العلماء والثورة على الطغيان والمحراب وصناعة القادة (ح7)/ د.محمد المختار دية الشنقيطي

العلماء والثورة على الطغيان والمحراب وصناعة القادة مواقف خالدة بين الفقهاء والسلاطين؟!.

الحلقة السابعة: الإمام مالك من نماذج  العلماء الصامدين عند الامتحان القادرين على العطاء في البلاء ومنارات الهدى للأحياء والخالد ين المزاحمين الشهداء بمداد الأقلام الرافعين

 في الحياة لواء الكرامة ، على المحنة والابتلاء شعارهم في مقارعة الطغاة:{ ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون } الثائرين على الظلم والطغيان والتجبر ؟!.

د محمد المختار دية الشنقيطي .

قال تعالى:{ وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مسٌتهم إذا لهم مكرً في آياتنا قل: الله أسرعُ مكراً إن رسلنا يكتبون ما تمكرون}. وقال:{ تبارك الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً}.
إن الإنسان الطبيعي ليشعر بالحاجة في هذه الدنيا إلى إمام فقيه حكيم يرشده ويؤنسه بالله، ويعده للقائه إعداداً حسناً، ويلقي على روحه رواء طهوراً يجعله في هذه الدنيا ملكاً يفكر في الخير وحده ويهفوا إليه أبداً... والموفق من يهتدي إلى قطع نصف الطريق إلى الحق يوم يوفق في العثور على الإمام الهادي المدرب اللبيب ليقلع به من أوحال الدنيا إلى سعة وراحة مرضاة ربه ونعم طاعته .
والمسلم في ابتلاء وبلاء هذه الدنيا يجد في طريقه وحياته المجتمعية والدعوية علماء وخطباء وقادة وساسة وعباد  ومجتهدون ومقلدون، وفي الطريق كذلك يوجد الأغرار والمهرة والأتقياء والفجرة والمحدثون والمجاذيب، ترى كم من الجهد يوفر والعناء يقتصد، يوم يقع المرء على إمام قائد تمثل وجسد منهاج النبوة في حياته، وترسم خطى الأنبياء في عمله، مجدد في فمه شعاع ينطق بالحكمة وفي ضميره روح يلهمهم الصواب في السلوك والعمل، والله يقول وقوله الحق:{ يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً وما يذكر إلا أولو الألباب} وقال:{ وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذوحظ عظيم} ويقول:{ وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون}.
إن صحبة وارثي منهاج النبوة والاستماع إليهم والاهتداء بهديهم توفيق رباني ومجد في الدنيا تالد لا يناله إلا من نال نصيباً وافراً من عمل ومناهج المصطفين الأخيار..قال تعالى:{ والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين وجعلنا للمتقين إماماً}.
و القائد القدوة والأسوة الشفيع- صلى الله عليه وسلم يقول:" إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا".
وأي أمة من الأمم حين تفقد بوصلة الهداية وتتنكب طريق المجددين على منهاج النبوة يتنزل السخط عليها في العالمين ويسير الركبان بذمها ويسلط الله عليها كل ظالم فيسلبها خيرها وخيراتها، فتصبح مطرودة من الإنسانية لا بسبب مقاومين أو متطرفين أو إرهابيين أو حملة إعلامية يقودها مرتزقة، وإنما بأقدار الله المذكورة جزاءاً في وحي السماء وسنن الله المضطردة، قال تعالى:{ لُعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لييئس ما كانوا يفعلون}، والذلة والإلغاء والاستبدال واللعن والطرد من رحمة الله، سنن مضطردة، تتنزل على كل مستوجب و ليس ذلك خاصاً ببني إسرائيل،{ فما هي من الظالمين ببعيد}، والقاعدة الأصولية تقول:" لا عبرة بخصوص السبب وإنما العبرة بعموم اللفظ" .
والاصطفاء لنا والخيرية فينا إنما لتمثلنا وتمسكنا ب:{ كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر}، وقال – صلى الله عليه وسلم:" لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يعمكم بعقاب من عنده فتدعونه فلا يستجاب لكم".
إن الله جل جلاله والذي لا معقب لحكمه قد حكم حكماً لا راد له: أنه كلما تجمع في الناس المنكر والظلم أبرز خصائص المقت، وفي أي عصر من العصور إلا ووكل بهم من يسومهم سوء العذاب تأديباً وتذكيراً، قال تعالى:{ وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب.. إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم}.
ففي ميزان الحق أنه بقدر ما تكون عظمة النعمة تكون بشاعة الجحود، وتكون صرامة العقاب، وليس هذا قانوناً خاص بجنس أو قوم أو بلد، إنما هو عدل الله في أهل الأرض.. فما يؤثر الله أمة إلا بمقدار ما تنطوي عليه من الخير وتصنعه من البر والمعروف، وما يهين أخرى إلا بمقدار ما تسلف من إثم وظلم وبغي وتواطئ ، قال تعالى:{ ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون}، وقال:{ ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يعملون}.
وكان القائد القدوة والأسوة الشفيع – صلى الله عليه وسلم يقول:" أشد الناس بلاء الأنبياء، فالأمثل فالأمثل"ومن مظاهر الضلال أن يظن بالله ظن الجاهلية : أنه يخفض ويرفع دون حكمة باعثة على الخفض والرفع، قال تعالى:{ ولما بلغ أشده واستوي آتيناه حكماً وعلماً. وكذلك نجزى المحسنين}.
والحق جل وعلى يبين للخلائق سننه المضطردة في أسباب قيادة الأمم والانتفاع بخيرات الأرض ووراثة الأمن والأمان، قال تعالى:{ ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون. إن في  هذا لبلاغاً لقوم عابدين}، وقال:{ الذين ءا منوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون}، فالله الحق جل في علاه يبين لنا بياًناً لا لبس فيه أن وراثة الأرض هي من حظوظ الصالحين وحدهم، وأن الذين فسدت عقولهم بالجهل وسوء العمل، وفسدت قلوبهم بالهوى وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لن يمكٌن لهم أدني تمكين في شبر ضيق من أقطار العالمين !!
ولقد كان الحبيب المصطفى- صلى الله عليه وسلم- القائد القدوة والأسوة الشفيع خبيراً بطبائع الأمم وأسرار المجتمعات يوم اخترق أسداف الغيب، ثم أدرك بوحي الله أن أمته قد يعتريها ما اعترى غيرها من الأمم فقال- منفراً محذراً:" ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل، حتى لو كان فيهم من أتى أمه علانية لكان فيهم من يصنع ذلك..".
وقال:" لتتبعن سنن من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا في جُحر ضب لاتبعتموهم ! قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى ؟ قال: فمن ؟؟.." .
ترى هل أمة الإسلام اليوم تدور في الدوامة نفسها التي أغرقت الأولين؟
والمحزن المبكي في حياتنا أن الكثير من الأفراد والجماعات الدعاة المصلحين يظلون معتزين بفضائل المقاومة والعمل صاعدين إلى القمة بأساليب التقدير الصادق والتفكير السليم حتى إذا ما وصلوا سفوح المال والسلطان تغير منطقهم وتبدلت قيمهم ! فإذاهم يكرمون المناصب والأنساب ولو كانت إلى جانب الفجرة والعصاة من الصم البكم الذين لا يعقلون..!!
إن المخمور لا يدري ما يصنع عندما يفقد وعيه وتترنح خطاه ذات اليمين وذات الشمال ؟ إلا إن صوابه الضائع يخيل إليه الأمور معكوسة.. فقد يغني ويضحك حيث يجب عليه أن يبكي ويحزن !!، والله يقول وقوله الحق:{ أفمن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها}.والشاعر المتنبي يقول:
ذوالعقل يشقى في النعيم بعقله*** وأخوالجهالة في الشقاوة ينعم
وأطباء القلوب وأرباب التقوى يقولون: وما الناس إلا عاملان فعامل قد مات من عطش وآخر يغرق..
والمرعب المخيف أن حال أغلب من يقودون المسلمين اليوم- ومنذ عقود- قريبة من حال ذلك المخبول المعتوه بسكره، فقد انطفأت مصابيح أهم قيم الإسلام في أيديهم، وأمسوا يسيرون في الدعوة والكفاح بلا خطة، ويسرون بلا شرعة، ويفكرون بلا عقل، فلو قست ما بينهم وبين منهاج النبوة لكانت المسافة كما بين المشرقين..؟!
أما أعداؤهم الأيقاظ فلم يغفلوا عن هذا المصير، فوقفوا يلعبون بهم وبرؤوسهم من سياسيين ومفكرين وعلماء فقهاء ليكونوا هم معاول الهدم كما يقول القس (أزويمر) في أول مؤتمر لرسل الاستعمار من المنصرين بالقرب من الأزهر): إن الشجرة يجب أن يقطعها أحد أغصانها !
والرسول – صلى الله عليه وسلم- القائد القدوة والأسوة الشفيع يقول:" توشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تداع الأكلة إلى قصعتها، قالوا أو من قلة نحن يومئذ يا رسول الله، قال: لا بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولنزعن الله المهابة من قلوب عدوكم وليقذفن الوهن في قلوبكم قالوا: وما الوهن يا رسول الله قال: حب الدنيا وكراهية الموت".
فلقد كانت أمة الإسلام مرهوبة الجانب يوم أن كانت تحرص على الموت في سبيل الله فتوهب لها حياة العزة والسؤدد والريادة والأستاذية للعالم يوم أن كان لها علماء أمناء على أمتهم مؤتمنين على دينهم له يعيشون وعن قيمه يقاتلون ولكل ظالم جبار يقومون ويأطرونه إلى الحق الذي له يعيشون و به يعدلون ..؟
ولقد كان إمام دار الهجرة  الإمام مالك بن أنس الأصبحي من  ذلك الطراز الفذ المجدد لهاديات النبوة وأساليب التدين والمقاوم للفساد والظلم والانحراف الباسط للهدي النبوي في التربية والفقه والسياسة والحكم ؟!
جاء في الأثر المأثور:" تضرب أكباد الإبل شرقا وغربا فلا يوجد أعلم من عالم المدينة" وقد قال الجمهور هو: الإمام مالك بن أنس ؟.
كان الإمام مالك معاصر لعدد من الخلفاء الأمويين والعباسين, ومن أشهرهم منه موقفا أبو جعفر المنصور, وهارون الرشيد, وكان الإمام مالك قرينا وندا للإمام أبي حنيفة, وقد جمعتهما المحن والابتلاء والفتوى بجواز الثورة على الخلفاء و ولاة الأمور؟!! كما حصل لهم مع أبي جعفر المنصور، فاستشهد الإمام أبوحنيفة وعاش الإمام مالك مشلول النيصف الأيمن حتى مات شهيداً بسبب ذلك ؟! .
وكان للإمامين منهج مختلف في الوسائل متحد في الغايات والأهداف وخاصة اتجاه الخلفاء, فكان الإمام أبو حنيفة مجانب للقرب من السلاطين, وكان الإمام مالك يرى بحكمته وفقهه المنفعة في الدخول على الأمراء وإظهار النصح لهم جليا واضحا كأرقى صورة من صور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجهاد الظلم, فقد روت كتب التاريخ مقولته الحكيمة البصيرة الشهيرة - رضي الله عنه : ( حق على كل مسلم أو رجل جعل الله في صدره شيئا من العلم والفقه أن يدخل إلى ذي سلطان, فيأمره بالخير وينهاه عن الشر, ويعظه حتى يتبين دخول العالم على غيره, فإن وعظه ونهاه فهو الفضل الذي ليس بعده فضل! ) .
وكان الإمام مالك يفعل ذلك ودون أن ينتفع بشيء من أرزاق الأمراء وأعطياتهم أو تولي المناصب لهم !  وفي ضوء ذلك صاغ المتأخرون من فقهاء المالكية القول بعدم الخروج على الحاكم إذا لم تعلم القدرة على إزاحته وتنحيته صيانة لدماء المسلمين، وحرموا  في الوقت ذاته إعانته وبأي شكل من أشكال الإعانة، وقالوا قولتهم الشهيرة، الخير كله في العلماء ما لم يخالطوا السلاطين  فإذا خالطوهم ففروا منهم فراركم من الأسود ؟!
ولقد قال الإمام مالك- رضي الله عنه في أحكم مقولة له  وأبلغها  جوابا  لمن سأله: لماذا تدخل على السلاطين, وهم يجورون  ويظلمون ؟  فقال للسائل : رحمك الله, وأين التكلم بالحق !!  والله جل في علاه يقول:{ وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر } .
وهكذا وطد الأمام هذا المنهج ونظر له من خلال عمله المتواصل في العلم والدعوة وجهاد الظالمين بكلمة الحق، ونشر نور النبوة, وحتى حين أدركه الضعف الجسمي شللا في يمينه بسبب ما ناله من الأذى والابتلاء على يد الحكام الظلمة(ولاة أمور المسلمين), فكان يعتزل المسجد بعض الوقت ثم لا يعتزل دار الحكم, ويسأل في ذلك, فيقول رضي الله عنه: "وأما إتياني الأمراء فبالحمل مني على نفسي, فإنه ربما استشير بعض من لا ينبغي أن يستشار !"- ولعل أكثر فقهاء الدعاء المالكية اليوم من فقهاء السلطان والباحثين عن الحظوة والجاه، ولو عند الصهاينة والصليبين والشيوعيين الملاحدة ؟!
فالإمام مالك إذن يحضر عند الأمراء للنصح وسد الباب أمام استشارة المتفيهقين المستعدين لبيع دينهم بدنيا غيرهم وتشريع الظلم والبغي وأكل المال بالباطل هكذا يبين الإمام رضي الله عنه أسباب ومبررات دخوله على الأمراء فما أعظمها من غاية وأنبلها من مهمة، والقائد القدوة والأسوة الشفيع يقول:" لن يهدي الله بك رجلا واحداً خير لك من حمر النعم" .
ولقد كان إمام السنة وشيخ أهل الحديث الإمام مالك يعلوه جلال العلم ووقار الإيمان وكانت هذه المناقب تلف الإمام مالكا بهالة وضاءة تجعل له التقدير والإكبار من كل من يراه الأمر الذي خوله أن يعارض بجلال وعزة رؤساء الدولة وأمراءها دون خوف ولا وجل أمام الأشهاد، وهو يردد قول الحق:{ فمن يجيرني من الله}، وقوله:{ إن أجري إلا على الله} .
وترفعه عزة العلم وتبلغ به مبلغا تهون لديه أبهة الحكم وروعة الجاه, وكان الإمام مالك يعرف قدره الرفيع ومقامه عند الناس في الاقتداء والأسوة, فلم ينل بفقهه ومواقفه من مكانته, بل ظل سامقا تتطلع إليه العيون في خشية وإكبار، لأنه جسد حقيقة إيمانه و" وصان شرف علمه ولم يبع دينه بدناه، وأحرى دنيا غيره ؟ " ومن كان لله كان الله له".
وهكذا نجد الخليفة المهدي يذهب إلى منزله, وتتبعه حشود من الأتباع والأجناد, فيستأذن في الدخول, ويظن الناس أن مالكا سيسرع باستقبال أمير المؤمنين على عجلة واندفاع, ولكن الوقت يطول, والإمام داخل  منزله لا يبرح, والخليفة ولي أمر المسلمين ؟ في أقصى ما يمكن من الإحراج فلا يدري ماذا يصنع أمام الرعية - فهل يتعظ المزورون المنهزمون من أدعياء تمثيل منهج السلف الصالح ؟ ممن يقولون بأن الأمير لا ينصح إلا سرا, وتحرم نصيحته له جهارا- والله جل وعلى يقول على لسان عبده ورسوله نوح عليه السلام بياناً لحكم النصح ودورانه مع الأحوال: الإسرار, أو الجهر, فذلك يخضع لتقدير الناصح الآمر, وحالة المأمور, ومستوى الظلم الذي عليه الحاكم، قال تعالى على لسان نبي الله نوح عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم:{ رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائي إلا فرارا, وإني كل ما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا, ثم إني دعوتهم جهارا , ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا }.
حتى إذا نفد صبر الخليفة ولي أمر المسلمين ؟! بعد انتظار طويل أمام بيت الإمام الداعية المجاهد الإمام مالك, خرج الإمام متئد الخطو ليقول في صراحة معبرة وهادفة: كنا نصلح منزلنا دون عجلة, وفي موقف دعوي فيه من حكمة البيان مالا يخفى على كل ذي بصيرة، والله جل في علاه يخاطب المؤمنين بقوله:{ ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين} .
ثم ألح عليه الخليفة ولي أمر المسلمين ؟ ! المهدي أن يسعى إلى قصره ليعلم ابنيه موسى وهارون , فنظر الإمام المعلم في هدوء الواثق إلى الأمر وقال: في حكمة ودعوة وتعليم للناس: لا يا أمير المؤمنين, العلم يؤتى ولا يأتي مما اضطر الخليفة إلى أن يبعث ولديه , فكانا يقفان على باب المنزل يدقان الباب, والريح تضرب وجهيهما بتراب العقيق, ينتظران حتى يأتيهما الإذن من الإمام المعلم المؤدب في قوة الحق وحكمة المعلم ودعوة  العالم المربي الناصح المصلح !
وتمضي الأيام ويموت المهدي, ومن ورائه الهادي, ويصبح هارون الرشيد صاحب الأمر في ديار الإسلام, ويشتاق إلى أن يجالسه الإمام مالك في قصره المنيف ببغداد, فكيف السبيل إلى ذلك !! وقد استعصى  ذلك الأمر على والده وأخيه, ثم رأى أن يكبت رغبته, ويزوره بالمدينة, طيبة المطيبة-على ساكن قبرها ألف تحية وصلاة وسلام –في موسم الحج, فيستمع منه حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-ليعلم القاصي والداني أن الخليفة العظيم من تلاميذ إمام دار الهجرة, فتزداد مكانته بين الناس, ويستشعر لذة تغمر نفسه ببهجة وارتياح .
وتتسارع الأنباء إلى الإمام مالك إمام دار الهجرة وشيخ أهل الحديث: بأن أمير المؤمنين ناهض لزيارته, ليأخذ مجلس التلميذ من الأستاذ, فيغتسل الإمام رضي الله عنه ويلبس أجمل ثيابه, ويتطيب ويضع مجا مر الند والعود, وتلك كانت سنته المطردة مع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تعظيما وتبجيلاً له, لا حفاوة بالزائر الكبير أمير المؤمنين !!
حتى إذا حضر الخليفة أمير المؤمنين وولي أمرهم ؟! هارون الرشيد قال له الإمام المعلم مالك: تقرأ علي- وتلك كانت هي عادته في التحديث-, فخشي الرشيد أن يخطئ أمام الجمهور, فقال في ارتباك: تقرأ أنت إن أردت, فقال مالك: ما قرأت على أحد منذ زمن, فأطرق الرشيد ثم قال: إذن فأخرج الناس عنى, فرد الإمام المعلم مالك في حكمة الداعي المجلجلة وروعة إيمان العالم المعتز بعلمه وإيمانه المربي: إن العلم إذا منع من العامة لأجل الخاصة لم ينتفع به أحد !! يا الله فأين هي مقولة التعليم والنصح سراً لا جهراً من هذا الموقف ؟
فقال الرشيد: ليقرأ بعض أصحابك إن أردت, فأمر الإمام مالك تلميذه المغيرة فقرأ, وجعل يفسر ما يقرأ, والرشيد وحاشيته وعامة الحاضرين منصتين كأن ما على رؤوسهم الطير !
هذا الاعتزاز النادر بالعلم قد سما بأصحابه سموا خلد لهم الذكر بلسان صدق في العالمين قال تعالى:{ وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم }, هذه المقامات العليا قد خص الله بها العلماء الربانيين من حملة الرسالات السماوية , وأرباب المناهج الفقهية الإصلاحية, وقد حرص الإمام مالك على الثبات على منهجه الإصلاحي مهما كلفه ذلك من ثمن يهون في سبيل تشييد معالم منهج الدين.
دخل على الإمام مالك الرشيد ذات عام  فأخذ مكانه إلى جواره في مجلس الحديث ظانا أنه لم يفعل ما يوجب الملام, ولكن الإمام مالك الداعي والمربي ينصح ويؤسس لمعالم التربية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،يقول للأمير: يا أمير المؤمنين, من تواضع لله رفعه, ومن تكبر على الله وضعه,  فيلتفت الرشيد مأخوذا ويسأل: ماذا صنعت؟  فيقول الإمام: إن من جلال الله إجلال ذي الشيبة المسلم في مجلس علمه, فقم واقعد بين يديه, فأسرع الرشيد ممتثلا, حتى إذا انتهى من درسه قال لبعض خلصائه: إننا نتواضع لننتفع به, وقد تواضع لنا سفيان بن عيينة فلم ننتفع به شيئا..
والنظر بفقه وبصيرة إلى أولئك الأمراء الذين وقف منهم علماؤنا ذلك الموقف الناصح بل والرافض المتمرد الثائر في أحيا ن كثيرة, ولنجرى المقارنة بينهم وبين علماء زماننا وسلاطينه، من حيث العلم والاستقامة والانحراف،عند العلماء وعند الأمراء:{ ليهلك من هلك عن بينة ويحي من حيي عن بينة} ولتتبين من خلال ذلك سنن الصالحين وسنن المتقين ومنهم الرويبضة المتفيهقين، ومنهم حقاً الدعاة المخلصون الصادقون؟{ وليميز الله الخبيث من الطيب} .
ولم يبلغ الإمام مالك ما بلغ من الرفعة وخلود الذكر بين العالمين اعتباطا  كلا : إنما ارتفع إلى القمة العالية بعد جهاد طويل وامتحان شاق تجلى عن إيمانه وعزمه فصارت له في نفوس المسلمين مكانة عالية ساهمت في نشر مآثره, فانتشر تلامذته في الآفاق يحملون علمه ومواقفه المجلجلة الصاعقة للظلم وللظالمين الأمر الذي كان السبب في انتشار مذهبه وخلود آرائه ومواقفه الصائبة، والتي تنافس الأمراء والحكام في الغرب الإسلامي في تبنيها ونشرها في هذه الربوع من العالم الإسلامي .
وصار عند الناس حكام ومحكومين من أهداف الرحلة إلى طيبة المطيبة مدينة رسول الله-صلى الله عليه وسلم-سماع الحديث من إمام دار هجرة النبي-صلى الله عليه وسلم-والتشرف بالجلوس في مجلسه-رضي الله عنه, والذي يتقاطر عليه الطلاب من جميع الأمصار, ليرو الإمام وينقلوا عنه روايته وفتواه, ويسجلوا إسناده, وكان الإمام إذا بدأ الدرس خشعت الأصوات, وأطرقت الأعناق, حتى  صدق فيه قول القائل :
يدع الجواب فلا يراجع هيبة * *والحاضرون نوا كس الأبصار .
هذا في الوقت الذي فيه المدينة مزدحمة  من  تلامذة الصحابة  والتابعين, غير أن المقولة الشهيرة أخذت تشق طريقا إلى قلوب ومسامع الناس: لا يفتى ومالك في المدينة !! طريقها بين صفوف هؤلاء تعظيما وإجلالا لإمام أهل الحجاز وشيخ أهل الحديث الإمام مالك, الإمام الذي تحمل المشاق والمحن في سبيل الحق حين واجه طغيان الحكام من ولاة الأمور بفتاويه المزلزلة القاصمة لظهر الطغيان .
قامت الدولة العباسية على أشلاء الدولة الأموية وما هو إلا حين من الدهر حتى  تآلبت على أصحابها الجموع الحاشدة, حين لمست مدى الخيبة الأليمة في آمالها وأهدافها, ورأت أن السفاح والمنصور كليهما يسيران في طريق بني أمية تنكيلا بالضحايا, وسفكا للدماء, ونظر المسلمون فوجدوا أن أصحاب الحق يحاربون ويضطهدون, كأن أمية لا تزال تأخذ عليهم, فلا يجدون نفعا في الأرض أو يطيرون بجناح إلى السماء, وتجمعت الرغبات في الصدور ملتهبة محتدمة, حتى تمخضت عن ثورتين بالمدينة والبصرة, قام بهما محمد بن عبد الله بن الحسين وأخوه إبراهيم بن عبد الله !!
فاهتزت أركان الدولة وارتجف المنصور وشرد أمنه, فأخذ يتوقع الشر الماحق من حين إلى حين, ثم جاءته الأنباء أن كبار العلماء من أمثال أبي حنيفة ومالك يؤيدون الثائرين, ويرسلون الفتاوى في تحبيذ الجهاد ومحاربة الطغاة !!
فلجأ الخليفة إلى الحيلة الماكرة, وأخذ يخادع ويداهن, حتى استطاع أن  يستميل الكثيرين من مناوئه, باذلا مغريات الوعود من جاه ومنصب وثراء, ولكن أحابيله الخادعة لم تستطع أن تمتد إلى الإمامين الكبيرين أبي حنيفة ومالك في شيئ .
لقد شاهد الإمام مالك بعض المترددين في تأييد الثورة ينكصون عنها بحجة أنهم بايعوا المنصور, فلا يجوز لهم أن ينقضوا البيعة بعد أن حلفوا الأيمان المؤكدة بالطلاق على الطاعة والإذعان, فأصدر رأيه الحاسم بأن طلاق المكره لا يقع, وهم قد بايعوا المنصور مكرهين, فلهم أن يتحللوا من بيعته غير آثمين.. وطارت الفتوى إلى المنصور, فكادت أن تزلزل ثباته, ثم رأى أن يستوثق, فأرسل يهادنه ويستمليه, فما رجع رسوله بطائل, بل قال له إنه استمع إلى مجلس الإمام بالمدينة, فرأى سائلا يسأله عن الثائرين على الخلافة: هل يجوز قتالهم ؟ فأجاب في غير تحفظ: إن خرج الثائرون على مثل عمر بن عبد العزيز عدلا واستقامة جاز قتالهم, وإلا فهم طلاب حق مشروع !
وجاء سائل آخر فسأل عن نكاح المتعة بعد أن فشا بين الأمراء من بني العباس وفيهم خاصة المنصور وأرباب مشورته وأعوان طغيانه, فأعلن أنه نكاح باطل, وأن ما يروى في حديث ابن عباس عن جوازه مكذوب موضوع !!
والواضح أن الفتوى في مثل هذه المسائل ليست فقهية فقط يختلف فيها رأي فقيه عن فقيه, ولكنها طعن سياسي واضح في الحكم ومشروعيته, ودعوة إلى العصيان تزيد الناس تمردا ونفورا, وتؤسس للثورة على ولاة الأمر !!
وقد شاءت الأقدار أن يقضي أبو جعفر على الثورة, ويقتل بني عمومته من الثائرين, وليس من منطق الطغاة المتجبرين العفو عن الخصوم وخاصة إذا كانوا من العلماء المؤثرين, وقد كان الإمام مالك في طليعة أولئك العلماء الثائرين المغضوب عليهم  من الأمير  فصب عليه الطغاة من ولاة  المنصور جام غضبهم فانهالت عليه السياط تلسع جسده الطاهر, وقام عامله على المدينة بتجريد الإمام من ثيابه دون ما يستر العورة, ثم طرحه على الأرض وأوثق رجليه ويديه بالحبال الغليظة وأمر زبانيته بجلد الإمام الصابر المحتسب حتى بلغت السياط على جسده الثمانين فأغمي عليه وهو: الشيخ العالم الذي بلغ من الكبير عتيا, وقد بقيت آثار السياط على جسده, فلم تفارقه حتى لقي الله  مشلول اليمين من آثار التعذيب ؟! قال تعالى:{ وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون}.
وقد استطاع الإمام أن يظل محافظا على توازنه في المحنة كلها, وفيما بعدها على حين مات رفيق دربه في الثورة على الطغيان أبو حنيفة متأثرا بالتعذيب وشاع الحزن في بغداد وسائر مدن الإسلام على الإمام الفقيد والإمام المريض, ضحايا الطغيان والاستبداد, وتسلل الوجل والخوف إلى قلب المنصور وسلطانه, فندم أشد الندم و لات ساعة مندم, وعلم أن القضاء قد سبق إلى الإمام أبي حنيفة, ففصلت الشهادة ما بينه وبين المنصور, غير أن الإمام مالك لا يزال على قيد الحياة بعاهاته الشاهدة على بطش النظام وطغيان الحكم!!
فسعى إليه نادما معتذرا, يحاجج بالأيمان الغلاظ أمام جموع العامة الناقمة أنه لا علم له بما جرى وأنه تصرف فردي من عامله على المدينة الذي قام بجلد الإمام ودون مشورته, وأتقن الدور فعزل العامل وعاقبه وحق عليه الوعيد:( من أعان ظالما على ظلمه سلطه الله عليه بعذابه)!!
وقد  واظب  المصور على زيارة الإمام ومواساته تنفيسا عن ألم يجيش في صدره لا يجد له تسكينا إلا بندم و مواساة الإمام وعزائه في رفيقه في الثورة والتمرد الإمام أبي حنيفة !!
وقد بالغ المنصور فيما بعد في احترام الإمام مالك وتوقيره كما كان حال أبيه مع الإمام وحفيداه موسى وهارون, وقد أرغمت الخليفة المنصور ثورة المعارضين ومباركتها من العلماء على تعظيم الإيمان وإجلال العلم والعلماء وقد وجد تلك القيم  مجتمعة في الإمام مالك رضي الله عنه والذي فيه يقول له المنصور: والله الذي لا إله إلا هو  ما أمرت بالذي كان ولا علمته, وأنه لا يزال أهل الحرمين بخير ما كنت بين أظهرهم, وأني أخالك أمانا لهم من عذاب الله, وهو قسم سياسي محنك يبطله الحق الواقع والبرهان الملموس .
فأين سادتي هو مالك والمالكية من ممالأة السلطة على الظلم والباطل والدفاع عنها باسم القيم والدين وكما هو سبيل خلائف المنتسبين للمذهب المالكي في هذه الأيام إدعاء لا غير سبحانك هذا بهتان وتشوه للمذهب وتزوير للحق وتجارة خبيثة كاسدة عند الله وعند المؤمنين الصادقين باسم الفقه وضد قيم الدين في الحق والعدل ومحاربة الفساد والظلم  ؟!
فلا عاقل ينكر ولا متطرف يجادل في أن معرفة الله هي أساس الدين ؟ وأن صلاح القلب ملاك الأدب ؟ لكن إذا جاءتك حمم الموت من الجو والبحر والبر، بعد العمل الدءوب لتحريف دينك وتشويه قيمك، ونهب خيرات وثروات بلدك، أف تقابل ذلك كله بالانكسار بين يدي الفاعل وتقبيل قدميه، وصرف مشاعر وأذهان الناس عن أفعاله والمقاومة وباسم الدين والتربية وإصلاح القلوب أيكون هذا من الإسلام أو من السياسة يا فقهاء السلطان ؟
إن العلماء الذين يخادعون الجماهير باسم الدين، والذين يهادنون المعتدين ويسيرون في ركب الظالمين، وتحمل أبدانهم وبطونهم من سحت هدايا السلاطين وقارونات حكام وملوك القهر والاستبداد والوكالة عن اليهود والنصارى والشيوعيين لن يطفوا حريقا في الأمة ولن يسدوا معروفاً للدعوة، ولن يمكنوا لدين الله وقيمه في الأرض؟!
إن كلمة(أغمض عينك  واتبعني) لا تنسجم أبداً ولا تتوافق مع دين يقول الله لرسوله– صلى الله عليه وسلم- آمراً بهذا البيان الواضح:{ قل: هذه سبيلي،  أدعوا على بصيرة أنا ومن التبعني، وسبحان الله وما أن من المشركين}، ولعنة الله  تتنزل على من يبني مجده على أشلاء العباد من إخوانه المجاهدين والدعاة المخالفين له في الاجتهاد والوسائل !!
إن نصوص ديننا ومبادئه ومقاصده، كل ذلك يعلمنا أنه لا حرج أبداً في الاجتهاد واختلاف وجهات النظر وأساليب العمل، لكن لا يجوز مطلقاً لصاحب رأي ما أن يحسب نفسه المتحدث الرسمي باسم الله ورسوله، المبوئ وحده ناصية الحكمة والرشد والاعتدال، وأن من خالفه خارج عن الإسلام بعيد عن الحق ؟
إن الإسلام ليحتاج اليوم إلى العلماء الدعاة ذوي الهمم البعيدة والمشاعر الحية النابضة، وهو في غنى تام عن الرجال الذين سقطت همتهم وبردت عاطفتهم ويسعون لفرض موات أنفسهم على دين قام من نشأته بحب المحقين وبغض المبطلين، والوقوف في وجه الظالمين والانتصار للمظلومين، ومهما كانوا وكان دينهم ؟؟ قال تعالى:{ ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين.. إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس}.
وقال تعالى:{ وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا}.
وشعار الدعوة والدعاة له أبداً:{ يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين}.
لقد كان للإمام مالك من التجديد والفقه ومواجهة الظلم والظالمين والانتصار للمظلومين، والعفة عما في يد الظالمين، ما بوأه للإمامة التي تربع على عرشها ودون منازع، فهو المجدد الواضع للكثير من ضوابط منهاج النبوة، وكيفيات قبول الأخبار وفهمها وتطبيقها، كما هو حامل لواء النصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والفقيه الدقيق الحصيف البصير بأحوال الناس المستوعب لقيادة مسيرتهم: تفقيهاً واحتضاناً، وترفعاً عن أن يكون سوطاً في يد الظلم أو معيناً للظالم، فنال البتلاء فصبر على البلاء فأعزٌ الإيمان، ولم تزده المصائب التي نزلت به إلا ثباتاً في الحق، واعتصاماً بجماعة الناصحين المقاومين للظلم والظالمين ؟!
كان الإمام مالك عالمًا حقيقيًّا يدرك أن دور العلماء لا يقتصر على إلقاء الدروس والخطابة وتعليم الطلاب، فاشترك في الحياة العامة مصلحًا يأخذ بيد الناس إلى الصواب، ويصحح الخطأ لهم ولو كان صادرًا من أمير أو سلطان، ولما كانت نفسه قوية امتلأت بحب الله فلم يعد فيها مكان للخوف من ذوى الجاه والسلطان، فهو لا يخاف إلا الله، ومن خاف الله هابه الناس واحترموه.
ولقد عاش الإمام مالك من أجل الناس فقهاً وتدريساً وإصلاحا لحياتهم ودنياهم ، فعاش في قلوبهم ووجدانهم، وانتشر مذهبه بين صفوفهم حلا لمشاكلهم .. فأحب الناس فأحبه الناس .

30. نوفمبر 2015 - 11:39

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا