المناطق الرطبة الموريتانية بين المحلية والعالمية / الهيبة ولد سيد الخير

موريتانيا بلد صحراوي بامتياز تلكم هي الصورة النمطية المتداولة، إلا أن بلادنا مع ذلك تضم مناطق رطبة ذات أهمية عالمية تسهم بشكل فاعل في حفظ التوازن البيئي العالمي، كما أنها تعد مصادر رزق وأقطاب تنمية لعدد هائل من موطنينا.
المناطق الرطبة:

المناطق الرطبة هي كل وسط تغمره المياه كليا أو جزئيا، أو به نسبة من المياه أو رطوبة و يكون ذلك خلال كامل السنة أو لفترة مؤقتة، وهي موائل حيوية جد هامة لبعض الكائنات الحية ، و تستقطب خاصة الطيور المائية (الشتوية) المهاجرة التي تعبر القارات.
تضم بلادنا مناطق رطبة عديدة فالشرق الموريتاني يضم لوحده 241 منطقة رطبة ،ولفهم درجة أهمية هذه المناطق سنلقي الضوء علي غني تسمياتها المحلية الأمر الذي يؤكد درجة تأثيرها الاقتصادي والاجتماعي علي الساكنة.
التسميات المحلية للمناطق الرطبة الموريتانية
  التامورت :
ارض منخفضة يصب فيها حوض ساكب، وتعد نظاما هيدرولوجيا مغلقا عمقه متوسط، ويحتفظ بالماء لأشهر عديدة من السنة،  وتسود فيه أشجار امور  Acacia nilotica   .
تسهم  التومرن في توفير مياه الشرب والمرعي للحيوانات،  كما تستخدم أطرافها للزراعة بالإضافة إلي توفيرها للمنتجات الغابوية الخشبية والغير خشبية ، كما أنها تعد موئلا لبعض أندر الحيوانات مثل بالديزوك Crocodylus niloticus وتابلنك Python sebae والكوتيVaranus varanus وأنواع  عديدة من الطيور خصوصا المهاجرة.
  القيع:
نظام هيدرولوجي مغلق ،إلا أنها غالبا ما تجف بسرعة وتنتشر فيها الآبار التقليدية ،وتسهم في سقي المواشي والزراعة الفيضية ،تعد القيع موئلا مفضلا للطيور المائية بسبب إنتاجها الوفير من النباتات المائية الدرنية.
  الوديان:
أنظمة هيدرولوجية مفتوحة ترتبط ببحيرات وتمارس فيها الزراعة الفيضية وزراعة الخضار ،وتنتشر فيها الطيور المائية والزواحف.
.
  التشليت:
  مناطق رطبة متوسطة المساحة، وذات عمق ضئيل ،كما أن تنوعها النباتي قليل وتجف بسرعة وتعد مصدرا لسقي المواشي في فصل الخريف .
  التويمرت:
تختلف عن التامورت بصغر مساحتها ،وقلة عمقها ،وتشترك معها في سيادة امور Acacia nilotica  وتعد مصدرا هاما لسقي المواشي خصوصا في فصل الخريف
  المحكم:
منطقة رطبة مشاطئة لمجري مائي ذات عمق ضئيل وتجف بسرعة  ينتشر فيها امور
  آمرش:
منطقة فيضية قليلة العمق والمساحة تكثر فيها صدر بيظة Acacia seyal
  الشمسية:
منطقة رطبة قليلة العمق ،وذات قاع صخري حيث تعكس أشعة الشمس ، ونظرا لصعوبة استغلالها لا تكون عادة مملوكة لقرية او تجمع وتسهم في سقي المواشي في الموسم الرطب
  القلتة:
مناطق رطبة صغيرة نسبيا، إلا أنها عميقة حيث تزودها شلالات من منابع صخرية وتكون بعيدة عن التجمعات القروية،وتعد مصدرا كبيرا للتنوع الإحيائي بالرغم من صغر مساحاتها.
هنالك مناطق رطبة عديدة أخري نذكر منها اكني ، ولمسيلة ،والداية ،ولقليق، والواحة والسبخة..الخ.
يعكس غني المفردات الدالة علي المناطق الرطبة في موريتانيا درجة التفاعل بين الموريتانيين وبيئتهم،  مما شكل لقرون طويلة حالة انسجام بين البعد الثقافي- الاجتماعي والبعد الطبيعي.

معاهدة رامسار الطريق إلي العالمية
تعتبر معاهدة  "رامسار" للمناطق الرطبة بمثابة إطار للتعاون الدولي والقومي للحفاظ والاستعمال العقلاني للأراضي الرطبة ومصادرها،حيث وضعت عام 1971 بمدينة "رامسار" الإيرانية، ودخلت حيز التنفيذ في سنة 1975, وهي تعتبر الاتفاقية الدولية الوحيدة في مجال البيئة التي تعالج نظام بيئي خاص.
تضم المعاهدة اليوم 168 بلدا من ضمنها موريتانيا ،حيث صادقت عليها سنة 1994 ويبلغ عدد المناطق الرطبة المصنفة ذات أهمية عالمية وفقا للمعاهدة علي مستوي العالم 2187 ،من ضمنها أربع مناطق موريتانية هي: حوض اركين ،وحوض جاولنغ ،وشات بول ،وبحيرة كابو  والنظام الهيدرولوجي لهضبة تكانت وبمساحة إجمالية تحدد بمليون ومائتا ألف هكتار ،إن قارنها ب49 منطقة رطبة علي مسجلة في  فلندا لكن بمساحة إجمالية تحدد ب800000 هكتار فقط.
هنالك مناطق رطبة عديدة في موريتانيا تتوفر فيها معايير رامسار ،ويمكن اقتراحها بعد انجاز الدراسات الضرورية مثل بحيرة بوكاري ،وبحيرتي الاك ومال، وبحيرة كنكوصة وقاعة السوانا..الخ.

الأهمية البيئية للمناطق الرطبة الموريتانية
تعد مناطقنا الرطبة أرثا إنسانيا يجب حفظه وإعطاؤه العناية الضرورية ،فوجود الماء في ببيئة دافئة هو كل ما تحتاجه الطيور المهاجرة والهاربة من صقيع أوربا حيث تجد المسطحات المائية بما توفره من نباتات مائية حيث لا يكدر صفوها للأسف سوي إطلاق نار من بندقية لصياد  غير مسؤول.
لا تقتصر القيمة البيئية للمناطق الرطبة علي كونها موائل للطيور لأشهر عديدة من السنة ،بل تتجاوزها حيث تعج بالحياة وتوفر الملاذ لكائنات عديدة قد  لا توجد إلا في هذه المناطق.
إن التسيير المعقلن والمستدام للمناطق الرطبة يعد أمرا بالغ الأهمية إذا ما أردنا صون ارثنا الطبيعي، كما أن اقتراح مناطقنا الرطبة التي تتوفر فيها معايير رمسار سينقلها إلي العالمية لتصبح إرثا إنسانيا يحفظه القانون الدولي .

17. فبراير 2016 - 13:08

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا