لا أعتقد أن الطائفية ممارسة راشدة لنهج راشد، على الأقل فى نسختها المهجّنة أو المعدّلة .
فهي مجرد أسلوب قمعي إقصائي للمُآلف، إلغائي للمخالف !
فالعقل النخبويِّ فيها لا يرتقي ببعده الفكريِّ عن الإنزلاق فى مهاوي التوتير والتأجيج المذهبي، والمناطقي، فى خطاب تحريضيٍِّ بامتياز، غوغائي حتى النخاع! يشحن
ذهن الأمة المشوّش والمنهك بتفاصيل الخلافات التفريعية، دون أن يوجه طاقاتها لتطوير الذات!
ىعيش هذ العقل على الخلط وعدم الفصل - عمدا - بين الحقائق العظيمة لهذ الدين وبين التراثيات الملوّثة بالشوائب، والتي تُوجّه - حسب الطلب، وبكل الأحجام ولكل المناسبات -وفق الأجندات وصغائر المصالح الضيقة !
لا يفكر هذ العقل لأمة قادرة على الصمود في وجه التحديات العاتية التي تهدد البُنية والروح والإنتماء، بل يُجازف بوجودها الإيجابيِّ، باعتباره عدو لمملكته الإقطاعيّة !
فالجميع أصبح مدركا بأن قادة الفكر ودعاة الطائفية، ورعاتها تشاركوا فى صياغة هذه الأحداث المروِّعة لتسيطر على الساحة ظواهر مرعبة: التكفير، الأسرالعشائريِّ،
السبي المذهبي، التصفية على الهويّة، وانتزاع البيِّنة والإقرار معاً من النيات! لتتصدعٓ الأمّة شاقوليّاً وتتشظى أفقيّا فتتراكمَ عديدُ العوامل:
- الإلتباس الوصفي بين: المفكِّر، المكفِّر، المفجِّر ...
- ظهور العسكرة الطائفية وتشكل الكيّانات العشائرية والمناطقيّة وتنامِي قوة المحيط على حساب المركز المرتكس ليشكل بدوره جزءا من هذ المحيط الغطمطم هرجا ومرجا !
- تهاويِ دفاعات الأمّة: فليس ثمّة من فصيل مُرابط على ثغور الأرض والعِرض لأن الكل منهمك فى إعداد "مسودة شروطه" للحصول على نصيبه!
- تنامِي قوة "الثالوث الفتّاك":البطانة المهترئة فساداً، فقهاءِ" يجوز لنا ضرورةً "،وشيوخ العشائر المتنفذة.
- انهيار مناعة المجتمعات البدويّة الغير مسيّجة أصلا بالوازع الدِّينيِّ
المحاصر في السطح لئلا يتغلغلَ فى العمق الوجدانيّ،والعقليِّ لهذه المجتمعات!
-غيّاب الدولة الإسلامية الجامعة،وضعف الولاء للوطن وللأمّة!
-تنامِي الشعور بالإنتماء للمربعات لإيديولجيّة والمذهبيّة و" الطُّرُقانيّة " فضلا عن الإنطواء تمترسا وتخندقا وتقوقعا لكل جُزيئة من الأمّة المفتّٓتة في وجه الجزيئات الإنشطاريّة الأخرى
-تنامِي تيار الآراء الفقهيّة المختلف عليها على حساب الأصول المتفق عليها!
-اتساع رقعة نفوذ "الكانتونات الخُدّج "جغرافيا،وحضاريا وانحسار منسوب سيطرة الدول
الوازنة لإنشغالها بالمشاكل الداخليّة!
-تنزيل الواقع على الأحكام فى عملية منافيّة لإملاءات الفطرة السليمة مماخلق ضبابيّة فى فهم
روح هذه الأحكام وتشويها لحقائقها.