دول الساحل / سيد محمد الامام

منطقة الساحل الافريقية البلاد السائبة انها المكان الذي نسيه العالم او تناساه غير أابه او مكترث. ظلت دئما تحترق ليس فقط بلهيب شمسها المشرقةولكن ايضا بنيران ابناءها: سلالة اجيال من المحاربين الاشداء الذين ضنت عليهم الحضارة الحديثة بالتربية والتثقيف وتركتهم يحترقون بنيرانهم المقدسة 

والمشتعلة ابدا، الساحل انها ايضا الارض حيث اللا قانون هو القانون بحد ذاته ،لكن شعوب الساحل ليست كما قد يتبادر الي ذهن البعض: مجموعات متوحشة بدائية تأكل بعضها البعض انها امم لها ماض عريق وتاريخ مجيد من البطولة والشرف نتحدث عن الماضي والتاريخ لان فهم ما يحدث الان في الساحل لن يتأتي لنا ما لم نفهم تاريخ شعوبه .
في منطقة الساحل هناك خط وهمي ليس من خطوط العرض والطول الجغرافية انه خط تماس بين عدة شعوب مختلفة ومتباينة امم فخورة تابي الاضمحلال شديدة الاعتزاز بالذات وشديدة الحساسية اتجاه الاخر تختلف في امور عديدة ولكن تجمعها نقطة مشتركة واحدة هي انها عانت اضهادا غير مسبوق من مستعمر متكبر غزا المنطقة ورفض العيش فيها حيث طبق فيها سياسة موغلة في الظلم الا وهي سياسة (خذ خيرها ولا تجعلها وطنا) ، معظم شعوب المنطقة وخصوص الصحراء حاربوا الاستعمار الاوربي الفرنسي علي الخصوص  بكل ما تسني لهم من امكانيات والحرب كما هو معروف ليست بالسلاح فقط انا بالعقل والفكر اولا وهكذا ومنذو وضع المستعمرون اقدامهم علي هذه الارض المشتعلة انطلقت مقاومتهم دون توقف وقد امتطي مقاتلي هذه الارض ظهور حيواناتهم لقتال هذه الوافد الجديد وعندما تسني لهم ركوب الحديد امتطوا السيارات في حربهم ضده ،حاربوه بالسيوف والنشاب وعندما وصلت ايديهم الي الاسلحة النارية صبوا حممها عليه اجيال مستعمرة واجيال مقاومة وقد طال الزمن وتنوعت الاساليب والاسلحة وكانت هناك ايضا مطايا واسلحة من نوع اخر انها الافكار ، الاسلحة يحركها البشر والبشر تحركهم الافكار ولم تترك شعوب الساحل اي نوع من الافكار الثورية دون ان تحارب به دفاعا عن وجودها وارضها حاربوا بالعلمانية وبالدين وبالالحاد حاربو باسم الملك والامير وباسم القبيلة والشعب والقومية والعنصر  وكلما هزم المستعمر فكرة تبنوا اخري، بدلوا اساليبهم كيف ما اتفق وكذا فعل الاستعمار الذي اصبح فيما بعد الصديق بعد ان كان العدو هذا المستعمر الذي ارهقه عناد هذه الشعوب التي يراها متخلفة وبائسة ورغم ذلك تصر علي رفض الذوبان في قيمه وطريقة عيشه قرر ان يؤسس منها دول في هذه الارض الفضاء دول يفصلها علي مقاسه ويسلمها لموالين له اشربوا في قلوبهم فكره ونمط عيشه .
تم تأسيس هذه الدول في الغالب علي عجل ولم تعرف من انواع المدنية والتحضر الا ما تر ك الاستعمار الذي ظل حاضر بقوة متترس بمواليه من ابناء الشعوب والمحليين لقد بقيت بعض البني التي تر ك المستعمر علي حالها معتمدة كبني خدمية اكثر من نصف قرن في بعض دول الساحل بلازيادة او نقصان وبعض هذه الدول تشكل المدنية 2 % فقط من مجموع مساحته والباقي صحاري شاسعة لا يمكن لأعتي جيوش العالم مراقبتها احري اخضاعها او السيطرة عليها .
طبق المستعمر سياسته الشهيرة (فرق تسد) الا ان تلك السياسة في الساحل ارض ألاقانون كانت مجرد تكريس للواقع ، لعب المستعمر علي حساسيات الخط الوهمي الفاصل بين الشعوب ورسم حدودا تكرس التوتر الدائم الذي هو وسيلته المثلي للبقاء مسيطرا وقدم نفسه دائما علي انه الحل كل ما اشتعلت حرب اهلية أو اطيح بحكم ما بانقلاب هنا اوهناك حيث ملأت القلاقل والثورات العالم وبقدر ما كان الساحل محروما من اي نوع من انواع الحضارة التي يرفل فيها مستعمره كان يأخذ نصيبه كاملا من صراع الدول العظمي لقد حد الغرب من حروبه علي اراضيه لكنه لم يوقفها ابدا علي صحاري وغابات دول الساحل .
هذا التاريخ الطويل من المرارة والاضطهاد والالم تربت عليه اجيال متعاقبة ظلت تتوارث حرقة لامبالات العالم اتجاه امم كاملة لمجرد الاختلاف .
*الارهاب مجرد فكرة اخري :
استهدف الارهاب في بداياته الشرق الاوسط ولسنا هنا بصدد التأريخ لظهوره بقدر ما نريد ان نبين رحلته نحو استيطان دول الساحل خصوصا مالي والنيجر اذ يعرف الجميع نتائج اكتساح الاسلاميين انتخابات الجزائر وما ترتب عنه من حرب؛ البعض اعتبرها اهلية والبعض الاخر اعتبرها ارهابا ما يهمنا ان هذا المعطي اذا اضفنا له عودة المجاهدين  ضد الاتحاد السوفيتي السابق من افغاناستان فاننا سنحصل علي المادة الخام التي قد منها جيل مقاتلي القاعدة الذين يجوبون دول الساحل والصحراء الكبر ي من المحيط الاطلسي وحتي الصومال .
*اشباح الصحري :
استمرت الحرب الاهلية في الجزائر مدة كافية بحيث تصبح تجربة ومدرسة حربية ليصبح من شاركوا فيها جنرالات حرب بالتجربة واستمرت مدة كافية ايضا بحيث يصعب علي الايادي الخفية التي خاضت في وحل التامر علي الجزائر ان تنفض عنها ادران التورط في صناعة الموت والدمار والخراب الذي يحل حيث ما حل الارهاب وشيئا فشيئا شبت جماعة الدعوة والقتال عن الطوق وبدأت تفكر في العالمية بعدما ملت حالة الا هزيمة والا انتصار التي لاتلوح لها نهاية في الجزائر جمهورية الجنرلات وشئا فشئا ايضا بدأ امراء الجماعات المقاتلة يتعرفون اكثر علي خصائص الصحراء الفريدة من نوعها والتي يمكن اعتبارها جنة الخارجين علي القانون وملاذ كل غريب .
اصبحت الدعوة والقتال قاعدة المغرب الاسلامي وبدل ان تكون مشكلة جنرالات الجزائر اصبحت مشكلة العالم والغرب بالذات والذي لم يحرك ساكنا في البداية او لم يستوعب سريعا خطر مجموعة من صعاليك الصحراء يتنقلون علي سيارات التيوتا بيك اب ويستخدمون اساليب الجراد الصحراوي المهاجر: يقتاتون علي اي شئ يصادفونه حيث تغيب عنهم شمس يومهم وفي اليوم الموالي يذوبون بين الكثبان النحاسية .
*الاكياس الفارغة:
عندما تلقي مارشال الاتحاد السوفيتي كييف اوامر استالين باحتلال برلين قبل الحلفاء طرحت اعداد القوات الالمانية الضخمة في المدن الروسية المحتلة تحديا حقيقيا علي اركان حربه فالوقت ﻻ يسمح بمحاربتها بشكل متتالي لم يضيع كييف الوقت ونفذ تكتيكا سماه الاكياس المربوطة فقد كان يحاصر مئات الاف الالمان في كل مدينة ببضعة الاف من الروس ويواصل طريقه الي برليين في صحراء الساحل قررت الجماعات المقاتلة ملأ الاكياس الفارغة بدل ربطهاوبما ان الفكرة التي يركبونها هي احياء الدولة الاسلامية حرفيا فانهم قدموا انفسهم لبدو الصحراء كدولتهم ﻻ كمحتلين كما فعل المستعمر ولا دكتاتوريين مثل اصحاب ربطات العنق   ورثته اما سكان الادغال فقد بشروهم بالعدل.
و بمجرد ان وجدت الفكرة وطنا بين الرمال والادغال دفع الجنرالات في الجزائر بكل قوتهم بيضة مقاتلي الدعوة والقتال من قمم جبال الجزائر ليجدوا انفسهم في جنان الصحراء في بيئة جاهزة تماما وﻻ ينقصها الا القليل من دغدغة المشاعر الدينية انها اكياس فارغة تنتظر من يعبأها ،امم منسية في الصحراء اهملها العالم. اهملتها الحكومات الفاسدة ،تعيش خارج الزمن وخارج الحضارة وهذه الحكومات اوهن من بيت عنكبوت سلاحها التخويف ، انه الفراغ الثمين والذي ملأته القاعدة بكل جدارة .
الأيادي الخفية :
بالحظ او بالتخطيط نجحت الجزائر في مشاركة العالم صداعها المتمثل في الجماعات الارهابية المقاتلة وارغمت هذه القوي الضخمة غير المكترثة علي الالتفات الي الارض المنسية وقدبدأ الاهتمام مع بدأ اشباح الصحراء عمليات اختطاف الاجانب الغربيين وطلب الفدى مقابل اطلاق سراحهم ، هنا تنبهت القوي الدولية وتذكر ساستها افريقيا التي دأبوا علي امتصاص خيراتها ،اصبحت دول الساحل مسرحا للاعمال الخفية تضرب الدول بعضها بعضا فوق الحزام وتحته بعمليات الارهاب واستخدمت الجماعات نفس الاساليب التي اعتمد الاستعمار سابقا من لعب علي الفوارق الاجتماعية والعرقية واستفادة من الخلافات الداخلية وتقديم لنفسه كبديل وكحل وحيد لمشاكل امم الصحراء واثنياتها كما سيطر علي تجارتها التي قوامها التهريب واي تهريب ؛ تهريب السلاح والمخدرات ولك ان تتخيل عزيز القارئ حجم المداخيل المترتبة علي تهريب السلاح والمخدرات .
ان من يصفهم العالم الان بالجماعات الارهابية ليسوا من عالم اخر انهم الجيل الجديد من ابناء ضحايا الجوع والظلم والمرض انهم اليائسون والغاضبون والناقمون الذين نسيهم العالم الحر بعد ان امتص خيرات ارضهم لقد تعلموا استعمال السلاح وفتشوا في تاريخهم ومعتقداتهم فامتطوا فكرا لا يرحم وسيار ات البيك اب السريعة وسكنوا الصحراء الموحشة الغامضة انهم جراد الصحراء المهاجر الذي لا يهجم الا فجأة.

9. فبراير 2016 - 0:08

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا