ذكرني تعامل بعض الساسة والإعلاميين المحسوبين سياسيا على المعارضة مع قضية الوثائق الأمريكية، بالسياسة الارتجالية وغير الموضوعية دائما ودوما للمعارضة الموريتانية، فبعد أن فشلت في تحويل شائعاتها المزيفة إلى شائعات قابلة للتصديق عقلا ونقلا، وبعد عجزها عن تحقيق مطالبها الوهمية
المتعلقة بالرحيل تارة والانسحاب تارة أخرى، يبدوا أنها عازمة على الانتقال إلى مرحلة تصديق الوثائق المسربة الأكثر تزييفا وخرافة، والأكثر خبثا وضررا على سمعة الوطن وكرامته .
فالمتتبع لسياسية صناعة الأفكار من لدن غالبية المعارضة الموريتانية، سيصاب بالحيرة والأسى على مصير مؤسسة ديمقراطية خصصت لها أموال طائلة، وأريد لها أن تكون دعامة للديمقراطية والاستقرار السياسي، وإذا بها مؤسسة لإنتاج الشائعات المزيفة وتصديق الوثائق الكاذبة، والتشكيك في كل المجهودات التنموية للبلاد.
ومن المهم التذكير بداية، أن قاعدة إنتاج الشائعات المزيفة وتصديق الأكاذيب ليست عامة ولا تنطبق على كل المعارضين السياسيين، بل إن من بين رجال ونساء المعارضة أوفياء للوطن صادقوا ما عاهدوا الله عليه منهم من قضى ومنهم من ينتظر، لكنهم قلة وقليل هم المخلصون!، لقد حضرتني وأنا أرتب أفكاري لكتابة هذا المقال العديد من الشائعات المزيفة التي إن دلت على شيء فإنما تدل على تبني المعارضة السياسة لصنع الشائعات المزيفة وتصديق الأكاذيب وتزيف الحقائق، منها على سبيل المثال لا الحصر: الشائعة المزيفة والكاذبة المتعلقة بعجز رئيس الجمهورية عن تأدية وظائفه وما أثارت من ردود وأفعال!، إلى أن كشف الواقع أنها مجرد افتراء، ولله الحمد من قبل ومن بعد؛ علاوة على الشائعة المتعلقة ببيع الحكومة لقواتنا للقتال في اليمن!.
كما تذكرت أيضا الخرافة المضحكة جدا، والمتعلقة بلائحة المدونين في فيسبوك التي تداولها بعض المعارضين على أنها وثيقة مسربة من القصر الرئاسي توحي بمتابعة بعض الناشطين المعارضين في فيسبوك، ناسين أو متناسين أن الهمة الفولاذية لرئيس الجمهورية تجعله أرفع شأنا من البحث عن معارضين له في عالم افتراضي، كما أن سياسته في دعم حرية التعبير لا رجعة فيها!، ومن الملفت للانتباه، أن وثيقة المدونين التي تم تسريبها بحسب إعلام وساسة المعارضة شبيهة جدا بالوثيقة المسربة من الولاية المتحدة الأمريكية، كل منهما غير موقعة!، وكل منهما خرافة حقيقية!، فما هي أهداف المعارضة من سياسة صنع الأكاذيب وتصديق الخرافات؟و لما لا تحترم عقولنا في عدم تصديق مثل هذه الخرافات؟.
إن الوثيقة الأمريكية التي يوحي مضمونها أن الحكومة الموريتانية دفعت أموالا للجماعات الإرهابية مقابل عدم تنفيذ عمليات على الأراضي الموريتانية، لا يمكن تصديقها منطقيا ولا عمليا فالأدلة المادية والعلمية تثبت مما لاشك فيه أن موريتانيا حاربت القاعدة بالرصاص والدم، ولم تدفع الجزية، ولن تدفعها كما زعم بعض ساسة المعارضة المصدقة للخرافات دوما، ولكل من يريد التأكد من عدم صحة هذه الوثيقة الرجوع إلى تقرير قناة الجزيرة القطرية المعنون بعمليات الجيش الموريتاني ضد القاعدة، وكذا العديد من القنوات الأخرى. كما أنه من المهم الرجوع إلى آراء المتخصصين في المجال، حيث نجد أن محمد ولد أبو المعالي المتخصص في الجماعات المسلحة، نفى صحة هذه الوثيقة التي يرى أنها لا تعدو كونها مجرد مشروع مقترح لدى قيادة التنظيم طلبت فيه رأي قيادتها المركزية في تنظيم القاعدة في بلاد "خرسان"، فكل المؤشرات تبرهن على أن موريتانيا لم توقع على دفع الجزية للقاعدة، ولم تدخل معها في هدنة بناء على الوثيقة الصادرة 2010، حيث أن هذا التاريخ وقعت بعده مواجهات عديدة بين الجيش الموريتاني والقاعدة بداية 2011 ونهايتها.
وحتى ولو افترضنا سذاجة ومسايرة لبعض ساستنا وأعلامنا صحة هذه الوثيقة، ألا يكون ذلك دليل حاد على تناقض المعارضة الموريتانية التي أصدرت بيان تندد فيه بالعمليات الاستباقية التي قام بها الجيش الموريتاني ضد القاعدة؟ ألم تقوموا حينئذ بإطلاق الشائعات أن موريتانيا تقوم بالحرب بالوكالة عن فرنسا ؟ ألا تتذكرون بيانكم المحطم لمعنويات الجنود والمهبط لعزيمتهم في محاربة تنظيم القاعدة ؟ أم أنكم أصبتم بمرض "ازهايمر"؟. أليس هدير طائرتنا الحربية وغارتها التي دمرت ما يسمى بالأوكار الآمنة للجماعات الإرهابية دليلا قاطعا على نفي صحة هذه الوثيقة، وعلى سياسة تصديق الخرافات التي يبدو أنكم تعتمدونها بعد أن فشلتم في تحقيق أهدافكم من صناعة الشائعات المزيفة ؟ فبأي حق قانوني يقوم بعض الساسة والإعلاميين بتشويه الحقائق وإعطاء صورة سيئة عن الدولة بشكل فاضح وصارخ إلى حد يدعو إلى الاشمئزاز؟، وهل يعتبر التفكير في تأمين شراء أرواح الموريتانيين وضيوفهم جريمة؟ ما هي حجج بعض الساسة والإعلاميين عند ربهم، يوم لا تخفى خافية، حين تعرض عليهم دعواتهم للفتنة والتحريض عليها، وانتهاك أعراض الناس بالقذف والمهاجمة والهجاء؟ ألم يا ن للمعارضة الموريتانية بعد عجزها عن تسويق مطلب الرحيل والانسحاب أن تقبل المشاركة في الحوار الوطني، الذي دعي إليه فخامة رئيس الجمهورية مرارا وتكرارا حرصا على مصلحة موريتانيا؟.
مهما تعددت الأسئلة التي تبرز بجلاء المعيقات البنيوية للمعارضة الموريتانية، وتناقضاتها ألا متناهية، فإن مواقف الحكومة الموريتانية العلنية في الحرب على الإرهاب، ومحاربة الفساد والمخدرات والفقر، ومخلفات الرق.. لا يمكن طمسها من أي كان، ولا تحتاج إلى وثائق من أمريكا لتصدقها!، ولا بيانات من المعارضة لتثمنها!، أو تشكك فيها كالعادة؛ لأن نتائجها موجودة على أرض الواقع، داخليا وخارجيا!. ولن يمنعنا إتباع المعارضة لسياسة تشويه الحقائق، والنقد غير البناء بطبعه، وزرع اليأس وعدم الثقة في النفوس، من الفخر للانتماء لموريتانيا، والارتياح بالانجازات المهمة التي تحققت وتتحقق في عهد سيادة ريئس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز. نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر : تطوير مقاربة الدولة في تحقيق الأمن العمومي، بناء مطار نواكشوط الدولي (أم التونسي)، إنشاء العديد من الطرق المعبدة في نواكشوط والولايات الداخلية، تأمين الوثائق المدنية من خلا نظام ابيومتري شهد الجميع بجودته، القيام بالإنارة الكهربائية للعديد من المدن الموريتانية ، وإنشاء برامج ناجحة لدعم الفقراء والفئات الهشة ، علاوة على الإنجازات الهامة المتعلقة بمحاربة الفساد والمفسدين وتخطيط العشوائيات في العاصمة نواكشوط ، وبناء الجامعات والمستشفيات ، وإنشاء مجلس أعلى للشباب لإشراكه في الحياة العامة، وتفعيل القضاء العادل، وعصرنة الإدارة العمومية..
وعلى المستوى الخارجي عمل الرئيس والحكومة على تكريس علاقات دولية ممتازة يكون الطرف الرابح فيها موريتانيا!، ترأسنا الاتحاد الإفريقي!، ودول منطقة الساحل !، تصدرنا الدول العربية في حرية التعبير!. ساهمنا في حل أزمات دولية!، ترأسنا قمة للشفافية الدولية !!، وغدا نترأس القمة العربية!، فلماذا كل هذا الإنكار من طرف المعارضة، والتشكيك في نوايا الرجل الوطني؟ ولماذا لا نعطيه فرصة أكثر؟.
مهلا ..مهلا..أيها الساسة المعارضين، اتقوا الله في الوطن وكونوا مع الصادقين، شاركوا في الحوار قبل أن يفوتكم القطار، ترفعوا عن التهكم والأوهام وجلد الذات، والتهافت على سفارات العالم، فموريتانيا التي كانت تتحكم في مصيرها سفارات العالم ولت إلى غير رجعة، وحلت محلها موريتانيا الجديدة، موريتانيا التي تحقق أمنها بجيشها، وتتحكم في مصيرها بنفسها وتسير نحو دروب التنمية والتقدم.