أخيرا - وكما كان يتوقعه أي عاقل - رفعت العقوبات عن إيران وفتحت أمامها كل الأبواب لتمارس ألاعيبها في المنطقة .
إيران لا تخفي نياتها مطلقا، بل تتبجح بها أمام الجميع ودون رتوش .. فهذا علي أكبر ولايتي مستشار خامنئي يقول بالحرف : "إن تدخلنا في الدول العربية هو من أجل حماية عرقنا
القومي، وإذا لم نحارب العدو في سوريا والعراق فعلينا أن نقبله على أطراف حدودنا ".. {العدو}بالنسبة لولايتى هم العرب و{العرق القومي}- الفارسي- يجب أن يحمى .. عقلية عنصرية عفنة محفورة في الذهنية الإيرانية منذ ثلاثة آلاف سنة فشل الإيرانيون في تخطيها .
هل يحتمل ماقاله ولايتى تأويلا غير إعلان الحرب على البلدان العربية ومحاولة فرض الهيمنة الإيرانية عليها-أمرا واقعا- تدعمه القوى الكبرى، التي كان البعض - سذاجة -يعتبرها عدوة لإيران وعلى رأسها " الشيطان الأكبر " آمريكا وربيتها إسرائيل ؟!.
لقد عملت الولايات المتحدة وإيران - وقرون بين ذلك كثير - سنوات عديدة لخلط الأوراق في المنطقة وتهيئة مناخ قابل لتحقيق أهدافهما المشتركة، فغض الأمريكيون الطرف عن الأخطبوط الإيراني الذي يضرب أذرعه في المنطقة ليتمدد ويهيئ الأرضية من خلال منهجية " الضخ الكمي " لعناصر الحرس الإيراني وإنشاء ميليشيات لا تأتمر إلا بأمر قادته، مثل حزب الله في لبنان، والميليشيات العراقية، والحوثيين في اليمن .
هذا هو التكتيك الذي اتبعه الحلف الأمريكي الصهيوني الإيراني و " مشتقاته " لجعل المنطقة تعيش على صفيح ساخن يذيب كل وسائل الاستقرار، ويحول المنطقة إلى جحيم يأكل بعضه بعضا، فظهرت حركات التطرف التي أكدت الأحداث أنها جزء من الأذرع الإيرانية " المسموح " لها بفعل ما تريده من طرف القوى الكبرى.
السياسات الأنانية للقوى الإستعمارية وعبرمخططها لتفتيت المنطقة افتعلت أزمات فشلت في إدارتها فاتبعت سياسة الهروب إلى الأمام مستندة على إيران -الشريكها فى مخطط تقاسم المصالح- والتى يراد لها أن تكون شرطي النظام الاستعماري الجديد فى منطقة.
فى إطارمخطط تقاسم المصالح ذاك سلمت الولايات المتحدة العراق ولبنان لإيران"العدو الحميم" تعبث بهما، وحاولت أن تسلمها اليمن ليكتمل حصار الجزيرة العربية ويصبح الاحتلال الإيراني أمرا واقعا..لكن لعبة احتلال اليمن أفشلها تدخل التحالف العربي المفاجئ الذي قادته السعودية دون استشارة من كانت تعتبرهم حلفاءها واتضح لها ولغيرها أنهم يهيؤون خنجرا مسموما لطعنها في الظهر من خلال محاصرتها من الجنوب بالحرس الإيراني المندس تحت عباءة الحوثيين.
أما سوريا فإن الإدارة الآمريكية قد سلمتها مناصفة بين إيران و روسيا التي تبحث عن موطئ قدم على الشواطئ السورية حيث يرابط أسطولها البحري بقطعه وآلياته المختلفة.
الولايات المتحدة تهيئ لتغيير تحالفاتها في المنطقة بجعل إيران لاعبا رئيسيا يعتمد عليه يضاف إلى إسرائيل ومهدت لذلك بإجراءات عملية منها :
1- غزو العراق سنة 2003 وحل الجيش العراقي الذي كان يعتبرالقوة الضاربة في وجه الأطماع الفارسية والصهيونية وهذه هي الأدوات الأمريكية المهيأة لتنفيذ المشروع العسكري لتقسيم المنطقة وإعادة صياغتها من جديد في كانتونات منعزلة عن بعضها هزيلة ومتناحرة مما يمكن من السيطرة على المنطقة ونهب ثرواتها .
2- السماح لإيران بأن تكون دولة نووية، ورفع كل العقوبات عنها لتتمكن من بناء قوة اقتصادية وعسكرية تؤهلها للعب الدور الموكل إليها .
3- تشجيع الحرب الأهلية في سوريا لتهيئتها للتقسيم إلى دويلات هزيلة على أساس عرقي وطائفي، تكون إحداها خالصة لإيران وحزب الله اللبناني .
4- تسليم العراق للقوى الصفوية الموالية لإيران وجعله تحت رحمة الميليشيات الطائفية تستبيح من مناطقه ومدنه ما شاءت، ليكون التقسيم هو الحل المنطقي القابل للتنفيذ .
أضف إلى هذه الإجراآت إطلاق يد إيران في ممارسة الإرهاب في دول الخليج العربي عبر خلاياها المنتشرة في المنطقة كالسرطان، ثم التدخل السافر في الشؤون الداخلية للبلدان العربية من خلال " تسويق الأوهام " كتحرير فلسطين، ومساندة المظلومين .. إلى غير ذلك من الشعارات التي أثبت زيفها الواقع المعيش .
إن الإرهاب الذي تمارسه إيران في الجزيرة العربية- بمباركة أمريكية- يهدف إلى رفع منسوب المياه السياسية العكرة وخلق مستنقعات طائفية آسنة صالحة لإيواء الأفعوان الإيراني النائم في انتظار ساعة الحسم..حيث تكون المنطقة كلها ولاية إيرانية بمظلة آمريكية.
الأمريكيون الذين يعانون أزمة قيم أخلاقية هائلة، قادتهم إلى ممارسة النفاق الأخلاقي بكل تجلياته لايجدون غضاضة طبعا فى التخلى عن حلفائهم وإبدالهم بحليف عرف بالآنتهازية مثل إيران المستعدة لأي شيء فى سبيل تحقيق أطماعها التوسعية التاريخية فى الجزيرة العربية وما حولها.
هذا هو ما يجري بدون رتوش، ولم يعد هناك مجال لإخفائه، حتى ولو قالت آمريكا " إن أمن حلفائنا خط أحمر" فمن هم حلفاؤها؟؟..فالميدان فضح المستور، والنيات ظهرت على حقيقتها ساطعة، فلم يبق أمام الدول العربية إلا التمرد على روتين الزمن الدبلوماسي والعمل على بناء القدرة الذاتية سياسيا واقتصاديا وعسكريا وأمنيا من خلال إجراآت عملية مضادة منها :
1- مساندة ودعم القوى المناوئة للحلف الإيراني الآمريكي فى العراق وسوريا ومدها بما يتطلبه كفاحها المشروع ضد الصفوية العنصرية الطائفية.
2- معاملة إيران بالمثل ودعم الحركات المتمردة فى عربستان وغيرها لتكتوي الأصابع الإيرانية بالنار التى أوقدت أوارها- نار التدخل فى الشؤون الداخلية للغير.
3- تنويع مصادرنا فى التسلح بدخول أسواق جديدة مثل الصين وآمريكا اللاتينية وأوروبا؛ وتفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك وتحويلها إلى حقيقة عملية فعالة غير قابلة للاختراق وتكثيف التعاون العسكري والأمني وتشجيع البحث العلمي فى كل مجالاته .
4- إقامة مشاريع عربية مشتركة عملاقة لجميع أنواع الصناعات المدنية والعسكرية معتمدين على أنفسنا باستغلال ثرواتنا المالية والكم الهائل من الأدمغة العربية العلمية المعطلة المنتشرة في الوطن العربي والعالم .
5- تفعيل السوق العربية المشتركة وتشجيع التبادل التجاري بين البلدان العربية وخلق مناخ اقتصادي يمهد الطريق أمام التكامل الاقتصادي.
هكذا نقطع الطريق على الحلف الاستعماري الأمريكي الصهيوني الإيراني الصفوي، ونفرض أجندتنا نحن في منهجيتنا للتعامل مع الآخرين، حتى لا يفرض علينا أن نظل عالة على الآخرين و جزءا من مشروعاتهم القذرة .