المرجفون في المدينة ؛ أعداء للسلام / حمزه ولد محفوظ المبارك

لا يُفوِّت المُعتاشونَ على العلف الفكري الفاسد فرصة للإساءة إلى
العلماء و أصحاب الفكر و الرأي ممن لا يوافقون خندقهم السياسي و الاديولوجي , بل و ينبرون بمناسبة و بغير مناسبة  لتسفيه كل الجهود و التضحيات التي تأتي من خارج إطارهم الحزبي المقدس مستخدمين 

في ذلك ما  لَذَّ و طاب لهم و اشتهت أنفسهم المريضة من قذف و سب و شتم و رمي بل أنواع المنكرات و الوساوس و الأذية , يتفننون في صنوفها على مرأى و مسمع من كبرائهم الذين يشدون على أيديهم و يشحذون ألسنتهم و أقلامهم حيث يكون الدين في ذلك مفصَّلا على مقاس غاياتهم الرديئة .

على الذين ينفرون من دعوة العلماء للسلام بين المسلمين و صون دمائهم و أعراضهم و بلدانهم أن يقدموا بدائل مقنعة تضمن للخليقة مآلات تتوافق و فطرة الإسلام الرحيم و أن يحاججوا بما يتوافق و نصوص الشرع دون عصبية و لا حميات جاهلية تلبس لبوس شعارات لا صلة لهم بها !

عندما يلتبس السلام و الاستسلام على البعض و يعجزون عن استيعاب مضامين و
فحوى دعوة السلم , فحري بنا في هذا المقام أن نصوب لهم , فنقول إن
الاستسلام الحقيقي هو إسلام العقل و الجوارح لممتهني عبودية التسيس
الأعمى و الذين يعملون على حشر العقول في مكبات العلف الفكري تحييدا لها
عن الشراكة في خلق طريق و سلوك مشتركين , و هذا الفعل المميت تمارسه بعض
الحركات المصبوغة ببريق شعارات لا تسري أبعد من واجهة سطحية أهم معالمها
الصراخ و الغليان و الاندفاع !

السخرية من العلماء و الأئمة و الجرأة عليهم بغوغائية ممنهجة من سفاء لا
ينضبطون بغير الحمية الحزبية و أساليب التفضيل الباطلة و الندية الوهمية
بين هذا الإسم و ذاك , هي في طبيعتها مجرد مناورات على جرف التشويش و
الهمجية , لكنها أيضا من صميم ( العمل الإسلامي و الالتزام الديني )
المغشوش و واجهة وقحة للأهداف (النبيلة) التي يكذب بها هؤلاء المساكين
على أنفسهم , عندما يتغامزون و يتهامزون  بما سموه بتعويضٍ عن علم و فكر
الأئمة المشاركين في ملتقى يهدف لإشاعة ثقافة السلام و محاربة الغلو و
التطرف و كأن القيمة العلمية و الفكرية في كل عمل نبيل تقاس بقيمة نقدية
مسبوقة الدفع كما في دستورهم !

إن من سنن الله تعالى أنه لم يجعل العلم حفظا جامدا و لا عقلا راكدا , بل
هو تحصيلٌ مع إعمال العقل و حضور القلب , و سعيٌ في مناكب الأرض - تدبرا
و اختبارا و تجريبا , فهما و تنقيحا و تصحيحا , مراجعة و تصويبا - , و
توبة تتجدد و استغفار به يُتعبَّد و إصلاحٌ بين الناس و رحمة تنتشر و جنة
هي المأوى , فلماذا تنزعجون من كل ما من شأنه الإصلاح بين المسلمين ؟ و
كيف تخلطون بين دعوة السلم بين المسلمين و مسالمة أعداء الإسلام و
المسلمين ؟!

يكتب الواحد منهم في ثياب الواعظين عن خطر الطائفية في تسمية ( مؤتمر
علماء السنة ) , و هو الذي سكنت أوداجه وحل الطائفية التكفيرية التي بلغت
الآفاق و أهلكت الحرث و النسل !

أيها الواعظ أما ترى أن تكفيركم لحكام المسلمين على أساس حزبي و اديولوجي
و ذبحكم للناس بفتاوى شَرَّعت أكل الأكباد و استباحت دم الشهيد " البوطي
" في مسجده و جمعته و مجلس علمه , و وصفكم له و لغيره من أئمة المسلمين
بعمائم السوء الناقعة ..... أما ترى طائفية و شذوذا في كل هذه المنكرات
حتى ترمي بها من يأخذون بحجزكم من النار ؟!

جبروت الطغاة أيها الجهاديون - ضد المسلمين - لا يُكسر بضلال الغلاة و لا
ببغي البغاة و لا بعبث الجناة و لا بوساوس الحفاة العراة و لكم في فسادكم
في الأرض عبرة !

تسوية المظالم أيها المخطوفون لا تكون بحمل السلاح في وجه أوامر السماء و
( لن يشاد هذا الدين أحد إلا غلبه ) !
الخروج على أوامر الله تعالى و انتهاك حرمات المسلمين بالقتل و التشريد و
هدم البنيان , كلها وسائل ضياع تزيد المظالم و تراكم الأوجاع و لا تحقق
عدلا و لا تجلب حرية .

خلايا الاعتدال و هرمونات التسامح لا ينفر منها إلا أصحاب الطفرات و
الشذوذ الذين لا يؤمنون بقوانين الطبيعة و لا بالسنن الكونية , الذين
يخيل إليهم أن عواطفهم المتأثرة بهرمونات التأويل الفاسد و الفهم السقيم
و الاسقاطات العبثية هي الحل لمشاكلهم التي تنشأ في العقول أولا , و ليس
من الغريب أن تذهب بهم إلى أبعد الحدود في النفور من شريعة السلم و العدل
و الاحسان و أن تورطهم في مجابهة الأوامر الربانية !!!

هؤلاء تعوزهم السكينة التي تَبني في القلوب حصونا ضد العبثية و الحروب ,
فيشتَمُّون خطرا داهما في كل ما يتصف بالاصلاح بين الناس !

من الواضح أن دعوة السلم باتت هي الأقرب للقلوب و العقول السليمة , و أن
دعاة القتل و الأحقاد قد بدأت الأرض تضيق عليهم بما رحبت فليصرخوا كما
يشاءون وليتطاولوا بما يملكون و ما لا يملكون , فباطلهم ساعة و الحق إلى
قيام الساعة .
 

28. مارس 2016 - 1:24

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا