الحق أن الدعوة إلى السلم ﻻبد معها من الدعوة إلي العدل، وأن اطفاء الحرائق يبدأ بإطفاء المظالم، واﻷمة تنتظرمن علمائها أن ينتموا إليها، وأن يرفعوا قضاياها، وأن يطالبوا حكامها بالعدل واﻹصلاح ، قبل أن يطالبوها بالطاعة، وأن يبينوا حقوقها وأماناتها، كما يبينوا واجباتها، و قبل أن يعلنوا أن منع
الخروج علي الظلمة من ثوابت الدين ، وأن يتبنوا خطابا عادﻻ ﻻمائلا ، وشام ﻻ ﻻ منتقيا، ومتوازنا ﻻمتحاملا ، إن العدل جل جلاله قبل أن يقول { يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعواالرسول وأولي اﻷمر منكم } قال جل وعلا { إن الله يأمركم أن تؤدوا اﻷمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل } فلم ﻻ نسمع موعظة الله للحكام يرفع بها العلماء حناجرهم، قبل أن يرفع المتطرفون عليهم خناجرهم { إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا }
لم ﻻ يقف العلماء موقف عدل بين اﻷمة وحكامها، وذوي اﻹختلاف من طوائفها، في مسافة واحدة من الجميع، ويدعوا الجميع إلى القول الفصل الذي جعله الله المرجع حين يخل أي طرف بالواجب أويضيع حقا، وجاء به بعد بيان حقوق الكل وواجباته { فإن تنازعتم في شيء فردوه إلي الله والرسول إن كنتم تومنون بالله واليوم اﻵخرذالك خيروأحسن تأويلا } إن على العلماء أن يأخذوا مسافة من الحكام ومعارضيهم من مكونات اﻷمة المتنوعة، ويخاطبوا الجميع بكلمة سواء، ويقفواعلى منابرالجميع ، ويحضروا مشاهد الجميع، أو يغيبوا عن الجميع، ويتخذوا المنابرالخاصة بهم، ويراعوا في الخطاب هموم الجميع، وحقوق الجميع، وواجبات الجميع ، ويحاوروا الجميع، ويجادلوا الجميع ، وبذلك يحققون كل سلم ، ويطفئون كل حريق ، ويمثلون الطبيب الماهر الكيس ﻷمة أقعدتها العلل واﻷمراض المعضلة ﻷمة أثخنتها الجراح ، والمعلم الحكيم ﻷمة تتلمس القيادة العلمية الجادة المستقلة الناصحة اﻷمينة ، والداعية الرشيد ﻷمة تاهت في الحيرة شيبا وشبابا، وفرقتها الفتن شيعا وأحزابا، إن العلماء ما لم يلتزموا هذا النهج ويسلكواهذا الطريق سيظلون في واد واﻷمة في واد، وفي كوكب والشباب في كوكب ،وفي مجرة والحق والسلم والعدل في مجرة غير مجرتهم، وستظل جهودهم جعجعة ﻻ طحين لها، ولن يحققوا للحكام مبتغاهم ، ولن ينالوا من الشباب ثقتهم ،وسيفشلون في توجيههم واﻷخذ بأيديهم، وستنفض اﻷمة أيديها منهم، وأعظم من كل ذالك يفشلون في أداء اﻷمانة التي ائتمنواعليها
هدانا الله جميعا لماا ختلف فيه من الحق بإذنه، وجمع الكلمة، ووحد الصف، ودرأ الفتنة ،فلا ملجأ وﻻ منجي منه إﻻ إليه.