بأي جريمة يسجن بيرام وإبراهيم؟ / أحمد حيمدان

يكمل الرئيس بيرام ولد الداه ورفيقه الأستاذ إبراهيم ولد بلال سنة خلف القضبان، لا لجرم اقترفاه غير أنهما شاركا في تظاهرة سلمية، في الوقت الذي يعيش فيه مجرمون من طراز بدر وابن عمه ولد اجيرب طلقاء.. يحدث ذلك في ظل صمت مطبق يخيم على الساسة والمثقفين والحقوقيين والكتاب 

والمدونين.. بل ويهاجَمُ كل من يتجرأ على الدفاع عنهما أو المطالبة بإطلاق سراحهما.

المفارقة الكبرى أنك حين تناقش بعض العنصريين في الموضوع، يحدثونك عن محرقة الكتب وعدم احترام العلماء والخطاب العنصري.. فهل هذه جرائم يعاقب عليها القانون الموريتاني؟ وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا يعاقب من أهدروا دماء الناس على القنوات الفضائية ومن هاجموا شرائح من المجتمع ووصفوها بعبارات مقرفة.. دعك من كل ذلك يا حبيبي، بيرام وإبراهيم لم يحاكما على أي من هذه المواضيع!

حوكم بيرام ورفيقه إبراهيم بتهم واهية وأمام جهات قضائية غير مختصة.. من بين التهم مثلا أنهما يتزعمان حركة غير مرخصة، رغم أن المجلس الدستوري زكى الأول للترشح لأعلى منصب في الدولة وهو يتزعم تلك الحركة "غير المرخصة"! فهل نفهم من ذلك مثلا أن المجلس الدستوري يزكي المجرمين لرئاسة البلاد؟!

أكثر مثير للاستهجان في ملف الرجلين هو سكوت الساسة والمثقفين، فهم في الغالب ينقسمون إلى فريقين: فريق يبرر مطالبته بإطلاق سراح الرجلين، بخوفهم من الفتنة بين فئات المجتمع.. هؤلاء مجرد جبناء لا يولون كثير اهتمام لقيم العدالة التي هي أساس الحكم والتي تراعي أفعال الشخص بغض النظر عن التخمينات السخيفة.. وبالمناسبة وبعيدا عن لغة العواطف نسيج المجتمع الموريتاني أقوى من أن يستطيع أي شخص أو "نظام" التلاعب به، رغم ما يحمله من أعباء ومظالم تاريخية كالعبودية وملف الإرث الإنساني..

أما الصنف الثاني فيحاول على استحياء غسل عار السكوت المخزي عن ملف الرجلين بكتابات لا تخلوا في الغالب من إبراز أوجه الاختلاف معهما.. فهل هذا هو الوقت المناسب لإبراز تلك الأوجه؟ وهل كان هؤلاء سيبرزون أوجه اختلافهم مع غير "هذين الرجلين" حين يتعرضون للظلم البين؟ أم أن حالة الرجلين استثنائية بما تحمله من مخاطر الصدام مع حراس الوهم؟!

علينا أن نحدد مواقفنا بوضوح، بعيدا عن لغة النفاق السياسي .. علينا أن نختار أي وطن نريد؟ وطن الديمقراطية والعدالة الذي يجد فيه كل مواطن حقه في العدالة والحرية، وطن يسعنا جميعا باختلافاتنا وخلافاتنا ويوفر لنا البيئة الصحية لتعددية الآراء واختلاف وجهات النظر.. أو حظيرة يسجن فيها المخالف وتتم شيطنته، حظيرة تدنس فيها قيم العدالة والديمقراطية والإنسانية.. لا توجد منطقة وسط بين هذين الخيارين.

الحرية لبيرام.. الحرية لابراهيم..

11. نوفمبر 2015 - 9:04

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا