للإصلاح كلمة تتعلق بتوضيح الخط الإسلامي لحياة المسلم في البرلمان / محمدو بن البار

كلمة الإصلاح هذه المرة لاحظت أن حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي أوضح فيه أن المسلمين سيتبعون في جميع أقوالهم وأفعالهم سنـن اليهود والنصارى في حياتهم السلوكية فقد أتضح جليا تحت قبة البرلمان الموريتاني هذه السنة صحة الحديث  .
وبما أن هذا الحديث صدر عن النبس صلى الله عليه وسلم يلفظ استـنكار

 وتحذير من سلوك مثـل هذه الأقوال والأفعال المشابهة لأقوال وأفعال من غضب الله عليهم وأضلهم في الدنيا والآخرة ، فإن كلمة الإصلاح هذه ستـنـبه المسلمين على نوع هذا السلوك والأفعال التي تصدر كل يوم من المسلمين في مجال السياسة وغيرها من الأمور التي يـشـتغل فيها الأفراد والجماعات لتحقيق مآربهم سواء كان طلب تحقيقها حقا أو باطلا .
فأنا أظن أن على المسلم أن يصطحب معه دائما أن الصراط المستـقيم في حياة المسلم واضح لا  لبس فيه وأن كل مسلم يدع الله في اليوم 17مرة على الأقل للهداية إلى سلوكه .
ومن المعروف أن هذا الطلب يصدر من كل إنسان مسلم في كل 24 ساعة مهما كان منزلة هذا الإنسان من الإتباع في سلوكه أو الانحراف فيه وسواء كان لونه أو فئـته أو شريحته أو حزبه ، إذا كان هذا الشخص يحمل الجنسية الموريتانية فإنـنا ولله الحمد لا علم لنا أن أي شخص واحد موريتاني أعـلن أنه لا دين له أو أنه اعـتـنق دينا آخر غير الإسلام مهما صدر عنه من الألفاظ المنحرفة عن الإسلام ولكن لا يقال لها الكفر البواح إلا بتأويلها من طرف غير من صدرت  منه من غير أن يوافق من صدرت منه على هذا التأويـل .
وعليه فليعلم المسلم أن هذه الحياة المدنية الطارئة بموالاتها ومعارضتها واتجاهاتها الأخرى في مجتمعها المدني وطلبها لحقوقها الإنسانية لا يغـيـر شيئا من متابعة الإسلام لأقوال وأفعال كل نفس بمفردها أو جماعات بتوجهها .
فقوله تعالى (( وما تكون في شأن وما تـتـلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعـزب عن ربك من مثـقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغـر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبـين )) فلم يبق شأن لإنسان إلا سجل عليه .
فمعلوم أن أي شخص يتيـقن أنه سيموت والفرق بين يقين المسلم وغيره من اليهود والنصارى أن المؤمن عليه أن يتـيـقن أنه بعـد ساعة موته مباشرة سوف يظهر له فحوى هذه الآيات أعلاه بمعنى أنه سيجـد أن كتابه المحفوظ عند الملائكة المتابعة له لا يغادر صغيرة ولا كـبيرة إلا أحصاها ، وسوف يجد أن هذه المميزات التي ميـز بها أهل الكتاب في حياتهم من طلب حقوق من موالاة ومعارضة وحملات انتخابية إلى غير ذلك من المسميات التي استوردناها منهم وعملنا بأسلوبها وسلوكها لا تغـير من مسؤولية المسلم شيئا عن أقواله وأفعاله.
فبما أن أهل الكتاب يظنون أنها ذاهبة عـند انتهاء صاحبها ومتبخرة مع الهواء مثـل التنفس وقضاء حاجة الإنسان ، فنحن المسلمين نـتـيـقن أنها كتبت علينا لأنها إما قولا أو فعـلا ونحن نقرأ قوله تعالى (( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عـتيد )) وعملهما مع المرأ هو كتابه ما يقول وما يفعل يقول تعالى (( أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون )) .
وليعلم الجميع كذلك أن هذه الحقيقة ليست وعظا يراد به انعطاف القلوب إلى الحق فقط بل هو وصف كاشف لحقيقة ما ينـتـظر المسلم لتـنبـيهه عليه في الدنيا بأنواع هذه المنبهات التي كثرت في الإعلام بجميع أنواعه .
فمن وجد شخصا يسـيـر نحو هدف غير موجود أمامه وفيه كثير من المطبات التي يجب الاحتراز من ضررها وأخبره بوجودها أمامه أو ذكره بوجودها إذا كان يعلمها مسبقا فلا يعـد واعظا بمعنى الكلمة بـل يعـد مرشدا لمن لا يعلم أو مذكرا لمن بعلم .
ومن هنا أصل إلى أسباب كتابة كلمة الإصلاح هذه ألا وهو انتهاء الدورة البرلمانية في الأيام الماضية وما سكب في أهوائها وعلى أثيرها من أقوال كان يفضل المسلم المستمع أن لا يفرق فيها بين أقوال البرلماني بنوايها وشيوخها لا يفرق بين قول الموالي والمعارض لأنهم جميعا مسلمون .
فالموالي عليه أن لا يسكت على الباطل أو النقص أو أي تبـيـين ينـتـفع منه الشعب والمعارض عليه أن لا يقول الباطل ولا يكتم الحق ولا ينـتـقص إلا من الأشياء الناقصة مبـينا ذلك النقص بالدليل الواضح .
ومن المبكي غير المضحك أنـنا نحن المسلمين الذين اتبعنا سنن من قـبلنا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم مثـل إنشاء البرلمانات وكيفية انتخابهم وكذلك البلديات ووجود الموالاة والمعارضة اتبعناهم في كل تـلك الممهدات وخالفنا فعلهم فيما أمر المولى به عز وجل فهم فعلوه دون نية امتـثال وفعلناه نحن اتباعا لنزغات الشياطين ، فهم يعتبرون الموالاة والمعارضة تبادل أدوار على أرض الوطن وعندها أسلوب خاص كل يحاول بها الوصول إلى دور الحكم وليس معناها عندهم مغالبة وكراهية وشبه حذف كامل من الانـتفاع من خدمة الوطن لأي معارض .
فالحزب الحاكم هنا لا يرى لأي شخص ولو كان فـنيا خبـيرا في موضوع العمل لا يرون له حقا في هذا الانـتفاع بخبرته في خدمة الدولة ، وكذلك المعارضة تعتـبر كل قول أو فعل يذكره الموالى أو يشيد بفعل الحكومة هو افـتراء ونفاق .
فهذه الأخلاق لم نـتـبع فيها سنن من قـبلنا ولم نـتـبع فيها أوامر الإسلام بل اتبعنا فيها نزغات الشياطين الذي يأمر بالفحشاء والمنكر وهنا يقول المولى عز وجل للمسلم (( وإما ينزغـنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم ، إن الذين اتـقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون  )) ، وهذا التبصر بعد زيغ الشيطان لم نلاحظوه في قول أو فعل أي من الموالاة أو المعارضة بل بعضهم أكثر من الشهود على قوله لما لا ينبغي للكريم قوله  .
ومن المبكي غير المضحك  كذلك أن نظامنا من أصله اتبع سنن من قبـلنا في تشريع جميع ما يطلق عليه الديمقراطية إلا أنه قدمها غلافا لا يوجد شيئا داخله أو عنوانا لا يستهدي به على شيء .
فمساءلة الوزير أمام البرلمان لا تدل على أي شيء لا على الاعـتراف بالملاحظات ولا على إصلاح ما لوحظ منها إذا وقع فهو قول يكتب على الجميع طبعا في سجله الأخروي لكن لا ينـتـفع به إلا الهوى إذا كان القول من نوع غذائه .
وكذلك فإن الوزير الأول يـتـقدم ببرنامجه للملاحظة عليه أو تسليمه ولكن لا لإصلاح الملاحظة فهو بالنسبة للجميع كلام روتيني أو (ديكور للديمقراطية) المجوفة في العالم الثالث مثـل المادة السادسة من الدستور الموريتاني التي تجعل اللغة العربية هي اللغة الرسمية الوحيدة في الدولة ( فيا بعـد هذه المادة من مضمونها في موريتانيا ) فاليهود والنصارى وهما قـبلنا كما في الحديث يقومون بالديمقراطية كنظام معمول بمضمونه مثـل حقوق الإنسان في بلدانهم ولكن العالم الثالث الديمقراطية وحقوق الإنسان صورة فتـغرافية فقط لا تعبر عن الصورة المتحركة للموضوعين ، إلا أنه كان على الإنسان المسلم أن ينـتهز فرصة طلب المجتمعات المتحضرة لوجود هذين النظامين في العلاقة بين الحاكم والمحكوم في الشعب المسلم وتظهر بتـطبـيقهما في شعب مسلم أروع نظام صادر من وحي من السماء سواء يتـلى أو وحي صادر عن الرسول صلى الله عليه وسلم إن هو إلا وحي يوحى وكذلك فعل الخلفاء الراشدين الأوائل للرسول صلى الله عليه وسلم حيث طلب الخليفة الأول المنتخب من الحاضرين أن يعينوه إذا أصاب وأن يقوموه إذا أخطأ فردوا عليه ردا ايجابـيا بالسمع والطاعة قائلين أنه إذا أخطأ سيقومونه بسيوفهم فحمد هو الله على وجود هذا النوع من الشعب بإعانـته وتـقويمه .
أما مسلمي اليوم فظنوا أن احداث المجتمعات لهذه الأنظمة الجديدة ناسخ لتعليمات الإسلام الخالدة التي لا يفصل المسلم عن رؤية صدقها إلا خروج روحه من جسده في الدنيا وذلك نـشاهد سرعته يوميا .
فإذا عـدنا إلى تقويم هذه الدورة البرلمانية الموريتانية المنـتهية لتوها لنبحث فيها عن السلوك الإسلامي المطلوب بين المسلمين فلاشك أن المتـكلم باسم الدورة سيقول لنا من فضلكم أعفونا من تـلك المقارنة لأن موالاتـنا ومعارضتـنا شـبت على شيء وها هي تشيب عليه ولا حول ولا قوة إلا بالله  .
فالقاعدة العامة أن شرط صحة النهايات تصحيح البدايات ومن المعلوم كـذلك أن بدايات انضمام الموالاة للحكم هو استعدادهم للموالاة بغير قـيد ولا شرط وأن بداية المعارضة  هو عدم رضاهم عن ذات الحكم أولا وليس عمله  لاحقا ويطبقون جميعا ( الحر فيما مشى) .
فالموالاة موالية قـبل وبعد قول وفعل الحاكم والمعارضة أيضا نفس الشيء وبما أن أي مسلم لا يمكنه أن يقول أنه اشـتـبه عليه أقوال أي موال أو معارض لأن كل واحد منهما يعمل على شاكلته ، فإنه سيلاحظ في هذه الدورة أن الأنثى أعطي لها في البرلمان حظا الذكرين فإن لم يكن في الدورة فهو قطعا في الكلام ورفع الصوت ولا يعني ذلك ملاحظة رفع الصوت للمرأة لأن ذلك مبحث إسلامي آخر مع أن رفع الصوت مذموم في الإسلام ونحن قـلنا مسبقا أن مراعاة السلوك الإسلامي لم يكن هو نصب عيون البرلمانيـين ولكن نساء البرلمانيات اتخذن سلوكا في رفع أصواتهن موالاة ومعارضة ضعف أصوات الرجال مصحوبا بشدة تأكيدهن على موالاتهن ومعارضتهن مع أنه من المؤسف أن المواليات منهن أكدن برنامجا لا تعرفن عنه شيئا مثل وجود الأمن وخبر الأسعار ..الخ والمعارضات منهن أضاعت كلامها في نـقد شيء سوف لا يفعل منه شيئا وهنا ضاعت الأمانة عند المسلم والمسلمة أيا كانوا والله يقول (( اتقولون ما ليس لكم به علم ومن والله يعلم وأنـتم لا تعلمون )) .
أما المتكلمون في حقوق الإنسان وغيره من التظلمات والمنفون بوجود كل ذلك فهم جميعا يسيرون في نفس الطريق المعوج عن أوامر الله في الموضوع كما قال تعالى (( يأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم )) إلى آخر الآية  فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فـتـنة أو يصيبهم عذاب أليم .   
وملخص كلمة الإصلاح هذه هو ما يلي :
أولا : نحن اتبعنا مع الأسف سنن من قبـلنا ولكن في السلبيات ولم نتبعهم في الايجابيات .
ثانيا : ظهر أن جميع أعمال البرلمان تدور حول نفسها مشاريع قوانين مصادق عليها من طرف الحكومة ومصادق عليها من طرف البرلمان  بدون تغيـير فلم يختلف قيد شبر عن أيام برلمان اللجنة العسكرية يصادق أعضاءها  في الحكومة على مشاريع القوانين وتـقدم لنفس الأعضاء في اللجنة العسكرية .
ثالثا : ظهر أن الموالاة تعنى نعم على كل شيء والمعارضة تقول لا لكل شيء ومن المعلوم أن الطرفين لم يأخذوا هذا الموقف من السلوك الإسلامي .
ونـتعرض هنا لمثال بسيط فالموالاة قالت للوزير الأول نعم في استـتباب الأمن ولم تسأل الوزير الأول بماذا أمنتم انواكشوط من اللصوص ليلا ونهارا ؟ فالجواب في الواقع غير موجود .
أما المعارضة فيقال لها أما حدث كثيرا  من حرية الإعلام وكثرة البنى التحتية من تعليم وبناء طرق وثقافة إسلامية واسعة:  من فعل هذا كله ؟
ويقال لكل من الموالاة والمعارضة لماذا لم يذكر أي أحد منكم قضية عدم خفض سعر البنزين ؟ ولماذا لا يجعل للفقراء سيارات أجرة تسمى ( أمل ) مثل المواد الغذائية  لأن للفقراء  لم يعودوا يستطيعوا التواصل فيما بينهم لغلاء الأجرة .
ولماذا غلاء سعر السمك ونحن نصدره لغيرنا حتى أوربا وشعبنا لا يرى منه ما يسد رمقه
هذا كله أنساه الشيطان لكل من الموالاة والمعارضة والحكومة واتخذ سبيله في البحر عـجبا   .                        

14. يناير 2016 - 14:44

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا