إلى القادة العرب، عبر الأمانة العامة لجامعتهم العربية..
بعد التحية والثناء المناسبين؛
اسمحوا لي أولا بالقول إني ربما أستخدم ضمير الجمع؛ لكن ليس تشبها بكم، ولا تضخما للأنا لله الحمد، وإنما اعتقادا أني لست وحدي فيما سأقوله، أو في بعضه على الأقل.
قادة الشعوب المحترمين؛
عند ما علمنا بموافقة بلادنا على استضافة قمتكم المقبلة شعرنا بسرور عارم، فنحن الذين
ضربوا بمدرجة الطريق خيامهم ** يتقارعون على قرى الضيفان.
أيها القادة المشاهير؛
من غير الوارد مناقشتكم في دقة الاسم فلا مشاحة فيه لأن القيد يسمى بالجامعة أيضا، كما أن من غير الإنصاف تذكيركم بالظروف والبواعث التي اكتنفت إنشاء الجامعة ولا الدور البريطاني في ذلك.
كما أن بواعث المغرب الشقيق على قراره القاضي بعدم استضافة قمتكم، وبواعث حكومتنا "الرشيدة" على قرارها المضاد، أمور تتعلق بدبلوماسية الدولتين في المقام الأول.
أيها القادة؛
تأتي قمتكم المرتقبة وعدة دول عربية - من بينها نصف الأعضاء المؤسسين- في في حيص بيص، فماذا أنتم فاعلون؟ وتأتي - كسوابقها- والشعوب العربية باختلاف مشاربها وطموحاتها تشعر بالخجل من أدائكم المخيب لآمالها العريضة؛ والذي أهل جامعتكم بجدارة واستحقاق لحمل الرقم الأول عالميا في الخيبة وانعدام الجدوى على امتداد واحدة وسبعين سنة شمسية مما تعدون.
أيها القادة؛
بما أن ذاكرتي خالية من إنجاز واحد يليق بجامعتكم وبالشعوب المبتلاة بها، فحبذا لو ذكرتموني به أو استحدثتموه لنجد ما نذكره، حتى لو كان تلقيح الأطفال أو إيواء اللاجئين، أو الانسحاب عن خطيب العدو!
هذا إذا أهملنا الجانب المسلي في التشاتم والتنابز بالألقاب بين "المسؤولين" في الاجتماعات.
أيها القادة؛
كم يحز في النفس التناسب العكسي بين إمكاناتكم ووسائلكم وبين وقوف "جامعتكم" مشدوهة لا تملك صرفا ولا عدلا أمام النزاعات بين أعضائها، أو بينهم وبين غيرهم، وما تخلفه تلك النزاعات من آثار سلبية.
وكم يحز في النفس التنافي البنيوي بين "الجامعة" ونظائرها الإقليمية، إلى حد شعور الأمناء العامين للأمم المتحدة (وهي هي) بالحرج من مجرد حضور افتتاح قممها كما يحضرون قمم الاتحاد الإفريقي وما شاكله.
وكم يحز في النفس أن تظل الأمانة العامة وقفا على الوزراء السابقين من مواطني دولة المقر، شرقية كانت أم غربية.
وكم يحز في النفس أن يظل توجيه الجامعة دُولة بين الأغنياء من أعضائها.
وكم يحز في النفس أن تبلغ سن الشيخوخة قبل الوصول إلى سن الرشد!!
وكم يحز في النفس أن يربط زعيم دولة نفطية دفع مستحقات الجامعة على بلاده بأن تفعل الدول الفقيرة الشيء ذاته!
وكم يحز في النفس أن تكون جامعتكم مخبرا لتفاعل الأزمات التي تولد في قاعاتها ومكاتبها، أو تولد خارجها ثم تتأزم وتتفاقم بمجرد الدخول إلى هناك.
باختصار..
أهلا وسهلا ومرحبا بقمة يظللها الإخاء ويطبعها الصفاء، يحضرها الجميع، ويصدر عنها ما ينفع الناس ويمكث في الأرض. لا قمة استعراضية يحضرها البعض، تستهلك الوقت في التلاوة المتعثرة للخطابات الجوفاء والتقاط الصور، ويصدر في ختامها بيان شكلي معد منذ شهور.. وقد لا يصدر عنها إلا السباب والشتائم!