في موريتانيا نحتاج حرية حزبية وصحفية ؛ وحياة حزبية وصحفية حقيقيتين ؛ ليستا كالذي نحن عليه الآن .
الانخراط في أحزاب والاصطفاف في الاغلبية أو المعارضة ليس معيارا به نستطيع الحكم على حزب بأنه حي أو ميت ؛ ووجود موقع على الانترنت يحاول بكل ما أوتي من قوة أن يكون
في العشر الأوائل شيء يقتل الصحافة ويبعدها من تمثل ماآتاها القانون من هوامش للتحرك .
نريد أحزابا تعبر عن الواقع كماهو ؛ تتكلم حين لاينفع السكوت ؛ أحزابا تقودها نخب وليست نخبا تقودها أحزاب ؛ ولا أحزابا موسمية لا تطفوا على الشاشات إلا حين يقترب موسم أو مؤتمر ؛ الحياة الحزبية في بلدنا مطبوعة بلونين تقليديين أحزاب حركية عصية على الانفتاح على من هم من خارج الحركة وأحزاب سلطة تحت الطلب تمر في سماء الحكامة مر السحاب وتهتم بثمن السكوت أكثر من ثمن الكلام ؛ ولا مجال لغير الفريقين في حياة سياسية ميتة رغم أن قاموسها حي وقوي .
لو عمقت الأحزاب المائة ونيف في موريتانيا حواراتها الداخلية ونصوصها ومواثيقها لاخرجت نخبا حزبية قيادية يمكن أن يؤول إليها الأمر بسلاسة بعد كل انتخابات .
والافتتاحيات الملهمة في صحف ماقبل الانترنت ؛ أصبحت هي الاخرى شكلا من المعلقات الجاهلية وحلت محلها الاخبار العاجلة والتدوين المليوني المتطلع للإعجابات .
أما الحوار السياسي على أعمدة الصحافة والحوارات الصحفية في أروقة السياسية فهو شيء نشاز في بلادنا اليوم.
نحن قوم حكامنا لايكتبون وصحافتنا لاتحكم وليست سلطة رابعة ؛ كل شيء فينا مشخصن ؛ الأحزاب لأشخاص والمواقع لآخرين تعرف منهم وتنكر ؛ حتى إذا ما أراد أقوى الباحثين مراسا سبر أغوار التجربة الإعلامية والسياسية الحزبية في موريتانيا ؛ انفرط عليه عقد الأنماط الكلاسيكية للتصنيف وفضل الصور التذكارية على الريبورتاجات الصحفية .
في الغرب الأوروبي الذي نستنسخ مايدور فيه حذو النعل بالنعل أحيانا ؛ صحافة تحكم وأحكام تصحف وتحصف ؛ ديناميكية في حركة القلم والفكر وطبقات تتجدد وأحزاب تتفكك وأخرى تتشكل واناس محسوبون على آخرين وتناغم بين الصحيفة الفلانية والتيار السياسي الفلاني؛ وبنظرة صباحية على الافتتاحيات تعرف حديث الساعة والمواقف الكبرى من القضايا الكبرى.
أما نحن فكل شيء فينا بالأمزجة وموازين القوى. قضايانا الكبرى مهملة والصغرى مشتتة؛ ومواقعنا الالكترونية أهم من الصحف .
أحزاب وصحافة تستخدم الجار والمجرور أكثر من المبتدإوالخبر وتفضل أن تظل مفاعيل بها بدل أن تفعل .