إن أكثر ما يعجبني في "رابطة علماء موريتانيا"، هو وفاؤها للأهداف التي أنشئت من أجلها، كما ورد في بيانها الأخير، وتشبثها بالصرامة والصراحة في وجه العلماء المارقين على تعليمات القصر، والمصرين على الصدح بالحق مهما خالف هوى الحكام.
لقد حاولت مرارا أن أقرأ بعض متون الفروع وأساليب البيان وإبداعات المنطق،
بغرض استحقاق العضوية الكاملة في "رابطة علماء موريتانيا"، فهي تعجبني كثيرا بسبب وفائها للأهداف التي أنشئت من أجلها، كما ورد في بيانها الأخير، بيد أنني فشلت في تجاهل فتاوى علماء موريتانيا من خارج الرابطة، والذين تعجبني فيهم صراحتهم وتمسكهم بالأهداف التي حددها لهم الشرع، فلم أستحق بذلك عضوية الرابطة.
غير أن فشلي في الحصول على العضوية، لم يمنعني من متابعة البيانات التي تصدرها الرابطة من حين لآخر، والتي تقف بالمرصاد لأي "خطر" قد يتعرض له النظام، خاصة من طرف علماء موريتانيا من خارج الرابطة، بوصفها المسؤولة عن تجديد مساحيق التجميل الديني التي تطلى بها وجوه الأنظمة العسكرية كلما شوهها السعي إلى تحجيم دور المساجد والمحاظر.
وكما توقعت، وتوقع الجميع، ها هي "رابطة علماء موريتانيا" ترد على محاضرة ألقاها العلامة الشيخ محمد الحسن الددو في منبر الخميس، عبر فيها عن رفضه إغلاق المحاظر والمعاهد المتخصصة في تحفيظ القرآن الكريم، وأوضح من خلالها أن تدريس كتاب الله لا يحتاج إلى ترخيص، متوعدا من يناصبون القرآن العداء بالزوال "كما زال الكائدون على مر التاريخ".
وبما أنني من المعجبين ب"رابطة علماء موريتانيا"، ومن المتابعين للفتاوى والبيانات التي تصدرها، نظرا لوفائها المعهود للأهداف التي أنشئت من أجلها، كما ورد في بيانها الأخير، فقد فهمت مضامين البيان كما يلي:
ـ ان استمرار عمل المحاظر والمعاهد القرآنية غير المرخصة من طرف السلطات الإدارية والعسكرية، سيؤدي إلى "الفتنة والتفرقة والإخلال بالأمن".
ـ ان "المحافظة على الأنفس والأموال والأعراض"، تتطلب إغلاق المحاظر والمعاهد القرآنية غير المرخصة من طرف السلطات الإدارية والعسكرية، حتى لا يقع البلد في "الفتنة والتفرقة والإخلال بالأمن".
ـ ان الرابطة عندما تربأ بجميع "الشخصيات الإسلامية" أن تكون طرفا في رفض إغلاق المحاظر والمعاهد القرآنية غير المرخصة من طرف السلطات الإدارية والعسكرية، فهي تدعوها إلى الانضمام لـ"رابطة علماء موريتانيا"، حتى تستحق تلك الشخصيات صفة "عالم" بدل لقب "شخصية إسلامية".
وعلى طريقة الإمام العلامة بداه ولد البوصيري: "هذا هو فهمي لبيان الرابطة، ومن كان عنده فهم أفضل منه قبلته، لكن لا يمكنه ذلك".