اعتمدت السلطات العمومية في السنوات القليلة الماضية سياسة طموحة ،تهدف إلي زيادة الرقعة الزراعية ،عن طريق استصلاح مزارع مروية علي ضفة النهر ،وانجاز استصلاحات مائية-زراعية كالسدود والحواجز الترابية.
إن التوسع الأفقي ،يعد وسيلة ناجعة وخطوة في الاتجاه الصحيح ،سعيا إلي تحقيق الاكتفاء الوطني من الغذاء،
لكن تلك السياسة تحولت للأسف إلي كارثة وطنية بدأت عواقبها تتكشف ليتضح حجم هدر المال العام.
لقد صرفت مليارات الأوقية في عمليات استصلاح عبثية، لم تحترم ادني الشروط الفنية فاستصلاح بوكمون وايرمبار وسد الحسينية، وسد ابرودة خير دليل علي حجم التجاوزات والتي تعود في الأساس إلي :
• عدم جدية وحرفية دراسات ما قبل التنفيذ؛
• سوء اختيار الشركات المنفذة فبعضها لم ينجز أشغالا هامة قبل الفوز بالمناقصة؛
• ضعف المراقبة؛
• ضعف خبرة الشركة الوطنية للاستصلاحات الزراعية والأشغال SNAAT وفشلها في معظم أشغالها.
سد برودة نموذج لهدر المال العام
تقع قرية برودة في بلدية احسي الطين التابعة لمقاطعة بومديد ؛حيث تحدها شمالا هضبة تكانت ،وجنوبا بلدية نواملين وحسي الطين ومن الشرق الدحارة ومن الغرب سهل فوق،يقطن في القرية ساكنة تقدر ب850 فردا يزاولون الأنشطة الزراعية وتنمية المواشي.
تملك القرية سهلا بطول 20 كم، أنشأت عليه سدا ترابيا في بداية القرن الماضي ،بجهودها الذاتية، حيث كان غالبا ما يتكسر تحت تأثير سيول هضبة تكانت الجارفة ومع ذلك كان القرويون يصلحونه بما تيسر.
أخيرا قرر مشروع الواحات في نسخته الثانية إدراج بناء سد برودة ضمن قائمة سدود ستنجز بتمويل من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي FADES مما أثلج صدور ساكنة القرية فحلمهم سيتحقق أخيرا حيث سيتمكنون من زراعة مساحة تقدر ب200هكتارا.
لم يستمر الحلم طويلا فاختيار شركة ضعيفة الخبرة، كان فأل سوء، وتم الانتهاء من بناء السد 2013 ،لكنه لم يصمد أمام أول سيل ،حيث حمل الماء جزءا كبيرا منه وليتحول الحلم إلي كابوس.
بعثت زيارة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز للسد يوم 23\04\2015 وعده للساكنة بإصلاحه الأمل من جديد لدي سكان القرية.
سبب إثارة حفيظة السكان
شكل إطلاع ساكنة القرية علي منشور يستعرض انجازات وزارة الزراعة لعام2015 وآفاق 2016 والذي ذكر بان أشغال إصلاح سد برودة جارية نقطة تحول
Travaux de réparation des barrages achevés pour Housseiniya et en cours pour Brouda )
، حيث اعتبروا بان الوزارة بتلك المعلومة المضللة ،تريد وأد مشروع إعادة إصلاح السد ،والتنصل من التزام رئيس الجمهورية،كما أن اطلاعهم علي منشور آخر لمشروع الواحات يبرز صورة للسد تخفي حجم الأضرار زاد الطين بلة، مما دفهم إلي القيام بمسيرة راجلة باتجاه نواكشوط مرورا بكيفة عاصمة الولاية لتسليط الضوء علي معاناتهم.
يعد سد برودة نموذجا لهدر المال العام، فكيف أمكن لقرويين بناء سد بوسائل بدائية، حيث صمد لسنوات عديدة ،وحتي إن لم يصمد فحجم الأضرار كان اقل مما هي عليه بعد تدخل الشركة المنفذة.
إن وضعية السد قبل تدخل مشروع الواحات كانت تسمح علي الأقل بحجز كمية من الماء تحسن ميزان المياه الجوفية ،وتسمح بزراعة رقعة معقولة ،أما اليوم فحجم الأضرار هائل والسد لم يحجز قطرة ماء واحدة ،مما يعكس استهتار الشركة المنفذة وضعف آلية المراقبة والمتابعة.
يمكن الاطلاع علي منشور الوزارة علي الرابط: http://www.agriculture.gov.mr/IMG/pdf/bilan_2015_et_perspectives_2016_vd...