إذا أردنا الحديث عن الأمن في موريتانيا والحد من الجريمة؛ فلا بد إذن من التكلم عن دور القبيلة في عدم تحقيق ذلك!
وإذا قلنا إن تحقيق الأمن ممكن ويتم العمل عليه؛ فلا بد من الإشارة إلى أن ذلك لا يمكن دون القضاء على الحمية العمياء للقبيلة. فإذا لم يكن الأمر مدرج في حسابات القائمين على تحقيق
الأمن والحد من الجريمة، فهم إذن يخادعون الناس ويخدعون أنفسهم. والعقل زينة الرجال.
بالأمس طل علينا وزير الداخلية - بعيد جريمة قتل حصلت في سوق العاصمة – يقول إن ذلك أمر عادي يحصل في كل العالم، وسيحصل. هذا كلام يفترض فيه طمأنة الشعب!
ثم لحقه الوزير الناطق باسم الحكومة يقول إن هروب المجرمين من السجون أمر عادي ويحصل في كل العالم. وهذا كلام آخر يفترض فيه طمأنة الشعب!
البعض يقول إن تردي الأمن مرتبط بتحسين ظروف العيش من بين أمور أخرى..
وحصل مرة أن رئيس الجمهورية - وهو رئيس الوزيران الآنفي الذكر – قال في لقاء مع الشعب من الحوض الشرقي إن الأسعار مرتفعة.. وسترتفع. وهذا كلام يفترض فيه طمأنة الشعب!
والرئيس أكرمه الله رجل متسامح، ولا أدل على ذلك من إطلاقه سراح بعض المجرمين من السجون في مناسبات عدة. وهذا إجراء يفترض فيه طمأنة الشعب!
لكن في الجانب الآخر:
أليست القبيلة في موريتانيا هي أكبر المساهمين في تشجيع انتشار الجريمة في البلاد! فهي حامية لصوصها والشفيع لهم لدى الحكومة، والحكومة لا تكون دون رضى الشعب، والشعب هو مجموعة القبائل تلك؛ إلا من رحم ربكم.
ألا تجتمع القبيلة لفرض إطلاق سراح مجرم من أبناءها اعتقل متلبسا بتجارة السلاح، مثلا؛ وآخر متلبسا بتجارة المخدرات، مثلا؛ وآخر بجريمة اغتصابٍ أو قتلٍ أو سرقةٍ أو اختلاسِ مالِ العامةِ، مثلا؛ وآخر باعتداء مزاجي في موقف خلافٍ اجتماعيٍ استعراضيٍ، مثلا؛ وآخر اعتقل متلبسا بجريمة إشهار السلاح وتهديد الناس وتحدي الدولة بكل مكوناتها، مثلا؛ والأدهى من كل تلك الكوارث تحدي المسلمين في كل المعمورة وسب الأكرم والأحسن والأفضل والأشفع والأحب عليه الصلاة والسلام، مثلا.
كل تلك الجرائم وغيرها والقضاء يشدو ويكدس القضايا، وقليل الأحكام يصدر، وإن صدر، لا يناسب فداحة الجرم، وإن ناسبها، لا يطبق، وبالتالي لا رادع للجريمة. ويفترض في القضاء طمأنة الشعب!
في الحقيقة إذا تأملنا في كل ذلك نجد أن ما يحصل هو مبعث طمأنينة المجرمين "لا غير" كما هو مكتوب في الصك البنكي.
الآن ودون تفصيل، والصورة هذه، أيبدو لكم أفق لتحقيق الأمن بوجود حمية القبيلة العمياء، وكيف للحكومة أن تطمأن الناس وهي ذليلة بفعل القبيلة؟
ومن رحمهم الله يقفون بلا حيلة ولا وسيلة، تتربصهم الغيلة، سلام الله علينا جميعا وإلى لقاء.