مما يؤسف له أن الجهل المقنع يكاد يسود في هذه الأمة التي تحمل راية نشر دين البشرية جمعاء، وهو الجهل بالدين، دين الإسلام الذي ينطق لسان حال كل فرد صادق من أفراده بالآية: " قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ". هو جهل بالدين، وبأحكام الولاء والبراء مع الغزاة المؤذيين.
جهل بالدين إلى درجة أصبح فيها أحط اهتمامات الفرد في حياته التي تجره نحو الجنة أو النار.
تعلق البعض ببعض الشيوخ وأبنائهم – الذين لا زلنا نرى دعاياتهم للباطل المغلف بتعظيم الرجال -، رجاء منهم لما لا يُرجى إلا من الواحد القهار. واندفاع أكثرية في أحضان حضارة الغرب المعادي دون تبين وتبصر. ولعل ضعف التوحيد في عالم المسلمين اليوم هو سبب سوء الفهم الحاصل للواقع والدين، والذي نرى نتائجه الوخيمة على المسلمين جميعا، وفي كل مكان، فهم بين حائر ساكت، وناعق بالبدع التي لا تقدم ولا تؤخر.
المسلمون يذبحون ويقتلون تحت أنظار ومباركة الغرب المنافق الذي يكيل بمكيالين دون حياء أو خجل، ومع ذلك الخبث المعلن والوقاحة الفاجرة، ومؤازرة كل عدو للمسلمين، يكاد الأخيرون يتخذون من دينه بدلا لهم، ومن مبادئه أصناما جديدة يتقربون إليها بأنواع الفسق والفجور والخنوع.
وفتح آخرون دكاكينا أسموها منظمات وجمعيات وأحزاب، أسوأها ما تحدث بإسم الإسلام، لأن أصحابه – إلا ما رحم الله – يأكلون الدنيا بالدين، والعياذ بالله.
ظهر بعض المتزحلقين الذين يركبون كل موجة من أمواج الشيطان طمعا في الجاه والمال لا أشبعهم الله، واندس منهم باسم الدين الكثيرون ! ذلك الدين الذي لو عرفوه حق معرفته لأبتعدوا عن استخدامه في تحصيل منافعهم الدنيوية الدنيئة، لهم الويل..
وتأمل في تركيز الغرب على الدعاية – التي يدرس علومها في جامعاته -، كيف صنعوا للمسلمين وللعالم هذه المجرمة التي تسمى داعش، وجعلوها أمام أنظار الكل القاتل والذابح والمتطرف والرجعي، الوحيد المتهم، وأظهروها على أنها تمثل الإسلام من أجل الإساءة إليه في بلدانهم الباردة، لتنفير شعوبهم المستنفرة منه، وفي نفس الوقت هي الحجة الأمثل دائما لإقحام جيوشهم في بلدان المسلمين كما يفعلون الآن، فأي مصلحة تحققها داعش غير مصلحة أسيادها الكفار ؟!
وحتى تفهم كلامي هذا، يجب معرفة أن معادلة داعش لها طرفين، الأول القادة وهم المخابرات الغربية (CIA، الموساد...)، والثاني الأتباع وهو بعض شباب المسلمين المتحمسين لنصرى الدين، الذين لو وظفوا حماستهم تلك في رد البدع والتصدي لأهلها لعاد الإسلام قويا كما كان دون الحاجة إلى تفجير ظالم للنفس وللآخرين، ولكن بالعكس تجد المندفع منهم يرتمي في أحضان الموساد والمخابرات الغربية وغيرها، محققا أوامر الشيطان، ومسهما في تخريب دينه ومجتمعه وأمته، فأي فهم للدين هذا ؟ أي فهم للدين يجعل الحاكم السني المسلم وإن فسق، كافرا مرتدا، ويترك المبتدع الفاجر الكذاب الذي أضلته الشياطين بإسم الصلاح والزهد، فأضل أمة التوحيد ببدعه التي ما أنزل الله بها من سلطان !
وفي ضعف تصدي الشباب المتحمس للبدع وأهلها – وهو ضعف مشاهد، والتصدي هو الأصل إن كانوا حقا صادقين في حماسهم ونصرهم للدين -، وارتمائهم في أحضان داعش – التي تعني الموت والخراب -، ما يكفي للدلالة على قوة الدعاية المسخرة لداعش، والتمهيد لها من طرف أيادي خفية قوية غنية بالدولار، فهي مدعومة من طرف القوى العظمي – وإلا لما استمرت جماعة من الشباب تسكن الكهوف في الوجود حتى اليوم -، حتى قالوا يوما إنها تسيطر على الإنترنت ! وأنى لها ذلك إن لم تكن تابعة لهم، فهم الذين يسيطرون على الإنترنت ويعرفون مداخله ومخارجه لأنهم ببساطة صناعه ؟
هذا إضافة إلى إظهارها والإسلام كشيء واحد، فالإسم الذي يكرر على أسماع الأوروبيين والأمريكيين والصينيين والهنود ليل نهار في الإعلام الآخر، هو: "تنظيم الدولة الإسلامية " !، والزعم أنها تفرض الإسلام شعاءر وشريعة الإسلام التي تحولت في انظار الناس إلى شريعة همجية لما يظهرون من تقطيع للرؤوس والأجساد، في حين أن الإرهاب الحقيق المسكوت عنه، والمغطى عليه بإرهاب داعش، تراه أحيانا على اليوتيوب – لأنه أكثر تحررا وصدقا من كل القنوات الموجهة لتخريب الكفار والمسلمين –، ترى الفظائع التي يتعرض لها المسلمون السنة – والسنة وحدهم - في كل مكان، في العراق، وسوريا، وبورما ووسط إفريقيا، والصين، والهند، وأوربا وأمريكا. كل ذلك تحت أنظار هؤلاء الكفار الذين يزعمون أنهم حملة مشعل الإنسانية الخافت !
ومعلوم أن أحكام موالاة الكفار معروفة في كتب الإسلام الحقيقي – لا إسلام البدع المميع المشوه الذي يجعل الخالق والمخلوق، والمسلم والكافر، شيء واحد -، فالإسلام لا يظلم الكفار كما تفعل داعش المجنونة التي يقودها عقلاء الغرب !، ولا يرتمي في أحضانهم بميوعة كما يفعل أهل البدع، ولا يقدم الدنية لأي كان مهما كان، ولا يقر سننهم التي تحارب من أجل إقرارها كل الأحزاب السياسية عندنا، على قادتها الجهلة من الله ما يستحقون، ولا يستبدل دينه بدين الكفار وأهل لبدع، وطرقهم الضالة في الحياة والممات..
لقد أصبح مما يجعل للبعض ذكرا في أواخر الشياطين: تهيئ بعض الأدوات والظروف، وإن كان المذكور أجهل من حمار أهله - والمقصود بالجهل هنا الجهل بالدين، ولا أعتقد أن من تحقق فيه يعلم شيئا، فمن لا يعرف ربه لن يعرف مخلوقاته - . إن من هذه الأدوات التي ترفع الواحد اليوم: صلابة الوجه (قوة الوقاحة)، وحبذا لو كانت معها شهادة جامعية عليا (كالدكتوراه مثلا)، لأن الواحد إذا لم تكن لديه تلك الشهادة الرافعة الصدئة لن يدخل أبدا في عداد أولياء الثقافة المشؤومين على المسلمين (كأولياء البدع في شؤمهم)..
لقد كاد أغلب الكادحين – كدح السوء في تحصيل المال من أي وجه - يتحولون إلى وحوش مفترسة في سبيل تحقيق مآربهم الشيطانية الآنية، رغم وجود الشهادة العليا لدى أكثرهم، والسبب هو جهلهم بالدين – ولو عرفوه لما اشتغلوا أصلا بالسياسة -، ولا أدل على ذلك من تحجر قلوب بعض الأطباء والممرضين، الذين أصبح الموت والحياة عندهم سواء، يأتيهم المريض في النزع الأخير فيصرون على دفعه للفاتورة السمينة قبل أن يلقوا عليه النظرة الأولى، والعياذ بالله ! وقل مثل ذلك عن كل مجالات الربح التي لا ترحم ولا تعدل..
وإذا تأملت مجال الصحافة مثلا، وقد أصبح وجهة لكل باحث عن لقمة عيش كدرة، ممن لا شهادة له غير الكذب والنفاق والسخف، مثله في ذلك مثل مجال السياسة التافه الذي تصدر فيه أجهل الناس كما هو مشاهد، لا بارك الله في المجالين إن لم ينفعا في إعادة الناس إلى دينهم..
أصبح مجال الصحافة العكر يضم الكثير من الغربان، منهم غربان شابة يافعة أنشط من مردة الشياطين، حفظ الله المسلمين من شرها وهمزها، ولو بحثنا في أصول عطائها لوجدناها "الجوع البدني والنفسي، والوقاحة، والكذب".. كل واحد منهم يكتب ويحلل ويراقب الناس حتى في غرف نومهم إن استطاع، والنتيجة هي أذية المسلمين، وتعلم المزيد من الخبث والوقاحة.. يعتقد الواحد من هم أنه بقلمه المعوج سيغير الكون إذا تحدث عن الترهات التي لا تنفع في دنيا ولا آخرة !
أتصفح المواقع المحلية بحثا عن عنوان مفيد، فلا أجد شيئا، رغم كثرة الناعقين، وبعض المواقع لا تسمح بكتابة حرف واحد يناقض فكرها المطموس إلا إذا كان كاتبه شيطانا رجيما مثل كتابها، ومع هذا يزعمون أنهم يدعمون حرية الرأي ! ألا سحقا لهم ولما يدعمون.. والمضحك أحيانا هو مطالعتك لعناوين بعض مقالات التي تواجهك ، ترى أصحابها يقلدون عنوان متن صوفي بالي مندثر، أو يهولون العنوان حتى تخال أن المقال المكتوب جبل من الجبال، وعندما تدخله تجده غثاء كغثاء السيل !. وأكثر هؤلاء الكتاب المساكين يعتقد أنه يضيف شيئا بذلك الهذر الامتناهي والتفاهات التي لا تقدم ولا تؤخر، بل بعضهم جعل لفكره الضعيف سلاسل مقالات أطول من المسلسلات المكسيكية، فلننتبه لأنفسنا، ولنعد النظر في أسس حياتنا وتحركاتنا، فما خلقنا لنسيان ربنا، ولسلوك سبيل الشيطان، وإن جعله البعض أدبا وسلوكا وسياسة..
اسأل نفسك أيها السياسي، والصحفي، والحقوقي: أين أمسيت وأين ستصبح بعد أن لا يكون صباح ومساء؟ إلى متى ستظل تلهث وراء هذه المصالح الأنانية التي لن تغني عنك شيئا يوم يرميك أهلك في تلك الحفرة المظلمة التي لن ينفعك فيها إلا ما تعلمت من دين وعملت به من صالحات.
اسأل نفسك ما فائدة الكذب والنفاق وتدني الأخلاق السياسية والصحفية والحقوقية ؟ انظر حولك فقد سبقك إلى هذا الطريق المبعد الكثير من الشياطين، فأين هم، وبماذا ارتحلوا إلى ربهم ؟ لا تخالف مبادئك أيها الأشيب المفكر الكاتب المثقف، ولا تضع دينك في رتبة الدون فما في هذه الحياة ما يستحق العناء أكثر منه، وكل ما عداه فهو دون..
لقد أصبح من شروط الظهور التي يجب توفرها في كل خارجي من "خوارج 25 فبراير"، أدام الله بطالتهم إن لم ينتهوا، وسياسي من مستنقع الأحزاب السياسية، وحقوقي من مرضى المنظمات الحقوقية، ومفكر من أغبياء العقل الجاهل الذي لم يهد صاحبه إلى ربه، وصحفي من صحافة النفاق: "صلابة الوجه، وسلاطة اللسان، وثبات الجنان عند الإمتهان"، هذه هي الشروط.. وكل من توفرت فيه يمكنه الظهور عبر القنوات المحلية والدولية، وخصوصا قناة الخنزيرة القطرية التي لا تبحث إلا عن الفاسدين والمفسدين..
وقد يكون الواحد من هؤلاء بعيرا، عفوا، أقصد "دكتورا" موسوما بحرف الدال على وركه الأيمن، فلا تعجب من ذلك فأنت تعيش في عالم السخافة والتفاهة، والجهل الحقيقي – الجهل بأصول كلمة "لا إله إلا الله" -، فليس كل بعير دكتور، وليس كل وطواط صحفي، وليست كل فنانة جميلة فنانة، وليس كل عالم ملتحي عالم. يوجد من الناجحين في الجامعة وما فوقها من نجح بالطرق الملتوية المعروفة، وهؤلاء في الغالب تتوفر فيهم الشروط الأساسية السابقة للظهور، ويكفيهم فقط أن يحصلوا على شهادة حرف الدال الشهيرة التي لا يعرف صاحبها أحكام صلاته ! ويندسوا في مراكز اتخاذ القرار التي قد يصل إليها أي جاهل سخيف يتوفر على قاعدة انتخابية – إن سلمنا بنجاة الإنتخابات من التزوير المحتوم -، ويفرضوا بالتالي على المسلمين إصلاحاتهم النصرانية العبثية.
لم يعد الأمر متعلقا بالعدالة والفقه في الدين، ولا بالشورى واختيار الأفضل والأصلح، ولا حتى بفهم واقع المسلمين المر، بل أصبح متعلقا بالإتباع الأعمى للغرب، وتقليده في كل شيء حتى الكفر والشذوذ.. لقد رأيت في جامعتنا المحلية من حضر يوم الإمتحان، وهو لا يعرف اسم المادة المقررة عليه ! وأعتقد أنه قد أصبح دكتورا شهيرا الآن – من الدكاترة إياهم - إما بالمال أو بالغش المقترن طبعا بصلابة الوجه، وأمثاله أغلبية، وهم سبب هذا العبث الذي نرى في صفوف حملة راية الثقافة المنكسة..
ومن هؤلاء الدكاترة من هو دكتور في "الحياة الليلية للصراصير"، أو في "التجارة الإلكترونية والربوية"، والأخير بدل أن يزاحم التجار في السوق، زاحم المدراء والوزراء في المصالح، وسعى أن يكون أحد أصحاب القرار، والمساهمة بذلك في بيع البلد للشيطان كغيره من المثقفين والسياسيين.. ومنهم من هو دكتور في "الأدب العبري"، أو في "تاريخ السياسة الصهيونية"، أو في "خجل القطط والفئران" !.. ومع هذا فهو دكتور، بروفسور، رمز من رموز الأمة والثقافة والإسلام والمسلمين ! ولو عرف دينه لقلنا لا بأس إن سعى في نصره وإعلاء كلمته، ولكنه يجهله للأسف، والدليل نسيانه التام له ولنصرته، ولو فكر لعلم أنه ما خلق إلا من أجل ذلك.. واسأل أي دكتور من هؤلاء عن تفاصيل دينه، وستجده حمارا – معذرة - فيه، اسأله عن الشعر والأدب والسياسة والقانون والخلاعة الفكرية، وستجده علامة زمانه فيها.. اسأله عن ابن القيم وابن تيمية، وسيحتار إن لم يكن قد قرأ لهما مجلدا أو مجلدين دون وعي أو استيعاب. اسأله عن مارلين مونرو ومادونا، وستجده كالمذياع اندفاعا..
إن مما يضحك، رؤية الصرخات المبحوحة التي يطلقها بعض الكتاب المثقفين في مقالاتهم – النيرة المظلمة -، دعوة للفاشلين من السياسيين والحقوقيين والمثقفين ممن يقال لهم خطأ "نخبة" إلى الإبداع، بدل أن تكون دعوته لهم إلى تعلم الدين والإبداع فيه ! لقد أصبح ذكر التوحيد ونبذ البدع والتحذير من السياسة والحقوق، في هذا الزمن، مجرد تخلف ورجعية وقلة إنجليزية وفرنسية، وجهل بالسياسة الدولية والمحلية، وضعف رقي ونظر وألمعية، واشتغال بما لا ينفع في الدنيا !
لقد دخل رويبضة الإنتخابات المزورة، مجلس الشعب في مصر وتونس، واعترض بعضهم على أصول الدين تحت تلك القباب، ومزق البعض عندنا كتب الإسلام ! وكل يوم تصدمك وجوه مقطعة من الصخور، لا يعرف أصحابها ربهم ولا واقع حياتهم، ولا يهتمون بذلك أصلا. بعضهم يتحدث عن أوباما وفولتير بنفس القداسة التي يتحدث بها عن الرسول والقرآن، ومع ذلك موسوم على وركه الأيسر بحرف "الدال" ! وبعضهم جاهل ولكنه وقح وخطيب، له القدرة على الكلام أمام الجمهور، ومناقشة نظرية النسبية الرياضية على الفضائيات التي تلمعه رغم جهله، ومكانه الحقيقي زريبة الحيوانات.
وبعضهم يتحدث عن السياسية والديمقراطية ليل نهار، حتى أصاب المستمعين بالدوار والغثيان، يسبح بحمدهما في الإذاعات والقنوات دون كلل أو ملل، يحلل نتائج تدخل روسيا في سوريا، ونزاهة أمريكا في العراق، وصدق حزب الشيطان وإيران في نصرة الشيطان، والممانعة الأسدية ضد إسرائيل الفتية !.. ثرثرة لا نهاية لها، وفكر ومصطلحات شيطانية لا معرفة للشرع بها، وأنت، نعم أنت.. جالس أمام قناة الخنزيرة تتابع وحي الشيطان.. يا أخي، افتح مصحفا، أو تفرج على قناة البصيرة أو قناة صفا أو قناة وصال، خير من متابعة ألف خنزيرة وفرنسية وبريطانية.. سألني أحدهم عن مقابلة الرجل الصالح "صالح" صاحب الكرامات الإنقلابية – هداني الله وإياه -، فأجبته بأن وقتي أثمن عندي من تضييعه في متابعة ثرثرة بلا فائدة أو معنى، ولو حدثنا هذا السياسي عن الله ورسوله – إن استطاع – لكنت أول المنصتين إليه، وإنه لمن المخجل أن لا يقدر – أولا يرغب – الواحد من هؤلاء على الحديث عن هموم أهل الدين، أو إلقاء محاضرة من تحت قبة البرلمان بدل تتبع عورات الوزراء المكشوفة كعورته.. وبالمناسبة ما الذي تريده قناة الخزيرة من المسلمين؟ تأمل في عنوانها الكبير: "شاهد على العصر"، أي عصر؟ وأي شاهد؟ أتقصد عصر الإنقلابات، والمظاهرات، والإخوان المخربين، ألا بعدا له من عصر ؟! أيتها الخنزيرة الثرثارة كفاك إثارة للفتن، وبحثا عن الإنقلابات والإنقلابيين، والمظاهرات والمتظاهرين، بلاك الله بانقلاب عاجل يضع القنوات المحلية الوطنية المملة فوق رأسك..
انظر حولك جيدا، قليل من ستراه من الصالحين المصلحين، حتى من العلماء، أغلب المسلمين اليوم يسيرون في دروب من أمرهم الله عز وجل بعدم اتخاذ سبلهم، وحذرهم رسوله صلى الله عليه وسلم من جحر الضب الذي سيدخلونه.. أغلب العلماء يتفرجون على إفساد البدعة للدين أمام أنظارهم وهم ساكتون، لا يتكلمون، لا ينطقون، لا يتحركون، ولكل واحد منهم تأويل، قدم راحته ونجاته على نصرة الدين الذي يقيده بالعلم والمواثيق، ونسي أنه إذا كان من ورثة الأنبياء فعليه أيضا أن يرث بعض معاناتهم مع الناس في سبيل إحقاق الحق وإزهاق الباطل ! أما الرفاهية والغنى والتجول بين الدول، والإستمتاع بالدنيا، وبتعظيم الناس الزائف الزائل، فهذه أهداف من ذكرتهم في هذا المقال من الرويبضة، لا أهداف ورثة الأنبياء، فلينظر العالم جيدا فيما ورثه، لأن البدع تكاد تطغى على المسلمين، تحت راية علمه المنكسة، وهو جالس يتفرج على برنامجه في قناة الخنزيرة !..
لقد انقلبت المفاهيم، فبعد أن كانت المفاهيم إسلامية عربية ذات خلق وحياء، أصبحت نصرانية أجنبية ذات وقاحة وبلاء ! وإذا سرنا على هذا النهج قد ينسلخ أكثرنا من أصوله، وبوادر ذلك ظاهرة في تصرفات بعض كهول السياسة والحقوق، وتصريحات بعض جهلة شباب الحائرين على الشبكات الإجتماعية. فلا بد لنا من صحوة نبدأها بأنفسنا فكلنا أعلم بنفسه، ولا ينقصه غير الصدق مع الله والناس، وأول خطوة في ذلك الطريق اتخاذ ورد من القرآن، يقرأه الواحد يوميا، وسيرى بركة ذلك، وتعلم دينه الصحيح الخالي من ظلمات البدع – ولدي محاولة عرض لدروسي المتواضعة ملخصة بأيسر الطرق في موقعي الشخصي أدعوكم إلى مطالعتها-.
وللقرآن قوة عجيبة، فقد لاحظت خلال بحث على الإنترنت عن فيديوهات المهتدين الأجانب إلى الإسلام، أن أكثرهم دخل هذا الدين العظيم بمجرد سماعه للقرآن ! فقلت سبحان الله، حقا إنه كلام الله ! وهي طريقة أنتهجها أحيانا مع بعض الأجانب الذين أحاول التعرف بهم عبر بعض البرامج في الدعوة إلى الإسلام، أختار لهم تلاوة مؤثرة وأطلب منهم الإنصات إليها فقط، بحجة أنها مريحة ومزيلة للقلق والهموم – وتلك حقيقة -، فما على المسلم إلا الإرشاد، أما الهداية فبيد الله وحده، وقراءتنا المتواصلة للقرآن تساعدنا في عدم نسيان ديننا، وتُحل البركة في أعمارنا وعقولنا..
أعتقد أن سبيلنا الوحيد إلى الصفاء والراحة، والرقي بعد ذلك، هو الرجوع إلى هذا الدين العظيم، وتقوى الله، قال الله تعالى: " وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا "، نعم، لن يخذل الله من نزع حب الدنيا المزيغ والمزاحمة عليها من قلبه، فلننتبه لديننا ولنحذر من أعدائنا الكفار – هذه حقيقتهم -، فلن يرضوا عنا حتى نتبع ملتهم كما أنبأنا ربنا، ولو عدنا إلى الدين لكفانا ما فيه في التحذير منهم، لكن أين العائدون ؟..
إن المتأمل لحال المسلمين اليوم يعتصره الألم لما يشاهد من ضياع وفساد. حتى انتقاد بعض هذه الظواهر الشيطانية الطاغية المستجدة كالديمقراطية مثلا، أصبح في نظر الأكثرية جهلا وتخلفا ورجعية، ولعل بعض الدكاترة المساكين يتساءلون الآن: وما هي شهادة هذا الغراب المنتقد للثقافة وأهلها الغير مباركين ؟!
لقد أصبحت الديمقراطية دينا، وأصبح الطعن فيها طعنا في ثوابت الأمة وعقلها الممسوس، وحطا من إنجازات المعارضة، وجحدا لبركات الإنتخابات المزورة، وتسفيها لآلاف البرامج الحوارية السياسية التافهة التي أضاعت أعمار المشاهدين، وتشويها لبرنامج الحكومة الديمقراطي التحرري الذي لا علاقة له بالديمقراطية والتحرر من قريب أو بعيد !
لقد عرف أعداء الإسلام كيف يغزون هذه الأمة الغافلة اللاهية التي طغى عليها الجهل والبدع حتى أصبح العلماء فيها يعدون على رؤوس الأصابع، والدليل أن العالم الذي لا يفرق بين بدعة وأصل، جاهل ! وأكثر الموجود منهم اليوم قد شوشت عليه المفاهيم الغربية والشيطانية البدعية الإبليسية، وأسوأ منهم في ذلك نجوم القنوات من الدعاة الصغار - دون العلماء بأميال - الذين يفرحون بالكاميرا والأضواء، وببناء المنظمات لجلب الأوقاف والمساعدات، والتحالفات السياسية الدينية، والسكوت عن البدع، والدعوة إلى تسفيه وانتقاد الحكام، بحجة إحقاق العدل والحكم بما أنزل الله، وهم إنما يسعون من خلال ذلك إلى إحقاق الباطل والحكم بما أنزل الشيطان، والأمثلة على انحرافاتهم كثيرة على الإنترنت.
لقد أثرت هذه القنوات والفضائيات على بعض الدعاة الذين يفترض فيهم العلم بالدين والإخلاص لله حتى تحول بعضهم إلى نجوم فضائيين يتحدث الواحد منهم مع الكاميرا باحترافية كما يتحدث الممثل الفاسق معها ! بل انحرف بعضهم، وبان ضعفه العلمي، وظهرت شطحاته العقلية اللاشرعية، ومناصرته للبدع وأهلها خصوصا الإخوان الذين يدعون إلى فساد وتخريب البلدان من خلال الخروج على الحكام المسلمين الذين لهم على كل مسلم عاقل السمع والطاعة حفاظا على أهله، وحفظا للأمة من الضياع الذي شاهدناه في بعض بلدان المسلمين اليوم..
كان الهدف الأساسي من هذا المقال التذكير بأساس هذه الحياة، والتحذير من البدع المقيتة، ومن تصدر الرويبضة في آخر الزمان – كما هو ثابت في الحديث -. أرجو ألا يثير حساسية المثقفين وغيرهم، فما هو إلا رأي أعرضه على دعاة احترام الرأي الآخر والحرية والديمقراطية..