محنة الطّلاب في رحلتهم للمنفى الجامعي الجديد (2) / باب ولد سيد أحمد لعلي

بطعم الجراح يجب أن تُسطر هذه الأحرف ، وبلون المأساة التي جبلنا عليها منذ بداية البداية ... قد تُهمل القضية وقد يُضرب بها عرض الحائض ويظلم من تحرك في سبيل إصلاح  الشأن العام ويداس بكرامته ويقدم للمجتمع على أنه مشاغب من الدرجة الأولى مفسد منع النظام ولم يلتزم بالقانون ، وليس كل ذلك 

بغريب علينا نحن معشر الشباب الذين نشأنا في ظل سقف دولةٍ يقودها جيل لا يعرف إلا الفساد والذود عن مصالحه الشخصية والبحث عنها وتحقيقها في ثوب المصالح العامة ، مما ولد لدينا عدم ارتياح وعدم ثقة في هذه الجيل القائد الذي من المفترض أن يكون هو الأسوة الحسنة.
أعلمُ أن فخامة القيادة الوطنية تعلمُ بموضوع الطلاب وأعلم أنها مفتخرة بالمركب الذي أنجزته وستحيله إلى قائمة ما تحقق في تاريخها المجيد وتمنُّ به علينا ما حينا ، لكن كان يجب عليها أن تُكمّل المحاسن ولا يُترك مجال لفوضى نحن في غنى عنها أيها الرئيس إن وصل أمر طلاب جامعات موريتانيا الحديثة لك...
كنتُ قد كتبتُ في مقال سابق عن هذه المحنة المشكلة وناقشتُ ما يحيطُ بها من أمور قد تكون أكبر بكثير منها ونتائجها أفدح بكثير منها ، إذ أنها هي سبب وليست نتيجة ... سبب لأنها قد تسبب في فصل الكثير عن الدراسة برضاهم وبحثهم عن مجالات أخرى دون هذا المجال والنظر إلى الحكومة باعتبارها عدوة للعلم وللطلاب بدل الراعي المسئول عن الطرفين ، وهذه نتائج قد حصل بعض منها والبعض الآخر مما لم يُذكر ولم يكن في الحسبان سيكون يجول في تفكير آخرين حسب الأهواء والاختلافات ، يعني أن يكون في الحسبان حصوله كمفاجئة ...
فلو شاهد أحد ما طريقة النقل وركوب الطلاب في الباصات القليلة أول ما سيخطر في باله قطيع من الأغنام أراد صاحبه التخلص منه بأي ثمن فجمعه في قالب لا يتسع له ، تماما كالأغنام التي تُحمل في الشاحنات أيام الأعياد إلى الجارة السنغال ...!
نقولها صريحة بغض النظر عن أي انتماء وأي تموقع سياسي "القضية الطلابية " يجب أن تحل وأن يعامل معها على اعتبار أنها جزء من مخططات الإصلاح الذي تتبناه الدولة التي أعلنت منذ ما يقارب  سنة 2015 سنة للتعليم ، وقد بلغ السيل الزبا وعمدت الحكومة على تجاهل واقع نقل الطلاب حتى بادروا هم بالكلمة وبالفعل لكسر صمت الحكومة وتغاضيها وأرجوا أن تتم الأمور على خير بما فيه صالح الطرفين .
وفي هذا السياق والأحوال وصلت إلى ما وصلت إليه الآن والقادم أعظم حسب أصحاب الحق "الطّلاب" أود أن أتوجه إليهم (الطّلاب) بمجموعة من النصائح كمقترحات لن تحدّ من نضالهم وربما ستساهم فيه بشكل أكثر عقلانية لتتحقق المطالب بأسلوب حضري
1) أولا يجب الابتعاد عن أي توجه سياسي والتعامل مع القضية على أنها قضية طلابية مطلوبة من جهات رسمية عليها أن تحققها وهذا حق ، وكي لا تأخذ الأمور منحى آخر نحن في غنى عنه ، ولكي يتحقق للطلاب مآرب من جهود وعوها بأنفسهم وأداروا لها السُبل بأنفسهم ، أي أنكم لست بحاجة لمن يقودكم ويدلكم على حقكم أنتم أدرى بما تريدون ولا تتركوا أحدا يتلاعب بقضاياكم سواء من النظام أو من المعارضة
2) يجب عليكم أيها السادة المطالبون بحقوقكم المحافظة على المكتسبات المادية الجامعية وغير الجامعية في التظاهر والاحتجاج ، لأن ما تحقق ملك لكم ولأبنائكم في المستقبل ولا تفسدوه بالهمجية والعدوان ، فانتم أهل لأن تحافظوا على الممتلكات العامة والخاصة ، ولا تلوثوا القضية الطلابية بالأساليب الهمجية
3) أن تواصلوا في طريق نضالكم السلمي ذي القيم والمبادئ الحضرية حتى تكسروا جدار الإرادة وتجعلوا أصحاب القلوب المتحجرة من المسئولين يسمعون منكم ويبصرون ما تعانونه بنكهة النضال والإخلاص لهذا الوطن
وفي مقابل ذلك لا بد أن أوجه كلاما لوزير التعليم العالي وللحكومة والرئيس من خلاله ،فيا سيادة الوزير الموقر ويا حضرة الدكتور المحترم الذي لم يجد الطلاب منذ أتيت المنصب الوزاري سوى الإهمال والتهميش وضياع الحقوق بفعلكَ
بدءا بإلغاء المنح مرورا بالسكن الجامعي الجديد المحدود وصولا إلى أزمة النقل الخانقة والتي تكاد تعصف بالتعليم العالي كله في العاصمة نواكشوط يُضاف إلى ذلك مشاكل الأساتذة التي عزفتَ عن الاستماع لها حتى بادروا بالإعداد لإجراء إضرابات لاحقة بإضرابات الطلاب .

هل يمكن أن تسول لك نفسك أيها الوزير أن كل هذا التعسف والإجراءات الظالمة تدخل في باب إصلاح الصرح الأكاديمي ..؟
كذبت وخابت وساوسك وما تنويه في هذا المجال ... فلن تحصل سوى على رضا القائد الذي تريد كسب وده بأفعالك على حساب وطنك والصرح الذي تنتمي إليه ،وتقنعه بصحة ما تفعل رغم بطلانه لتحمله الوزر بذلك.
وقد أعذر من أنذر ، فالطلاب وفي الطريق الأساتذة في سيشعلون النار والتوتر ويدخلون التشكيك إلى ما أنجز من خلال بناء مركب للكليات الجديد ، في الوقت الذي يكشفون فيه إهمال السلطة للتعليم الذي روجت لإصلاحه ، فيجب عليكم إعادة ترتيب الأمور قبل كل ذلك واحتواء الأزمة في مهدها أيها السادة المحترمون.

 

8. ديسمبر 2015 - 9:45

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا