القطاع الزراعي ينهار على رأس بنت اممه / يـحيى بن بـيـبه

قلبي عليك بنت اممه..! ما أحرج وضعك يا ابنة الأكرمين، وما أخطر موقفك..! أنت عضو الحكومة الوحيد، المحكوم عليه بالفشل الذريع، مهما فعل، ومهما كانت كفاءته.
رموك في بحر الزراعة المتلاطم الأمواج مكتوفة اليدين، مقيدة الرجلين..!

لو كنت مكانك لتوسلت بالأولياء والصالحين، ولتنقلت بين العلماء والزاهدين، ولما تركت حتى (التبتابه) والمشعوذين، لعلني أفوز (بتعديل)، أو إقالة، ينقذاني من هذا الموقف المهين.
لقد كان قرار الوزير الأول، بالتنصل من الالتزام الحكومي بضمان شراء محصول الأرز، بمثابة مصادرة القاطرة الوحيدة التي كانت تتقدم بعربات زراعة الأرز حتى الآن، لتبقي العربات ــ والوزيرة على متنها ـــ ملقاة في أرض جرز لا ماء فيها ولا مرعي.
ومشكلة بنت اممه أنها قد لا تجد من حولها، من يمتلك الشجاعة، ليبلغها أنها تراهن على حصان يحتضر، وأن المزارعين بدءوا طي أمتعتهم لمغادرة القطاع.
إنها محاطة بمجموعة من الأطر، الذين ألفوا الكذب، وألفهم الكذب، منذو اكتشفوا أن النجاح في زراعة الكذب أسهل من النجاح في زراعة الأرز.
وأمام الانهيار المتوقع لمحصول الأرز، بدءا من الموسم الحالي، لن يكون أمام معالي الوزيرة إلا طريقان لا ثالث لهما: مصارحة الحكومة بالحقائق المذهلة والمرة، أو اللجوء إلى خدمات سحرة فرعون من أعوانها، ليشغلوا مفاعلهم الذي يعمل بالطاقة النووية، والقادر على إنتاج خمسة أطنان من الكذب لكل هكتار يدعون زراعته. وسيكون على الموريتانيين، في هذه الحالة، استيراد مراجل مصممة لطبخ الكذب، لا الأرز.
وعما قريب ستدرك هذه (اشريفه) أن الوزير الأول قدم إليها هدية مسممة، عندما سلمها مقود (تايتانيك) ثانية بعد أن أوصلها بقراره ذاك المشؤوم، لا إلى جبل جليد، بل إلى حافة مثلث برمودا ليصبح غرقها بمن فيها مسألة وقت. وهذا ما يجعلنا نرجح أن يكون وزير الزراعة السابق، المعروف بفطنته، قد سعى سعيا إلى مغادرة الوزارة في التعديل الوزاري الأخير، بعد أن أنبأته مجسات خبرته الميدانية، بأن حمى نزيفية ضاربة قطاعه لا محالة، بعد أن فشل في الوقوف في وجه قرار يعكس الاضطراب، والارتجال في السياسات الحكومية. وهو قرار هوى بقيمة الاستثمارات الكبيرة التي أقامها المزارعون، وأصحاب المصانع، بعد أن أغلق باب الأمل في القطاع.
وتلخص حجم الكارثة التي لحقت بهؤلاء، عبارة قالها أحد أصحاب المصانع للوزير الأول، عند ما استدعى هؤلاء لإبلاغهم بالقرار المفاجئ: «لقد دخلنا عليك أغنياء، وها نحن نخرج من عندك فقراء..!».
ويعرف أهل القطاع أن قائل العبارة هو أكثرهم ولاء للحكومة، وكيلا للمديح لكل ما يصدر عنها، صالحا كان أم طالحا، لكن الحق أنطقه بعد أن طعن في الصميم.
لقد حولت الحكومة الحالية فجأة ، قطار الزراعة المندفع، إلى سكة جانبية تفضي إلى الهاوية، متجاهلة مصير عشرات الآلاف من المزارعين المعدمين، الذين لا يعرفون من طريق لكسب المعيشة إلا زراعة الأرز.
فهنيئا لمزارعي تايلندا على قرار ابن حدمين، الذي سيجرف من رصيد البنك المركزي من العملات الصعبة، لإستيراد المزيد من إنتاجهم. وليكن الله في عون (الأوقية) التي هوت الآن إلى 340 أوقية للدولار الواحد، خاصة إذا عرفنا أن قيمة استهلاك الموريتانيين السنوي من الأرز تقدر بنحو 38.760.000.000 أوقية (متوسط استهلاك الموريتاني من الأرز يبلغ سنويا نحو 57 كلغ × 4.000.000 نسمة ×170 أوقية، وهي تكلفة وصول الأرز الجيد إلى ميناء انواكشوط).
فإلى أين تقود حكومة ابن حدمين الاقتصاد الوطني؟!
   اللهم إنا لا نسألك رد القضاء، ولكنا نسألك اللطف فيه..!

31. أكتوبر 2015 - 20:13

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا