إغلاق المعاهد القرآنية والإعتراض على الدولة / سيد محمد ولد أخليل

"موريتانيا: حرب بين الحكومة و«الإخوان» حول إغلاق معاهد القرآن".. هذا هو العنوان الذي عنونت به صحيفة القدس هذا الحدث، وهو عنوان صادق إلى أبعد الحدود، وبغض النظر عن خلفية الموضوع، وعن الدعاية المسعورة التي يشنها علماء الإخوان ومن شايعهم من إخوان على الدولة، علينا التوقف 

للحظة للتأمل فيما يجري فلن تفيدنا شيطنة الرئيس والحكومة والداخلية والدولة في شيء..
نحن أمام حقائق راسخة منها:  أن الدولة هي الأساس الذي ينبني عليه المجتمع، وكما هو معلوم لابد لها من شوكة وهيبة.
ومنها أن الإعتراض على الدولة يجب أن يلتجأ فيه إلى الدولة نفسها من خلال الحوار والقضاء لا إلى العوام وغير العوام..
إلى متى سنصدق أكذوبة هذه الحرية الزائفة المبنية على مجابهة دكتاتورية الحاكم المزعومة من أجل إثارة البلابل والقلاقل في بلدان المسلمين ؟ أما آن لنا أن نفهم حقيقة ما يدبر لنا من قِبل أعدائنا ؟..
وإذا كان الخروج على الحاكم أمر ضارب بجذوره في تاريخنا، وللخوارج على مر الأيام والليالي نفس السمات والأوصاف، يشتركون في التنقيص من الحاكم بحجة عدم عدله وسلفهم في ذلك جدهم المشكك في عدالة الرسول، وبحجة عدم تطبيق شرع الله أو تحكيم كتاب الله كما اعترضوا على علي بن أبي طالب رضي الله عنه في ذلك، ولا يزالون يعترضون على حكام المسلمين..
إن من أوصاف الخوارج: التدين المغشوش الخادع الذي يظن المتأمل فيه أنهم أولى أولياء الله، فيغتر بحسن قراءتهم للقرآن وطول قيامهم ولحاهم، وورعهم الذي يتشبهون فيه بورع جدهم عن أكل تمرة مرمية في الطريق مع ذبحه لصحابي جليل وبقره لبطن امرأته الحامل !..
إذا كان الخروج ضارب في التاريخ فقد استقلته هذه الديمقراطية الشيطانية الحديثة اليوم خير استغلال، وبدل أن يركز المسلمون على ما يفيدهم من ميراث هؤلاء الغربيين الضالين، ركزوا على الحاكم فاتهموه واستنقصوا من شأنه واحتقروه وخرجوا إلى الشارع متظاهرين ساخطين عليه، كل واحد منهم يعتقد في قرارة نفسه أنه خادم لأبيه ! فكان من نتائج ذلك الخراب الذي نرى..
إن علامة الخارجي الأولى سواء أطلق لحيته أم لم يطلقها (كبعض الإخوان غير الملتحين)، هي الإنتقاص من الحاكم وعدم الرضا به، والسلفية الحقة إحدى علاماتها الأساسية لزوم الجماعة وطاعة الحاكم، لذا استغرب ممن يتهم المملكة بموافقة داعش في تطرفها، ألم يفكر في قتل المملكة للدواعش بحكم الله ورسوله ؟! هي إذن ألد أعدائهم وأبرز مخالفيهم..
إن مما يثير القلق بقدر ما يثير الإشمئزاز، مشاهدة بعض من يُحسبون على العلم والعلماء وهم يدعون إلى استنقاص الحاكم بحجة إغلاق دولته لبعض المؤسسات القريبة من قلوبهم. يتبعون في ذلك طريقة الإخوان المعروفة، وهي شيطنة كل من يعارض فكرهم المغشوش، ويقف في وجوههم، واتهامه بكل التهم بما فيها محاربة الله ورسوله والقرآن ! وربما أخرجوه من كنف الرحمة..
أليست الدولة أدرى بقراراتها التي يُفترض أنها تخدم المصلحة العامة للمواطنين، وحتى إن لم تكن تخدمهم أليسوا جميعا – وأولهم الدعاة والعلماء - مأمورين بطاعتها والأدب معها ؟ أيعقل أن يرد هؤلاء عليها قراراتها كأنها بلا وجود ؟ هل هذا تحقير لها وتأليب للدهماء عليها، وأين ؟ في مجالس الذكر والمساجد !
من المحزن والمستغرب في آن واحد، أن يكون دور العالم أو خطيب المنبر بدل حث الناس على طاعة الحاكم والسلامة - وهو ما تأمر الشريعة به من خلال القرآن والسنة -، تأليب الناس عليه، والحط من قيمته ومن قيمة داخليته ودولته في أنظارهم، وإظهاره بمظهر الطاغية المتجبر المحارب حتى للقرآن هو وحكومته – وهذا ما ينطق به لسان البعض في خطبه ومحاضراته - ، وكل ذلك بحجة الإنتصار للدين !.. ألا يخشى هؤلاء الدعاة خروج الناس على حاكمهم أو على الأقل الرضا بأعدائه الخوارج والإنضمام إليهم ؟ أم بالعكس يرغبون في ذلك، أو لنقل يضغطون على الدولة من خلاله معرضين سلمها وأمنها للخراب في عملية ابتزازية معروفة ينتهجها أقوام اشتهروا بالتآخي على مثلها، حفظ الله البلاد والعباد من مكرهم وسياستهم ؟

4. يناير 2016 - 8:59

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا