وزارة التوجيه والتوجيه / سيد محمد بيات

لكل وزارة أو إدارة مجالها الذي تنشط فيه وتضع له خططا وبرامج للنهوض به
إلا أن وزارة الشؤون الاسلامية  ـ وقد لا تكون وحدها في ذلك ـ مافتئ الوضع فيها على ما هو عليه منذ عقود إن لم نقل إنه ازداد  تدهورا وإهمالا .
فأولى الأولويات لدى الوزارة ينبغي أن تكون رعاية أخلاق المجتمع ، والوقوف في وجه الأخلاق المنحرفة  ، ودعم المؤسسات المرسخة للقيم الإسلامية ،

كالمساجد والمحاظر  والمعاهد الإسلامية التي تصوغ الأجيال وتصبغها بالصبغة الإسلامية . تلك الصبغة التي شرفت بلاد شنقيط منذ قرون عدة ، ورفعت ذكرها عاليا في الشرق والغرب .
إن ظواهر انحلال الأخلاق متفشية في الشارع الموريتاني اليوم , فالسرقة والاغتصاب والقتل والاختلاط في الشوارع وحوالي المؤسسات التعليمية ، والحديث عن بيع الخمور واكتشاف محلاتها متواتر. كما أن الرشوة واختلاس المال العام ظواهر تكاد تقضي على سكينة المجتمع وتماسكه ، ورغم كل هذا لم نسمع أن الوزارة الموقرة اتخذت اجراءات لمواجهة أي ظاهرة من هذه الظواهر! . فأين هي المنشورات والملصقات أو الحملات الإعلامية في الإذاعات والقنوات التي يتحدث فيها طاقم الوزارة ، أو مكلفون من طرفها عن هذه الظواهر ؟ بل أين هو البيان الذي صدر عن الوزارة في أي من هذه الظواهر أو غيرها؟
فلا يكاد المواطن يسمع عن هذه الوزارة إلا في موسم الحج ، أو في شهر رمضان ، حيث تجتمع لجنة الأهلة ! .
أين التوجيه الإسلامي في وزارة الداخلية أو الخارجية أو التعليم أو الصحة ؟ بل أين هو في وزارة التوجيه الإسلامي ؟ أين التعميمات والملصقات التي تدعو عمال الوزارات وطواقمها إلي التحلي بالأخلاق الإسلامية ، كاحترام الدوام ، والزى الإسلامي ،والصدق في المواعيد ، وأداء الواجبات والحقوق ؟ .
زرت الوزارة في السنة الماضية فجلست طويلا أنتظر المسئول الذي فوجئت أنه لم يحضر إلا عند صلاة الظهر ، فلما استغربت فسر لي أحد المطلعين أن غالبية المسئولين من طاقم الوزارة يحرصون فقط على صلاة الظهر التي يحضرها الوزير ليوهموه أنهم جاؤوا إلى الصلاة من مكاتبهم !
مادامت الوزارة أهملت دورها التوجيهي في قطاعات الدولة، فعلى الأقل كان ينبغي ان تهتم بالمعاهد الإسلامية والمساجد والمحاظر. وأهم المعاهد الإسلامية المعهد العالي الذي بذلت الوزارة في الفترة الماضية جهودا مضنية لإغلاقه ، لولا وقفة الطلاب القوية في وجه ذلك!
لم يبق للوزارة إذن إلا الاهتمام بالمساجد أو المحاظر ، وما أدارك ما اهتمامها بالمساجد ؟ لقد كان بعض الائمة يجدون مساعدات سنوية ، هي عبارة عن عشرين ألف أوقية ، فأجهز عليها الوزير الحالي  وقطعها ! كما قطع دعما كان يجده الأئمة في رمضان ، هو عبارة عن مواد غذائية لاتسمن ولا تغني من جوع ! قيل بعد ذلك إن الوزير أراد ان يحصل على المبلغ المالي المخصص لذلك من وزير المالية ، إلا أن الأخير اعترض . وفي مجلس الوزراء و أمام الرئيس ذكر الوزير اعتراضه على وزير التوجيه ، وقال إن تلك المساعدات الرمضانية الأصل أن تخرج مواد ، لا نقودا. وأن الرئيس أقره على ذلك . ومن الغريب أن هذه الوزارة لم تبن مسجدا ولا محظرة في تاريخها , ولم تعط راتبا لإمام ، إلا ما تم أخيرا من اكتتاب أئمة محدودين برواتب زهيدة لاتسمن ولا تغني من جوع .
أما المحاظر فلعل الجميع سمع عن الحملة الأخيرة على المحاظر ، حيث أغلق منها  الكثير! وكانت الوزارة شريكا في ذلك  ! فأرسلت البعثات إلى المحاظر في مختلف الولايات لإغلاق ما ليس (مرخصا )  ! ومتى كانت المحظرة في بلاد شنقيط تحتاج ترخيصا ؟ .
والغريب أن هذه الجرأة على المحاظر تتحول إلى جبن ، إن لم نقل تواطؤا مع المنظمات التنصيرية ، التي تجوب البلاد شرقا وغربا ، وتتصل بالطبقات الهشة . ولها برامج ثابتة مع المرافق التي تؤوي القصر والمهمشين كالسجون وغيرها .
أما الإدارات الجهوية فيتم اختيار مسئوليها في الغالب اختيارا غريبا ! فبدل أن يساعدوا الجهود الدعوية ويرشدوها فإنهم في الغالب ما بين معيق لهذه الجهود أو متمصلح متغافل.
نعم هذه هي وزارة الشؤون الاسلا مية  في الجمهورية الاسلامية الموريتانية تسكت إذا انتهكت قيم الإسلام وأخلاقه  ، وتوجه سهامها إلى المحاظر والمعاهد التي تنشر الإسلام وترسخ دعائمه .

29. فبراير 2016 - 19:10

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا