إخوتي الكرام، مشكلتنا اليوم هي ضعف فهم ديننا الإسلامي العظيم، وقلة ارتباطنا بمنهج حياته الكريمة الذي بين لنا ربنا.. أصبح لكل طائفة منا فهمها الخاص الذي ابتدعت معظمه، ترد من أجل سواد عيونه أصول الدين الثابتة، فمن أهلها من رجا عظاما نخرة رقدت بعد طول مكابدة في أضرحة مقببة مزينة،
اعتقدوا في أصحابها نفعا وضرا والعياذ بالله.. ومنهم من عبد أئمة أضفى عليهم من صفات الألوهية ما يستحيل في أمثالهم من العباد المساكين، ومنهم من وضع القبعة الغربية على رأسه – لا أم له -، وحمل السيجار بيده، وستر عورة زوجته وبناته بالمايوه، واغتر بثقافة الغرب المشركين، وتولاهم أكثر من توليه الصحابة والمسلمين. فشكك بعقليته المغشوشة المستجلبة من جبال الألب في العقلية الإسلامية التي لا يشكك فيها إلا جاهل ضعيف العقل والإيمان، فخرج مُصحِّحا ومُخَطِّئا، وساخرا أحيانا من آية كريمة، أو من حديث نبوي شريف، أو من صحابي جليل لا مقارنة لآبائه كلهم به، أو من عالم شهدت له الأمة بالعلم والفضل.. أعماه - أو أعماها - الشيطان عن الحق واعتلى ظهره، وركض به في مفاوز الضلال وظلماته كالدابة العمياء مروجا للفكر العلماني الخبيث الذي لا يستسيغه إلا عديم الذوق والإحساس ، فأسماهم البعض مثقفين ومفكرين وتنويريين، وهم أجهل الناس بدين آبائهم العظيم !
واليوم، يتعرض أهل التوحيد في المملكة لشراسة الروافض الذين لا يزال البعض منا نحن يأخذهم بالأحضان، ويتسكع على موائدهم باسم النفاق والسياسة غير متق لشرورهم..
اليوم ليس أمام أهل التوحيد إلا أن يؤملوا خيرا في المملكة العربية السعودية، وفي ملكها الهمام الذي عرف كيف يوقف المد الشيعي الجارف الذي كان يتهدد بلاده من جهة اليمن العزيز، المملكة تلك الدولة الوحيدة – تقريبا - التي لا يزال شرع الله يدب بين جبالها المباركة رافعا رأسه بإعتزاز لا تضيق عليه بدعة ولا ضلالة، ولا تنافسه ديمقراطية ولا دكتاتورية، ولا تؤثر عليه حرية أو فرية حقوق يقدر أصحابها الباردون الحيوان أكثر من الإنسان.. ذلك التوحيد المبارك الذي تطبق في كنفه الشريعة الإسلامية السمحة مضفية كل الخير والبركة على مجتمع المسلمين، ومن عرف معاناتنا نحن مع الإغتصابات، والحرابة الشبه يومية، وغيرها من الجرائم يعرف معنى تطبيق شرع الله..
لكن، على المملكة – وعلينا - الحذر من هذه الجماعات المتحزبة المتقوقعة على نفسها المبغضة لغيرها من المسلمين وأولهم الحكام، المتآخية على الباطل والضلال، فما رأى العقلاء أضر منها على الإسلام والمسلمين اليوم، احذروا تلك الجماعة المتآخية على التحزب وبغض الصالحين، المتخصصة في خداع العلماء من خلال التلمق والنفاق لهم، المتغلغلة باسم الإسلام وحب الخير في كل القطاعات مثل الحرباء، المستغلة لهذه الديمقراطية الدخيلة أسوأ استغلال، المشوهة لنظرة عوام المسلمين المطيعين إلى حكامهم وأصول دينهم الناهية عن المنكرات، والتي لا هدف لها إلا الحكم بحجة رفع راية الإسلام..
لقد سمعنا من بعض دعاة المملكة الذين رضعوا التوحيد مدحا لهذه الجماعة ولسياستها السخيفة، بل رأينا منهم من دلت الدلائل على أنه تآخى مع الشياطين..
إن هذه الجماعة السياسية الديمقراطية قد نجحت باسم الدين – وهي على ضلال - في فعل ما عجزت عنه أشهر طوائف البدع في المملكة الحصينة، فما رأينا وجودا لسالكي طرق الشيطان الأخرى بقدر حضورها وتغلغلها في قصور العلماء والأمراء، لقد وقف التوحيد الخالص كسد منيع في وجه من هو أضل من هذه الجماعة الديمقراطية، فكيف نجحت هي في ما فشل فيه الآخرون جميعا على مدى عقود من الدس والكيد ؟ إنه النفاق والدهاء والتنكر في أزياء الموحدين. إنه ادعائها المزعوم نصرة الإسلام، وتشدقها الكاذب بتطبيق شرع الله إن هي حكمت، وقد سمعنا قول حاكمها الذي حكم مصر في غفلة من الزمان، عندما سُئل عن تطبيق شرع الله فقال بلغة الديمقراطيين: "شرع الله أولريدي مطبق"، أي مطبق أصلا في ظل هذه الديمقراطية، ولا يحتاج إلى تطبيق ! ولما سُئل عن الحدود كقطع اليد وغيرها، أجاب نافيا: "لا، لا.. هذا ليس من الشريعة" (والفيديو موجود على اليوتوب)..
هذا هو شرع هذه الجماعة الديمقراطي الذي تدعو إليه في كل بلدان المسلمين، شرع الديمقراطية والحريات والفجور ! حتى اتخذها أهل الحريات والإلحاد والعلمانية البارونية وسيلة في تبغيض المسلمين في حضور الدين في السياسة، رغم أن الدين هو أساس حياة المسلم كلها بما في ذلك سياسته المستقيمة، فحكموها بذلك في رقبته، وسمحوا لها بأن تفجر أمامه..
لابد لنا من عزة ومنعة فنحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فعلينا إعادة الإسلام إلى ما كان عليه، وغزو أوروبا وأمريكا بما يحبون ويشتهون، فهم قوم يشتهون المطالعة، ولا يكاد يخلوا العاقل منهم من كتاب ، فلِمَ لا يقرؤون حقيقة إسلامنا الخالص من مصادره الأساسية (بلاد التوحيد) بدل ترك تلك المهمة لقنواتهم التي تفتري على ديننا وتظهره بمظهر الشاذ المتخلف الهمجي ! لم لا نغزوهم بجيش من القنوات الفضائية المتحدثة بلغاتهم تكفي وحدها بعون الله في إدخال نصفهم – دون مبالغة - في الإسلام ؟ إن ديننا قوي الحجة والبرهان، ولن تقف في وجهه ترهات هؤلاء الضالين مهما بلغوا من الذكاء.. إن قرآننا المعجز قوة فكرية ضاربة لا يثبت أمامها أي باطل، فلم انعدمت ثقتنا فيه، بل لم انعدمت ثقتنا في أنفسنا أصلا ؟ هل سبب ذلك شؤم هذه البدع المتفشية فينا ؟ أعتقد أن الجواب: نعم..
إن المملكة بوصفها بلد التوحيد والفهم والتحري والتمسك بآثار الصحابة ومن تبعهم بإحسان، قادرة على تحقيق الكثير من الفتوحات بواسطة سلاح المال، إن 1000 قناة إسلامية قوية بلغة كل أهل البدع تقصف باطلهم في عقر دورهم، مبثوثة على أقمارهم بواسطة كبريات شركاتهم التي لا تبحث إلا عن مقابل.. تصوروا جيشا من المترجمين الفاهمين لدينهم الملتزمين بمنهج أهل السنة والجماعة النير الخالي من سقطات أهل البدع الفاضحة، الموجهين من طرف كبار العلماء الأتقياء، ينقلون أفكار الإسلام الصافية المضيئة إلى ظلمات أوربا وأمريكا وآسيا وإفريقيا بل والعالم الإسلامي معها، ويبثون دفء الإسلام والتوحيد في البيوت الباردة، وذلك من أعظم الجهاد والفتح، ولا حاجة فيه إلى إراقة قطرة دم واحدة ؟ لكفيل بنصرة هذا الدين، والنجاة من الماكرين المتربصين، أو على الأقل الحد من إشعاع أذيتهم..
عجبا لنا، إلى متى يترك حكامنا عبئ الدعوة على كاهل الأفراد المساكين الذين لا تقارن طاقتهم - مهما بلغت - بطاقة الدول الكبرى ؟ أليس فتح 100 أو 200 قناة ناشرة لدين الله مدافعة عنه بالبرهان والحجة أهم من إنشاء ألف طريق معبد ومستشفى ؟ والسؤال ليس موجه للعلمانيين..
لقد نجح فرد واحد هو الشيخ أحمد ديدات رحمه الله في هز أركان كنائس العالم، وأسلم على يده كبار علماء القوم لأنه خاطبهم بالتوحيد وبلغتهم، وعرفهم الحق من الضلال، فما بالك بغزو تتعاون فيه الدول العربية كلها بأموالها وعلمائها وشبابها، هو وسيلتها الباقية إلى العزة والهيبة ؟..
تخيلوا دراسة لمشروع الألف قناة المجاهدة في سبيل الله بالكلمة الحكيمة والموعظة الحسنة، إني أتخيل نتائج تخصيص مليارات الدولارات لها المشروع العظيم على الإسلام والمسلمين، وكل من على ظهر هذه المعمورة؟ إن قنوات معدودة ناطقة بالفارسية والتوحيد كوصال وصفا ونور (وقناة كلمة قريبا) لكفيلة بهز إيوان الثورة المزعومة في إيران وإرجاع الناس إلى الحق، فما بالك بمائة أو مائتين ؟!
تخيلوا وجود أكثر من قناة متخصصة في كل مجال من مجالات البدع تهدم ضلالها ليل نهار فوق رؤوس أهله الغافلين، وتنتشلهم من ركام الفكر العفن المغشوش إلى صفاء التوحيد والإسلام، وأخرى تشهر في وجوه كفار الغرب الظالم السارق سيف الثقافة الإسلامية الصحيحة الذي لا يمزق إلا الباطل، والذي من أهم خصائصه الإحياء بدل الإماتة..
من المؤسف أن البدع اليوم تطغى على معظم بلداننا حتى صارت الشخصية الإسلامية ضعيفة واهية قابلة للذوبان في كل ثقافة شيطانية دخيلة، ولولا أن دين الله لا يمحى حتى قيام الساعة، وأن الله عز وجل أبقى المملكة وحفظها لما عاد للتوحيد وتطبيق الحدود ذكر إلا في كتب السلف المطمورة..
من المؤسف أن نرى وزير ثقافة بلد عربي كبير، يرشح شخصا متهما بإزدراء الإسلام (كإسلام البحيري) لجائزة من جوائز المملكة تعطى لكل من خدم الإسلام ! ألا يستحق هذه الجائزة – على سبيل المثال لا الحصر - الدكتور محمود الرضواني المصري المجاهد بلسانه وقلمه وقناته (البصيرة)، أو الشيخ رسلان، وغيرهما من تلك البقية الباقية المستقيمة على الصراط المتناثرة في بلدان المسلمين، ولعلها الطائفة الظاهرة التي تخالف كل أهل البدع وتتمسك بمذهب أهل السنة والجماعة المبني على طاعة الله ونبيه صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح وحكام المسلمين..
حتى أنا، أفكر أحيانا في بناء موقع يقوم عليه فرد أو فردين أو أكثر بقليل أو أقل، يقدم ملخصا شاملا لسائر فصول هذا الدين، لا يمكنه أن يرى النور متكاملا في غضون عام أو اثنين، فإلى متى؟ إلى متى تضع دولنا العزيزة عبء الدفاع عن الإسلام على عواتق الأفراد كأن ذلك لا يعنيها في شيء أو كأنه تجاوز وأمر محظور أن يدعى الناس إلى ربهم ؟ وأغنى واحد من الأفراد ضعيف مقارنة بدولة لها إمكانياتها.. إلى متى نتلقى كيد الكائدين ودسائسهم وبث ثقافاتهم التافهة في مجتمعاتنا بصدور عارية، لا نرد ولا نحرك ساكنا ؟
إن إيران على سبيل المثال تعمل – رغم ضعف المنطق – على تحويل بلاد الحرمين، بلاد التوحيد إلى دولة شيعية ! في حين أن المملكة بمائة قناة موحدة تتحدث باللغة الفارسية وبأحدث التقنيات، قد تكون تكلفتها تكلفة طائرة واحدة من طائرات أف 16، باستطاعتها إعادة أكثرهم إلى راية عمر بن الخطاب التي حجبها الطواغيت عنهم..
فليتحرك حكامنا بارك الله فيهم وخذل أعدائهم من خوارج التفجيرات والمظاهرات والسياسات، تحركا إعلاميا على الأقل من أجل نصرة دينهم الذي خلقهم الله تعالى وخلقنا من أجله وحده، لم يخلقنا من أجل بياض رؤوسنا في التحزب السياسي والمهرجانات الحزبية، ولا للرقص والغناء طول أعمارنا، ولا لوضع القبعات الأوربية ومناقشة أخبار الليغا في المقاهي التونسية، ولا للأكل والشراب والتمتع بالشهوات مثل البهائم، قال الله تعالى "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ"، ومن البديهي أن من عبد الله حق عبادته تمسك بدينه حق التمسك ونصره، فما أحوجنا إلى مثل هذه العبادة في هذا الزمان..