دُون تَعمُّقٍ.....
تعاملت التشريعات الوطنية المتعاقبة مع ظاهرة العبودية أو جريمة الاستعباد فيما بعدُ بأساليب مختلفة انطلاقا من التشخيص الذي ينطلق منه النظام السياسي سواء من:التغاضي عنها مرة، أو إنكار ها والتكتم عليها، أو حصر الموجود منها في الآثار والمخالفات، فقد حاولت الحكومات الوطنية المتعاقبة إيجاد مقاربة لحلحلة الموضوع اختلفت من نظام لآخر،
و إن اتفقت كلها في التشبث و دَسْتَرَةِ المبادئ الحقوقية الكونية كالمساواة و الكرامة و المواطنة باعتبارها أهم أسس الدولة الوطنية الحديثة منذ دستور 22 مارس 1959 الصادر بعد مداولة اللجنة التأسيسية.. بل و في كافة الدساتير ، و المواثيق الدستورية التي أعقبته.
لقد تعامل المشرع الوطني في المراحل الأولى مع الاستعباد كظاهرة مُوَّاكبة ينبغي التعامل معها بشكل يتناسب مع العقلية الوطنية السائدة..آنذاك ، و رغم التنصيص على المبادئ الكونية الآنفة إلا أن المجابهة انحصرت في مجرد انعكاسات ضاغطة و بمستويات مختلفة للترتيبات التشريعية الوطنية الأولى، وما خلفه الاستعمار من تراكمات كانت أساس التشريع الوطني تعكسها بجلاء التعميمات السرية الموجهة إلى السلطات الإدارية والقضائية كـــــــ:
أ- تعميم 16 مارس 1966 الصادر عن زير الداخلية والعدل الأسبق محمد الأمين ولد حامَّني، إلى جميع حكام الدوائر ورؤساء الكَانْتُونَات بشأن الرق.
ب- تعميم 05/12/1969 الصادر عن وزير العدل الأسبق المعلوم ولد برهام إلى الحكام ورؤساء المراكز الإدارية والقضاة، يأمرهم فيه بتحرير أي رقيق يمثل أمامهم في نزاع مع سيده.
ت- تعميم رقم:2 بتاريخ: 13 مارس 1979 الصادر عن وزير العدل الأسبق مولاي ولد بوخريص إلى كافة رؤساء المحاكم المتعلق بمشكلة الرق يأمرهم فيه :"بتجميد جميع القضايا التي لها صلة بمسألة الرق لان الدولة لا تسمح بإثارة مثل هذه القضايا في الوقت الحاضر".
ث- تعميم رقم:3 بتاريخ:09 يناير 1981 الصادر عن وزير العدل والتوجيه الإسلامي عبد العزيز ولد احمد يدعو فيه إلى التقيد بقرار اللجنة العسكرية للخلاص الوطني الذي يبين أن ممارسة العبودية في البلاد غير شرعية و يجب أن تنتهي من الآن فصاعدا بكافة أشكالها".
بيد أن المشرع الوطني تنبَّه مبكرا إلى ضرورة تجاوز مجرد الانطباع و إبداء الرغبة في القضاء على الظاهرة قناعة منه أن المشكل يكمن في انعدام النصوص القانونية التي تجابه و تجرم العبودية والاستعباد و من ثمَّ اتجه إلى حتمية إيجاد النصوص التشريعية المجرمة و الرادعة، و من خلال تلك النصوص والمقتضيات يمكن رصد معالجته للعبودية كظاهرة، و كجريمة فيما بعدُ ، و يتجلَّى ذلك بوضوح من خلال تصنيف تلك المقتضيات التشريعية إلى أربعة أنواع:
أولا: نصوص تلغي العبودية كمنظومة اجتماعية ظلت قائمة في المجتمع التقليدي الموريتاني وتجبر مُلاَّك العبيد الأسياد على تحرير عبيدهم الراغبين في الحرية مقابل تعويض الدولة لهم (المكاتبة) تأسيسا على المقاربة الفقهية المتباينة في الحلول و تشخيص المشكل و المتجسدة في الفتاوى الصادرة ردا على ورقتين صادرتين عن الحكومة يومها هما:
1\الرسالة الموجهة إلى العلماء في الجمهورية الإسلامية الموريتانية من طرف الأمانة الدائمة للجنة العسكرية و الموقعة من طرف الأمين الدائم للجنة العسكرية النقيب البحري دَحَّانْ ولد محمد محمود يدعو فيها العلماء إلى سد ما اعتبره ثغرة الاسترقاق.
2\ ورقة عمل وجهتها اللجنة العسكرية للخلاص الوطني إلى العلماء الموريتانيين من إعداد العلامة الشيخ محمد سالم ولد عدود رحمه الله تثير هذه الورقة جملة من التساؤلات الفقهية[ الأصل، و الحل] و التي تباينت فيها آراء فقهاء البلد آنذاك.
لقد أثمر هذا الحراك الحكومي قرار: 5 يوليو 1980 القاضي بإلغاء الرق في الجمهورية الإسلامية الموريتانية الصادر عن اللجنة العسكرية للخلاص الوطني، والذي تجسد تشريعيا بالأمر القانوني رقم:234\81 بتاريخ: 09 نوفمبر 1981 المتضمن إلغاء الرق الذي نص في مقتضياته على إلغاء الرق في جميع أشكاله بصفة نهائية على كامل تراب الجمهورية الإسلامية الموريتانية، و رتب على هذا الإلغاء طبقا لمقتضيات الشريعة الإسلامية تعويضا لصالح المحررين، و يأمر بإنشاء لجنة مشتركة من العلماء و الاقتصاديين و الإداريين لوضع المعايير التطبيقية لتلك التعويضات اللازمة.
ورغم أن هذا النص التشريعي لم يجرم الاستعباد إلا انه وضع حدا للظاهرة، وأعرب عن موقف الدولة الوطنية من الممارسات الاستعبادية مما جعله محل إشادة كبيرة من طرف القوى الوطنية الفاعلة آنذاك.
ثانيا: نصوص عامة ترتبط بظاهرة تشبه الظاهرة الممارسة،إلا أنها لا تلامس جوهرها أتت تجسيدا للمعاهدة الدولية المتعلقة بالمتاجرة بالأشخاص، وتمشيا مع المصادقة على الاتفاقيات الحقوقية التي صادقت عليها موريتانيا، ومن هذه النصوص القانون رقم:025\2003 بتاريخ:17\يوليو 2003 المتضمن معاقبة المتاجرة بالأشخاص.
لقد أتى هذا القانون نتيجة للحراك الدولي الساعي لمكافحة الجريمة المنظمة الذي تمخض عن الاتفاقية الأممية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية المعتمدة خلال الدورة الأممية 55 بتاريخ: 15نوفمبر2000، و التي كُمِّلت ببروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال، وكتفاعل مع هذه المسعى الأممي تم تشريع هذا القانون الذي أتت مادته الأولى استنساخا لفظيا مَجْزُوءا للتعريف الوارد في المادة :3 فقرة "أ" من البروتوكول المذكور.
و يتضح من خلال التعريف المضمَّن في المادة الأولى من القانون الآنف و التي تنص على أنه: "يقصد بعبارة المتاجرة بالأشخاص تجنيد ونقل الأشخاص بالقوة أو باللجوء إليها أو بالتهديد أو بأي شكل آخر من أشكال القهر عن طريق الاختطاف أو الخداع أو إساءة استعمال أو استغلال حالة الضعف أو بتقديم عرض تعويضات أو مزايا بغية الحصول على قبول شخص له سلطة على آخر من اجل استغلال هذا الأخير، ويشمل الاستغلال على الأقل العمل بدون اجر والعمل أو الخدمات الجبرية وكذلك التصرفات المشابهة ونزع الأعضاء لأغراض ربحية واستغلال بقاء الغير أو غيره من أشكال الاستغلال الجنسي" ، أن هذا التعريف هو نفس التعريف الوارد في البروتوكول الملحق بالاتفاقية لم يحذف منه إلا عبارة: " أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو الاستعباد " التي تم التعبير عنها في هذا القانون بعبارة ـ:"وكذلك التصرفات المشابهة" ، و في هذا تدليل كاف على أن إرادة المشرع لم تتجه إطلاقا في هذا القانون لتجريم الاستعباد .
ثالثا: نصوص تجرم العبودية صراحة و كافة الممارسات الاستعبادية وتضع عقوبات على مرتكب تلك الجرائم كما هو حال القانون رقم:48\2007 بتاريخ:03 سبتمبر 2007 المتعلق بتجريم العبودية ويعاقب الممارسات الاستعبادية، الذي شكل بحق الإرادة الحازمة للمشرع الوطني في تعامله مع العبودية كجريمة.
رابعا: نصوص تُدَسْتِر التجريم(تنص عليه في الدستور) وترفع من مستوى الجريمة التشريعي وذلك بتحريم العبودية و اعتبارها من الممارسات البائدة ضد الإنسانية لا تقبل التقادم، كما هو الحال في المادة:13 جديدة من القانون الدستوري الصادر بتاريخ: 20 مارس 2012 ، وهو التنصيص الذي افرز فيما بعد القانون رقم:011\2013 بتاريخ:23\يناير 2013 القاضي بمعاقبة جرائم الاسترقاق والتعذيب بوصفهما جرائم ضد الإنسانية لا تتقادم.
و بقراءة بسيطة لكل تلك النصوص سنلاحظ أن المشرع الموريتاني تعامل أو عالج تشريعيا هذه الظاهرة\ الجريمة في ثلاث مستويات:
1) محاولة القضاء على الظاهرة تدريجيا دون الاصطدام بالنظرة التقليدية السائدة عن طريق التشبث بالمبادئ الإنسانية، و استخدام الموروث الديني والفقهي لبلوغ المُبتغى لإيجاد مخرج يتماشى و يساير الظرفية التاريخية السائدة يومها، ويمكن تلمس ذلك في النوع الأول من النصوص التشريعية الآنفة.
2) تقرير نفس العقوبة المنصوص عليها في القانون المعاقب للمتاجرة بالأشخاص رقم:025/2003، و التي لا تتجاوز 10 سنوات و بنفس درجة التجريم التشريعية كما هو الحال مع القانون رقم:48\2007 بتاريخ:03 سبتمبر 2007 المتعلق بتجريم العبودية، و بالتالي يكون المشرع اعتبر ها جريمة كأي جريمة من الجرائم التقليدية ينطبق عليها ما ينطبق على باقي الجرائم من حيث الإجراءات، والتحقيق، والمحاكمة، والتقادم، و عدم إلزامية التحقيق لكون التحقيق يكون واجبا في الجرائم المنصوص عليها في المادة:71 من قانون المسطرة الجنائية، و التي تنص على أنه: "يكون التحقيق إلزاميا في: الجنايات المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد؛ أو تلك التي تصل العقوبة فيها السجن ثلاثين (30) سنة؛ و الجنايات المرتكبة من طرف الأحداث"، و معلوم أن هذا النوع من القضايا ليس مندرجا في هذا النوع من الجرائم إلا إذا تعلق الاستعباد بالأحداث.
3) محاولة رفع مستوى التجريم بجعل جريمة الاستعباد جريمة ضد الإنسانية لا تقبل التقادم و برفع الدرجة التشريعية بالتنصيص على ذلك بدستور 20 يوليو 1991 المعدل بتاريخ:20 مارس 2012 في المادة 13 جديدة منه ، وفي نفس الوقت الاحتفاظ لها بعقوبة نسبيا بسيطة لا تتماشى مع وصفها الجنائي الذي قد ينقل الاختصاص فيها من القضاء الوطني إلى القضاء الدولي (محكمة الجنايات الدولية) في بعض الحالات باعتبارها جريمة ضد الإنسانية لا تتقادم.
وبقراءة بسيطة يلاحظ عدم التناسب ما بين الجريمة التي أصبحت جريمة ضد الإنسانية لا تقبل التقادم، و بين العقوبة التي لا تتجاوز سجن عشر سنوات التي يمكن اعتبارها بسيطة انطلاقا من فلسفة المشرع الوطني الذي لا زال يعتمد العقوبة البدنية (الإعدام) كعقوبة رادعة رغم المناهضة الدولية في اغلب الجنايات المنصوص عليها في المواد"12-67-92-287-275-279-410-354-307-308 من القانون الجنائي الموريتاني رقم:162\1983 بتاريخ:09\07\1983.
إن هذه الملاحظات والثغرات كانت الدافع لتعديل هذا القانون تلافيا لما تقدم ، و لذا أتى مشروع التعديل الجديد للقانون رقم:048\2007 المعروض حاليا على البرلمان للمصادقة واضعا مجموعة من التعاريف التي تبسط تطبيقه باعتماد مصطلحات واضحة ودقيقة تتعلق بالاستعباد وتضع تعريفا دقيقا لمفاهيم لها تعلق به كـ: [العبد، القِنَانة، إيسَار الدين، الوضع..]، ويدرج الجرائم المعتمدة في الاتفاقيات الدولية لمكافحة الرق مع التأكيد على عدم قابلية الجريمة للتقادم، ويشدد العقوبات المنصوص عليها في ميدان الممارسات الاستعبادية ،و ينشئ محاكم متخصصة بالنظر في الجرائم المتعلقة بالعبودية والممارسات الاستعبادية، و يكرس حق الضحايا في الاستفادة من المساعدة القضائية ، واستيفاء التعويض، و ينص على مجانية المسطرة، ويضمن الطرفية المدنية للمنظمات الحقوقية العاملة في هذا المجال، و يمكِّن من النفاذ المعجل للأحكام القضائية رغم الطعن فيها .
و رغم هذا كله فان هناك ملاحظات بادية عليه منها:
1. أنه و إن رفع العقوبة المطبقة على الاستعباد وفقا للمادة:7 منه التي تعاقب بالسجن من عشر(10) سنوات إلى عشرين(20) سنة وبغرامة من مائتين وخمسين ألف أوقية (250.000) إلى خمسة ملايين أوقية (5.000.000) ، _ دون أن تصل لحد 30 سنة - إلا انه يفرغها من محتواها عندما نص في المواد:8-9-10-11-12-13-14 -15-16 منه على عقوبات تتراوح بين 5 سنوات إلى 10 سنوات لممارسات اعتبرها استعبادا حسب نص المادة:3 منه و التي تنص على أن: الاستعباد: حالة أو وضعية شخص تمارس عليه سلطات حق الملكية أو بعضها. و يشمل الاستعباد: كل عمل أسْر، أو تملك، أو التنازل عن فرد بهدف وضعه في الاستعباد، أو بيعه، أو مبادلته؛ و كل أنواع القِنَانة أو إسار الدين، و كل أنواع العمل الإجباري ، كل أعمال التجارة بالعبيد أو نقلهم".
2. أنه لم يفرق بين حالات الشتم أو السب سواء البسيط أو المضاعف منه ، أو المعاملة المشينة بازدراء(الإيحاء الذي يفهم منه الرمي بالعبودية)، وعدم ضبط الوقائع الجُرمية التي عاقبها المشروع بعقوبة تتراوح بين 2 شهر و6 أشهر المادة:19 منه، فهو و إن رفع مستوى العقوبة الواردة في المادة 349.- من القانون الجنائي التي تنص على:" أن السب أو عبارات الإهانة التي ليس لها طابع مضاعف بسبب الخطورة والعلانية لا يترتب عليها إلا عقوبات المخالفات البسيطة في القانون الجنائي"، من مستوى المخالفة إلى التجنيح ، إلا انه قصَّر في مجال الردع، وأهمل التعويض، كما أهمل الجزاء الإداري...
3. أنه يلتَفُّ على حق الطرفية لجمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان ومحاربة العبودية والممارسات الاستعبادية بعدم تخويل الحق بالقيام بالحق المدني والطرفية إلا في" النزاعات الناتجة عن تطبيق هذا القانون"، وبشرط أن" تتمتع بالشخصية القانونية منذ خمس سنوات على الأقل، عند تاريخ الوقائع"المادة:22-23 ، ولنا أن نتصور التحكم في تأسيس الجمعيات التي لا تزال تشريعيا تخضع لمبدأ الترخيص ومن قبل الإدارة حسب القانون رقم: القانون رقم:098/64 بتاريخ:09/06/1964 ،المتعلق بالجمعيات، وهي إمكانية ضرورية تسهم في حلحلة القضية وإضفاء الجدية عليها، وتحول دون ممارسة أي إكراه محتمل على الضحايا.
4. انه يلتف على البلاغات والتبليغات بالممارسة الاستعبادية بعدم التنصيص على التدابير التي يجب على العون القضائي أو الإداري القيام بها فور تسلمه للبلاغ كالإحالة والمتابعة..وإعداد المحاضر،[المادة:18] بالإضافة إلى حصر تسليط المخاصمة في القاضي المختص[المادة:21] فقط خصوصا مع احتمال مركزة هذه المحكمة في العاصمة وجعلها ذات اختصاص وطني مما يثير التساؤل عن إمكانية وصول المتظلم إلى القاضي المختص، مع ملاحظة عدم توحيد المصطلحات في التعبير عنه بالقاضي المختص أو القاضي المتعهد الذي يستخدمه المشروع، هذا مع تفويت الضمانة الأولى التي تسبقه وهي الضبطية القضائية و النيابة العامة التي نجت من العقاب والمخاصمة وكان الأولى البدء بها لخضوعها لسلطة الحكومة وتبعيتها لها.
5. التراجع عن التنصيص على تشديد العقوبات المنصوص عليها في هذا القانون عندما تتعلق الجريمة بالقُصَّر و الأحداث، فقد اكتفى المشروع بمعاقبة [المادة 13] كل من منع طفلا من التمدرس معتبرا أنه عبدا، بالسجن من خمس(5) سنوات إلى عشر(10) سنوات وبغرامة من خمسمائة ألف (500.000) أوقية إلى سبعة ملايين (7.000.000) أوقية، ومعلوم أن هذه العقوبة غير رادعة خصوصا إذا تم تفويت مراحل التَّمدرس على القاصر، فرغم أنها ظرف مشدد إلا أن العقوبة لم تراوح حدها الآنف.
6. تسميته لمحاكم المختصة في هذه الجريمة بمحاكم الاسترقاق بدل الاستعباد أو العبودية ، مع الاحتفاظ بهذا الإطلاق عند تسميته للنص الذي تطبقه هذه المحاكم والذي يطلق عليه القانون المجرم للعبودية والمعاقب للممارسات الاستعبادية ، ومعلوم ما بين الدلالتين من فروق خصوصا إذا ما راجعنا المدلول الفقهي للرق الذي هو " عجز حكمي يقوم بالإنسان سببه الكفر" ، والدلالة التاريخية للاستعباد الذي بينت الكتابات التاريخية و الفقهية عوّار ممارسته في الصحراء الكبرى أي موريتانيا، بدءا من العلامة أحمد بابا التِّمبُكْتي (963-1032 هـ) في كتابه "معراج الصعود" ، و وصولا إلى الشيخ الناصري (ت 1315 هـ) في كتابه "الاستقصا"، وهو ما اقتنع به المشرع الوطني وجسده في معالجته التشريعية لهذه الظاهرة \ الجريمة، و التي تبقى معالجة جادة وحازمة في نظرنا سددَّت الفراغ التشريعي الذي كان سائدا من قبلُ.