؤول فيه .
- أن التضحية بأرواح جنود لهم آباء وأمهات وأسر وأبناء في حرب لا علاقة للدفاع عن البلد بها أمر خطير يترك جروحا غائرة في نفوس هؤلاء الجنود وذويهم ؛ مما ينعكس سلبا على النسيج المجتمعي لهذه البلد الهش أصلا .
- أن الحرب غير المبررة كانت أول مبرر استخدمه جيشنا للانقضاض على السلطة ؛ وبالتالي قد يعيد الكرة مرة أخرى بالانقضاض عليها بانقلاب جديد يعيدنا للصفر ( انقلاب فانتخاب ) ، وهو ما لا نريده لبلدنا رغم معارضتنا للنظام القائم ، ورغم أنه جاء بانقلاب على الشرعية؛ إلا أننا ندرك أن الحل ليس في انقلاب آخر بمبررات أخرى إنما الحل في إبعاد الجيش عن السياسة وتركها لأهلها ولانشغال بمهته التي أنشئ من أجلها وهي الدفاع عن الحوزة الترابية .
هذه جملة من الموانع التي تمنعنا من الزج بجنودنا في حرب "العروش والكروش" ؛ أما من يدعي أن الدخول في هبذه الحرب جاء من أجل مساعدة أهلنا في اليمن؛ فنقول له هناك مجالات أخرى يمكن أن نساعدهم من خلالها ألاوهي الدعم اللوجستي ، والتوظيف الجيد لمنصب المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ أحمد بجعله يقف مع الشرعية حقيقة ، ويكف عن القيام بمهمة ضابط الارتباط بين الحوثيين وطهران وموسكو والغرب كما كان سلفه بنعمر يفعل  ، والقيام بمهته أحسن قيام .
إن إرسال النظام لجنودنا ضعيفي الجهوزية والتجهيز إلى معارك في أرض تضارسيها مختلفة عن تضاريس أرضنا مغامرة غير محسوبة العواقب ، خصوصا أن الشعب اليمني شعب شرس مسلح يعرف الحرب ويعيش في ظلها لسنوات وسنوات .
إن على القوى الحية في بلدنا أن تقف بكل ما أوتيت من قوة في وجه هذه السمسرة التي يروح ضحيتها أبناء الأسر المغلوبة في هذا الوطن ، أما يكفي هذا النظام سمسرة خيرات هذا البلد الاتجار به في سوق النخاسة العالمي؟ هل بلغ به الاستهتار بهذا الشعب المتاجرة بأرواح أبنائه بعد المتاجرة بخيرات بلده ؟!

14. أكتوبر 2015 - 20:08

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا