تُعَانِي المرافق الإدارية العمومية و المراكز السياسية الحزبية ببلادنا منذ سنوات إن لم تكن عقودأ من شيئ من الفُتُورِ و الخمول و الاسٍتِرْخَاءِ و "فَقْرِ الحَيَوِيًةِ" و "أَنِيمْيَا المبادرة" بفعل انتشار "المَرَضِ الدِبْلُومَاسِي".
و المرض الدبلوماسي La maladie diplomaiqueمصطلح فرنسي يُفِيدُ أصلا التًحَجُجَ "بالمُسْتَجَدًاتٍ الحَمِيدَةٍ"
من أجل الاعتذار الًلبِقِ عن حضور اجتماع أو نشاط مَا وقد تَمَدًدَ المصطلح لاحقا ليشمل أيضا استغلال "الطوارئ الخَفِيفَةِ" للتهرب من أداء الواجبات المهنية أو التغيب عنها..."
و المتابع للمشهد الإداري العمومي ببلادنا مُلاحظٌ استفحال "المرض الدبلوماسي" من خلال استغلال المسؤولين الأول لأبسط الأسباب من أجل التغيب الطويل عن مواطن عملهم.
و من تلك الأسباب مثلا لا حصرا الإرهاقُ جراء السمر الطويل في لعب الورق "الحَمِيدِ" أو "الخَبِيثِ" و الانشغال بالحمي الخفيفة التي تُصيب الأطفال الرُضًعِ ومتابعة امتحان الثلث الأول من المستوي الابتدائي للأطفال و تسيير المزاج الصباحي "الآَسِنِ" للزوجات و السفر البعيد لتعزية الجيران و المعارف الجُنُبِ و المشاركة في مأموريات إلي الخارج بهدف السياحة و الهروب من المكاتب لا غير ،...!!
كما تتجلي تبعات المرض الدبلوماسي في الوسط الإداري من خلال استغلال كبار المسؤولين للطوارئ الخفيفة كالاجتماع الطارئ خارج المكتب و الأولوية المستديمة لملفات كَيْدِيًةٍ و "سرية" "شديدة الاستعجال و قابلية الاشتعال" و ضياعُ أحد عناصر الملف و انتظار الرأي الفني،... كل ذلك من أجل التسويف و التهرب من تحمل المسؤولية و اتخاذ القرارات الإدارية مخافة أن لا تصادف تلك القرارات أهواء "مُلاكَ القَرَارِ الأَخِيرِ".
و في مجال التهرب من اتخاذ القرارات و تحمل المسؤوليات يُحْكَي أن أحد قدامي الإداريين الظرفاء نَبًهَ أحد أقاربه من المُسْتَجِدِينَ علي المأموريات الإدارية السامية إلي أن ضمان "الإقامة الطويلة في الوظائف السامية" يكمن في اتباع سلوك إداري مطابق لمذهب "أَطِبًاءِ المَاءِ الفُرَاتِ" الذين نُعِتُوا بهذا النًعْتِ لأنهم لا يعالجون المرضي إلا "بالأدوية المُحَايِدَةِ" التي لا تؤثر علي صحة المريض لا إيجابا و لا سلبا و من أكثر ما يوصون به المرضي اتباع الحِمْيَةِ المكونة من شُرْبِ الماء العذب الفُرَاتِ.!!
و إذا كان المرض الدبلوماسي قد أنهك الجسم الإداري فأثر سلبا علي مَرْدُودِيًتِهِ و نَجَاعَتِهِ و خدمته للمواطن فإن الجسم السياسي الوطني لم يسلم أيضا من إصابة المرض الدبلوماسي و يكفي أن نعرف أن الأغلبية الغالبة من الاحزاب السياسية ببلدنا لم تستطع تأمين انتظام دورية اجتماعات و مؤتمرات هيئاتها القيادية بفعل مستجدات حميدة: كانشغال بعض القادة ببعض هموم "الأحوال الشخصية" و ضعف ذاكرة الإدارة الحزبية واضطرابات المناخ السياسي الداخلي،..!!.
و يعتقد بعض المتابعين أن المرض الدبلوماسي أكثر انتشارا بالأقطاب السياسية الكبري ( إئتلاف أحزاب الأغلبية، المعاهدة من أجل التناوب الديمقراطي و المنتدي من أجل الديمقراطية و الوحدة) و التي قليلا و عَسِيرًا ما تجتمع هيآتها المُدَاوِلَةُ بفعل تَذَرُعِ أحد أو بعض اعضائها دائما "بمستجدات خفيفة" كغياب المسؤول المباشر أو انشغاله بأمور شخصية أو عائلية أو حتي بتفرغه للإعداد لسفر قَاصِدٍ قَادِمٍ خلال عدة أشهر،...!!
ذلكم ما فعل المرض الدبلوماسي بجسمنا السياسي و الإداري فَيَا لَيْتَ الأقوام السياسيين و الإداريين من الموريتانيين "الذين يستيقظون باكرا" يقدرون حق القدر أن المنطقة العربية و الإفريقية و الإسلامية تجتاز في هذه الأيام و الشهور و السنين المقبلة "حقبة اضطرابات أمنية و سياسية عاتية" هَدًتْ أركان دول شقيقة وصديقة و هَزًتْ استقرار دول أخري هَزًا.!!
فعلينا جميعا معاشر "الموريتانيين الذين يستيقظون باكرا"أن نشد أحزمة الأمان و نُشَمِرَ عن سواعد الجد و الاجتهاد و الإتقان و نعض بالنواجذ علي وحدتنا و أمننا و استقرار بلدنا عبر التحسين والتطوير التوافقي العاجل لنموذجنا الديمقراطي و المجتمعي.!!