ثلاثة مشاهد من فضيحة واحدة / محمد الأمين ولد الفاضل

المشهد الأول: الاختطاف المثير
المكان: السجن المدني
الزمان:  مساء الجمعة الموافق 23 يناير 2015
في مساء هذا اليوم تابع الموريتانيون تفاصيل عملية اختطاف نوعية وجريئة حدثت في السجن المدني، وتمثلت هذه العملية الجريئة في اختطاف عناصر من الحرس من طرف سجناء

 سلفيين، لتبدأ من بعد ذلك عملية تفاوض بين المختطفين والسلطات الرسمية استمرت لساعات طوال وانتهت برضوخ السلطات الرسمية لمطالب المختطفين.
ردة الفعل الرسمية: في مساء يوم السبت الموالي (24 يناير 2015) ظهر وكيل الجمهورية على شاشة الموريتانية، وفي تلك الإطلالة هنأ الوكيل  نفسه، وكل القطاعات المعنية، على الحكمة البالغة التي تعاملوا بها مع عملية الاختطاف، والتي قال عنها الوكيل بأنها لم تشكل أي إهانة للدولة الموريتانية، فهي لم تكن ـ حسب الوكيل ـ إلا مجرد إشكال أو شغب عادي لا يستحق كل ما أثير حوله من ضجيج.
المشهد الثاني: "الإرهابي الخطير"
المكان : السجن المدني
الزمان : مساء الجمعة الموافق 1 يناير 2015
في مساء هذا اليوم علمت إدارة السجن باختفاء سجين سلفي (كان قد تمكن من الفرار من السجن في منتصف النهار من يوم الخميس)، وهذا السجين كان مدانا بالمشاركة في محاولة جريئة قيل أنها كانت تستهدف اغتيال الرئيس الموريتاني.  تمكن هذا السجين من الخروج من الأراضي الموريتانية، إلى السنغال، ومن بعد ذلك إلى غينيا كوناكري، وهنا ألقي عليه القبض ليتم تسليمه فيما بعد للحكومة الموريتانية.
ردة الفعل الرسمية : بمناسبة إلقاء القبض على السجين السلفي أصدر الحزب الحاكم بيانا قويا جاء فيه : "لقد شكل الإنجاز الأمني النوعي الذي حققته الشرطة الوطنية اليوم، والمتمثل في اعتقال الإرهابي الخطير السالك ولد الشيخ إنجازا هاما، إذ تعد هذه العملية الأمنية برهانا آخر على مدى الجاهزية العالية التي تتمتع بها هذه المؤسسة الأمنية الوطنية العتيدة منذ عدة سنوات في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود..." وفي هذا البيان تقدم الحزب الحاكم "بأحر التهانئ لرئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز، ومن خلاله إلى كل منتسبي مؤسسة الشرطة الوطنية بكل مفاصلها، ولكافة أفراد الشعب الموريتاني العزيز على هذا الإنجاز الأمني الهام."
وفي المؤتمر الصحفي للحكومة الذي أعقب عملية إلقاء القبض على السجين السلفي استغرب الوزير الناطق الرسمي باسم الحكومة  في رده على سؤال عن عدم تخفيض الحكومة لأسعار المحروقات طرح مثل هذه القضايا الثانوية في وقت حققت فيه البلاد إنجازا بطوليا ونوعيا من خلال إلقاء القبض على السجين السلفي الهارب.
المشهد الثالث : الفرار الكبير
المكان : سجن دار النعيم
الزمان :  مساء الجمعة الموافق 19 فبراير 2016
جاء في مضمون تقرير منشور على موقع "صحراء ميديا"  بأنه في الساعة السادسة والنصف من يوم الجمعة تم إبدال فرقة من الحرس بفرقة أخرى لتولي حراسة السجن ليلا، وهذه العملية تعتبر عملية روتينية تحدث في كل يوم. بعد تبادل المهام ذهب عناصر الفرقة المكلفة بالحراسة إلى غرفة بها تلفزيون لمتابعة أحداث حلقة جديدة من المسلسل التركي "وادي الذئاب"، بينما قرر حرسي آخر أن يدخل بمفرده إلى داخل السجن الذي يوجد به ما يقترب من ألف سجين، وذلك من أجل تفقد المعابر.
لم يكن من المجموعة التي قادت عملية الفرار إلا أن هجمت على الحرسي، وأشبعته ضربا حتى أغمي عليه، ولم يشعر زملاؤه بذلك، ولذلك فقد واصلوا متابعة المسلسل التركي.
ترك الحراس بوابات السجن الأمامية مفتوحة في انتظار عودة زميلهم، ولكن الحراس فوجئوا بدلا من عودة زميلهم بعشرات السجناء يقتحمون البوابة الأمامية في عملية فرار جماعي لن تكون هي الأخيرة إذا لم تتغير ردود الأفعال الرسمية.
غدا ستقول لكم الحكومة ومن ورائها الحزب الحاكم  بأن عملية فرار السجناء هي عملية عادية، وأنها تحدث في السجون الأكثر تحصينا في العالم، وعندما يتم إلقاء القبض على السجناء الفارين، فلا تستغربوا أن يصدر الحزب الحاكم بيانا قويا يشيد فيه بذلك الإنجاز العظيم، ويهنئ فيه الرئيس المؤسس، ولا تستغربوا أيضا أن يطل عليكم الناطق الرسمي باسم الحكومة في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب إلقاء القبض على السجناء الفارين ليقول لكم بأن بلادنا قد حققت إنجازا بطوليا ونوعيا من خلال إلقاء القبض على جميع السجناء الذين فروا من سجن دار النعيم. 
يبدو أنه لا شيء سيتغير بعد عملية الفرار هذه، فردود الفعل الأمنية لن تتغير عن حالها، وستبقى مطاردة المحتجين السلميين أولى عند مؤسساتنا الأمنية من مطاردة المجرمين ومن تشديد الحراسة على السجون.

حفظ الله موريتانيا..
 

22. فبراير 2016 - 2:05

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا