فوبيا الإملاق وعقدة الإنفاق / د.محمد ولد الخديم ولد جمال

شيخي الشريف علي الرضا: مهما تطاولوا لن يطالوا مقامك الكريم، مهما انبرت مخالبهم لن يخدشوا عرضك الوافر، لن يتجاوزا في همهماتهم وصراخاتهم مجرد نقيق ضفدع كبَّلتها أوحال المستنقعات أو نُعاب بوم تائه في دهموات الفيافي يلعن حظه العاثر البائس .


لستم – شيخي – في ذات الوادي ولا ذات الصعيد: فهؤلاء غرتهم دنياهم ونظَّروا وقعَّدوا لها فلا يفقهون إلا فُتات علوم أربكتها الارتيابات وشوشت مداركَها اضطراباتُ التجريب، واعتمد التحليلُ فيها على التوقعات والقواعد على الفرضيات، يؤمنون مطلقا بفرضية آنية لا ترقى حتى لمستوى النظريات، مبتورة برجحان الشك، موتورة بنسبية اليقين واختلال نتائج البرهان .

آمنوا بترشيد الموارد وتقليص النفقات وامتصاص الآخر ووصد الأبواب في وجه المحتاج وذي الفاقة.. أما أنتم حفظكم الله فقد آمنتم بمسلَّمة "الحبّة والسنابل" .

آمنوا أن تنمية جشع "الأنا" وإلغاء الآخر سبيلان لتحقيق الرفاهية الذاتية.. أما أنتم فآمنتم أن إيثار الآخر وتفريج همومه واحتضانه مفتاحُ السعادة في الحياة الخالدة .

يؤمنون بالدورة الاقتصادية العرجاء المستنفدةَ صيرورة حالا ومآلا.. أما أنتم فتعلمون يقينا أن ثمة دورة اقتصادية أخرى أجدى وأبقى، يستفيد منها البائع والوسيط والمشتري، بل وأكثر من ذلك تستفيد منها حشود المساكين المدفوعة من أبوابهم لا يأبهون لها، احتضنتها – شيخنا – بذات إيقاع الحنان ونفس زخم الرحمة والاحترام منذ استقبالكم لها، "تشنفرت" ضعافُ معاشر القوم لكن وجهتها لم تكن البراري والوحوش الكاسرات، وما ركبوا في ذلك سبيلَ مهالك، بل ارتحلوا إلى بيوتات الشيخ وعشيرته ولسان حالهم:
أقيموا بني أمي صدور مطيكم ** فإني إلى قوم سواكم لأميل

وختاما فأتمنى من هؤلاء المثقفين أن يجربوا سعي هذا الشيخ لساعة زمن واحدة، يفتحوا خلالها بيوتهم ضيَّافةٌ وقضاءَ حوائج وعلاجَ مرضى، وعندها سينصفوا الرجلَ ويعطوه قدره؛ وليحسبْ لنا فقهاء الاقتصاد والرياضيات نسبة هذه الساعة في رحلة بحر ثلاثة عقود من الزمن آوى الشيخ فيها الجميع وضيَّف الجميع وعالج الجميع، فجزاه الله عنا كل الخير وكلأه بحفظه وحرسه بعينه .

23. يناير 2016 - 12:25

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا