عيون علي حدودنا الشرقية / سيد محمد الامام

ﻻ شئ اقدر علي توحيد القبائل والمؤالفة بينها مثل الاسلام ..تعي الجماعات المسلحة في الساحل هذه الحقيقة جيدا  وتعرف هذه الجماعات كيفية تحويل هذي الدين الي مصل شاف لحالات اليأس التي يولدها ثلاثيه المقيت: الجهل والفقر والصراع، في بيئة مقفرة بادية ونائية عن الحضارة.

عندما يتحدث خبراء التجنيد المبثوثون من طرف هذه الجماعات عن بدايات النشأة المقدسة لهذه الدين العظيم فان استحضار بطولات الصحابة و عمليات اسقاط احداث الماضي المشرق بين مكة و مدينة الرسول الاعظم صل الله عليه وسلم من صبر وايمان وجهاد لا يتطلب الكثير فاشجار القتاد في الحجاز هي نفسها في ازواد والنيجر وموريتانيا حتي الجبال والسهول كذلك ولن يبذل هؤلاء المبشرون بالمجتمع المديني كبير عناء ليجدوا في الدول التي يعبؤون ضدها اشباها لابي جهل واميةابن خلف .
اذن هي بيئة معادية لخطاب الدولة تتربص بها الجماعات المقاتلة وتتحين الفرصة بل وتخلقها احيانا لتنقض بمجرد ان تتراخي قبضة الدولة وتوجه ضربتها سادتا الفراغ الذي يخلفه الانهيار المفاجأ للنظام .
عادة ما يتعجل الغرب في اطلاق الاحكام بالنجاح علي كل عملية يطلقها لمحاربة الارهاب وهذا بالضبط ما فعلته فرنسا بعد عملية سيرفال وبرخان وهو امر مفهوم من الناحية العسكرية فقد تم دحر الهدف واختفي التحالف القبلي مع القاعدة والذي حكم ازواد بالشريعة والتاريخ لكن لم تهزم طائرات الميراج ثلاثي اليأس المقيت : الجهل والفقر والصراع بل كرسته اكثر، ولان ازواد كوكب اخر علي حدودنا الشرقية  فاننا نتساءل هنا بدافع الرعب طبعا عن الحالة السريرية لقبائل التماس مع هذا الكوكب المشتعل الذي يسمي ازواد لنعلم الي اي حد نحن في مأمن ولنعرف ما اذا كانت قد  ظهرت بعض  الاعراض التي يترصدها قادة القاعدة بصبر الصياد في منطقة الحوض الشرقي والتي قوامها الصراع علي النفوذ؟
اهم واخطر هذه الاعراض السريرية المدمرة لسلطة الدولة والتي يترصدها صيادوا القاعدة في المناطق الصالحة لتمددها  هي:
اولا- زعيم قبلي تقليدي تم تهميشه من طرف الدولة عمدا تقليما لاظافره او تحجيما لدوره .
ثانيا - قبيلة ذات شوكة غاضبة او قبيلة ضعيفة ناقمة .
ثالثا- لصوص مراكز النفوذ المتربصين بها والذين يعملون دون كلل للتموضع داخل قبائلهم وجهاتهم بالمكر والحيل والدسائس لإيهام الدولة بامكانيات وأوزان كاذبة عسي ان  يتمكنوا من تحقيق اهدافهم بفرض انفسهم أندادا للزعامات التقليدية .
ان اقوي القبائل و اكثرها حظا وحظوة هي تلك التي تضم بين صفوفها اقل عدد من هؤلاءالطامحين والحالمين بالنفوذ وبالسلطة وكذا بقيادتها  لأنهم ومهما ضعفت أسبابهم و قلت مواردهم و أنعدمت لديهم الوسائل يبقون دائما قادرين علي اثارة الضجيج خصوصا عندما تكون القبيلة جزءا من نظام اشمل هو الدولة التي كثيرا ما تكون مهيمنة علي نصيب الاسد من سلطة نافذي القبائل  وهذه الهيمنة عادة ما تشجع وتحرك اطماع الصف الثاني والثالث من قيادات اي قبيلة لتحقيق بعض المكاسب المترتبة علي المحاصصة الوظيفية التي هي عماد توزيع المناصب في دول الساحل والصحراء الكبري ، في موريتانيا الامر هو نفسه وعادة ما تتدبر الزعامات التقليدية امورها بالمال الذي اصبح بعد تحكم الدولة هو الوسيلة الوحيدة المتاحة للحفاظ علي السلطة القبلية وهو الامر الذي اتاح امكانية القفز علي الزعامة لكل من يملكه وطبعا نتج عن ذلك انتشار ثقافة تحصيل المال باي شكل اما عن طريق اختلاسه من المال العام مما ينهك الدولة ويضعفها او عن طريق اساليب اخري غير شرعية واكثر انهاكا للدولةمن اهمها في الساحل حماية شحنات المخدرات وفي النهايةكل ما ينهك الدولة والنظام يقوي القاعدة والارهاب .
عن قصد او عن غير قصد عمد نظام الحكم في موريتانيا الي وضع خطة  لتعمير صحاري الظهر لتشوش علي المقارنة الذهنية التي يعتمدها مؤطروا القاعدة لإستحضار ماضي ظهور الاسلام مع حاضر جغرافيا المنطقة في مخيلة شباب القبائل المستهدفة وهو عمل يمكن اعتباره بالاضافة الي التواجد العسكري مفيد لحماية يد الدولة من التراخي، الا ان هذه المنطقة عانت مثل نظيرتها في الشمال من الاهمال الشديد رغم ان  الدولة الموريتانية وعت مبكرا حساسية وخطورة جغرافيتها  حين زارها المرحوم المختار ولد داداه رفقة وزير دفاعه ووضع ثقة موريتانيا التامة في المرحوم سيد ولد هنون بل وسلمه حمولة شاحنة من السلاح لمساعدة باسكنو علي الدفاع عن ما اعتبره رئيس الجمهوية انذاك ثغر موريتانيا الشرقي،  هذا التكليف ربما كان احد الاسباب لترك المنطقة لأهلها من طرف الدولة المفضي للإهمال الي ان لمعت فكرة تأسيس مقاطعة أظهر التي تحمس لها الرئيس الحالي محمد ابن عبد العزيز التي قطعت مراحل هامة الا انها اتاحت فرصة عظيمة للطامحين الي التموقع في المقاطعة المنسية والذين لم يضيعوا الوقت حيث تحركوا فورا وتحركت معهم اساليبهم المعهودة .
التقطت اذان كواسر الصحراء ضجيجهم ورصدت عيونها حركاتهم فهم الامل الوحيد بعد ان سور ولد عبد العزيز وجنرالاته الحدود الموريتانية بجيش بعثوه من الرماد.
احداث متفرقة وقعت لم يعرها احد اي اهتمام هي في الحقيقة مؤشر قوي علي ان الجماعات المسلحة في ازواد تعمل علي اختراق تماسك التحالف القبلي الممتد من فصالة الي حدود اظهر الشمالية او تفكيكه وذلك بتحريك قبائل من شمال مالي الي حدود هذا التحالف الجغرافية للاحتكاك  جسا للنبض ومداعبة لمشاعر الحالمين بالنفوذ من قيادات الصف الثاني والثالث الذين يقاتلون للحفاظ علي مراكزهم في انواكشوط ،ان محاولات افراد من الوسرة لحفر بئر هنا او هناك قد يتم اعتبارها احداث ذات طابع قبلي وقعت صدفة ﻻ تهم الرأي العام، بل شأن قبلي داخلي ﻻيليق التدخل فيه لكن الحقيقة هي ان كوكب الازواد ﻻ وقت فيه للصدف والاصل فيه ان وراء كل حدث أيادي خفية تخطط لما هو اعظم ومن خلال كل فرجة تحدث فيه بين شقيقين تمد القاعدة جسر الي
موريتانيا ولهذا يراقبوننا بهدوء.
ان  مقاطعة حدودية يقع علي بعدامتار منها مثل ما يقع قرب باسكنو واظهر ﻻ مجال فيها لاحابيل السياسة واساليبها البركماتية القذرة التي ﻻ يتورع اهلها عن الكيد والكذب والتآمرعلي المصالح العليا بأنانية بغيضة ، ان مقاطعة كهذه يجب ان تكون محصنة  من الداخل قبل الخارج ونصب اعين كل موريتاني وفي كل قلب لانها الطريق الي رخاءنا او شقاءنا.

26. فبراير 2016 - 1:07

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا